بعد تصريحات أوائل الثانوية العامة.. كيف تستعد التعليم لمواجهة مراكز الدروس الخصوصية؟
الخميس، 19 يوليو 2018 12:00 مكتب ــ محمد أبو النور
تكررت تصريحات أوائل الثانوية العامة- الصادمة- هذا العام، وعلى نفس منوال تصريحاتهم خلال السنوات العشر الماضية، أنهم اعتمدوا على الدروس الخصوصية طوال العام، بل منهم من يبدأ عامه الدراسي من الأجازة الصيفية، ضيفا دائما ومترددا على «السناتر»، أو «السنترات»، أو مراكز الدروس الخصوصية، وبالتالي عدم اعتمادهم على المدارس والمدرسين بها، وهو ما يؤكد أن «السناتر» قد سحبت البساط من تحت أقدام المدارس الحكومية الرسمية.
وأصبحت «السنترات»، هي صاحبة الكلمة العليا في العملية التعليمية بمرحلة الثانوية العامة، كذلك تحديد أوائل الطلاب بهذه المرحلة، وهو الأمر الذي دفع وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني لإعلان الحرب على هذه المراكز.
بداية الدروس الخصوصية
كانت بداية الدروس الخصوصية في السبعينات، وكانت تظهر على استحياء وخجل، وكان المدرس الذي يٌعطى الدروس الخصوصية لا يُعلن عن ذلك على الملأ، بل كان الاتفاق يتم مابين المُدرس وأحد التلاميذ أو الطلاب، على أن يتولى هذا التلميذ أو الطالب «الوسيط» إبلاغ باقي الطلاب بمكان وموعد والمقابل المادي للدرس.
ويذهب الطلاب خفية واحدا وراء الآخر إلى المكان،سواء كان هذا المكان هو شقة المدرس أو مكان آخر مُتفق عليه بين التلاميذ أو الطلاب والمُدرّس، وقد يكون بعيداً عن بيت أو شقة المدرس، وكان الطالب الذي يتلقى الدروس الخصوصية يخجل من الحديث عن ذلك، وكأنه يرتكب شيئاً مشيناً في حق نفسه.
وكان في الغالب هو الطالب الضعيف غير القادر على الاستيعاب في المدرسة، أو ربما يكون طالباً في غير احتياج للدرس الخصوصي ولكنه يخشى أن يظلمه المدرس في أعمال السنة والشهور، فيبادر بأخذ الدرس الخصوصي حتى يأمن تعنت المُدرس في إعطائه حقه من الدرجات.
مولد «السنترات»
وشيئاً فشيئا، ومع الامتداد والتوسع العمراني، وكثرة المدرسين والطلاب، وارتفاع كثافة الفصول، وتدنى رواتب المدرسين مقارنة بارتفاع الأسعار، بدأ المدرسون في البحث عن وسيلة تجمع عددا كبيرا من الطلاب في مكان واحد، ترشيدا للوقت والجهد ونفقات التنقل، بدلاً من «اللف»، والدوران طوال النهار، على التلاميذ والطلاب في منازلهم «كعب داير» حتى وقت متأخر من الليل،وبعدها يعود المُدرس إلى منزله وأسرته مُنهكا. ويستيقظ متأخرا عن الحصص الدراسية الأولى بالمدرسة التي يعمل بها.
وكان الحل لكل هذه المشاكل، يكمن في مراكز الدروس الخصوصية، التي بدأت تنتشر في أواخر التسعينات، ثم توسعت وتوغلت حتى صارت مثل السرطان، في أحياء المدن والمراكز والمحافظات، وطالت القرى وانتشرت بها أيضا، وأصبحت- حاليا- لها إعلانات ولافتات مضيئة وبالألوان، كذلك للمدرسين الذين يُلقون المحاضرات أو الدروس الخصوصية على الطلاب.
«هِر» اللغة الألمانية
كما غطت إعلانات المدرسين عن أنفسهم والمواد التي يقومون بتدريسها، جُدران المباني الخاصة والحكومية والمصالح والشركات، فهذا المدرس فلان الفلاني «هِر» اللغة الألمانية، ذاك «سيبويه» اللغة العربية، والثالث «أرسطو» الفلسفة والمنطق، والرابع «نيوتن» الفيزياء، والخامس (فلان الفلاني) عبقرية اللغة الإنجليزية، والسادس «فلتة» عصره في الرياضيات. وهكذا لتغطية حوالي 12 ألف مركزا للدروس الخصوصية على مستوى الجمهورية، تلتهم أكثر من 15 مليار جنيها من ميزانيات الأسرة المصرية حسب إحدى الدراسات الاقتصادية.
«التعليم» تواجه الدروس الخصوصية
من ناحيتها اتخذت مديريات التربية والتعليم على مستوى الجمهورية، كافة التدابير اللازمة لمواجهة الظاهرة، وأكد الدكتور طارق شوقي، وزير التربية التعليم والتعليم الفني، على مكافحة الدروس الخصوصية والعمل على الحد منها، بمجموعة من الإجراءات، والتي تشمل تفعيل القرار الوزاري رقم (53 لسنة 2016)، بشأن مجموعات التقوية لجميع المراحل التعليمية. ومتابعة تنفيذها بكل دقة والإعلان عنها في أماكن واضحة، واختيار المعلمين الأكفاء والمتميزين للمشاركة في هذه المجموعات.
كما شملت الإجراءات أيضا تنظيم قوافل تعليمية مجانية لطلاب الشهادتين الثانوية العامة والإعدادية، يحاضر فيها صفوة خبراء المواد الدراسية لإلقاء المحاضرات الدراسية على الطلاب، وتفعيل الأنشطة لترغيب الطلاب في الذهاب إلى المدرسة وعدم العزوف عنها وإعادة الثقة بين المجتمع والمدرسة، وحظر إعطاء دروس خصوصية بأي حال من الأحوال داخل المدرسة أو خارجها، وإلا تعرض للمساءلة القانونية.
وتضمنت الإجراءات أيضا غلق مراكز الدروس الخصوصية التي تعمل بدون تصريح، بالتنسيق مع المحافظة والأحياء وفقاً للضبطية القضائية، وتوقيع بروتوكول مع إذاعة جنوب الصعيد لإذاعة برامج تعليمية لطلاب الشهادتين الإعدادية والثانوية، وإنشاء قناة تعليمية خاصة بالمديرية على «اليوتيوب» لبث المواد الدراسية للمرحلة الثانوية مباشرة من داخل الفصول.
كما شملت الإجراءات كذلك، الإعلان بكافة المدارس عن القنوات التعليمية ومواعيدها، وإجراء حوار مجتمعي مع مجالس الآباء والأمناء، للتحذير من مخاطر الدروس الخصوصية وسلبياتها، وتنظيم ندوات تثقيفية لأولياء الأمور، بالمنيا والدقهلية، عن ضرورة عودة الطلاب إلى المدرسة وتوعيتهم بأهمية دور المدرسة، والقضاء على الدروس الخصوصية، علاوة على التركيز مع مدرس الفصل، في جنوب سيناء؛ لأنها الأقل كثافة بمدارس الجمهورية، وبالتالي سيكون الطلاب ليسوا بحاجة إلى الدروس الخصوصية.