تزامنا مع امتحانات الثانوية.. هل تنتهى أزمة الدروس الخصوصية بنظام التعليم الجديد؟
الجمعة، 22 يونيو 2018 10:00 م
منذ سنوات والدولة تبحث عن حل لمشكلة تفشى ظاهرة الدروس الخصوصية، إلا أن الأمور تتعقد يوما بعد يوم، إما لعدم قدرة الدولة وحدها على الحد من تفاقم الظاهرة، أو لأن الطلاب تعودوا على الدروس الخصوصية كبديل عن المدرسة، وأصبحت الأزمة أكثر من كونها مشكلة تعليمية، حيث أصبحت صداعا فى رأس أولياء الأمور والمسئولين عن العملية التعليمية على حد سواء، كما أنتجت أزمة مادية كبيرة داخل معظم بيوت المصريين.
وحول حجم المشكلة، كشفت دراسة أعدها مركز معلومات مجلس الوزراء، أن ما بين 61- 77% من طلاب المدارس يحصلون على دروس خصوصية، وأن ذلك يكلف الأُسر المصرية نحو 15 مليار جنيه سنويا، كما أكد تقرير برلمانى أن الدروس الخصوصية ساهمت فى تخفيض معدل النمو، وقلصت دخل الفرد المصروف على السلع والخدمات، ولذلك شكلت وزارة التربية والتعليم لجنة لوضع مشروع قانون لتجريم الدروس الخصوصية، تمهيدا لعرضه على الحكومة، ومن ثم البرلمان، ليتم إقراره بعد مناقشته، لمعاقبة المعلمين المخالفين وأصحاب المراكز.
إن تغيير طريقة تقييم الطلاب بمختلف المدارس فى نظام التعليم الجديد قد يقلص من ظاهرة الدروس الخصوصية كما يقول وزير التعليم، حيث إن التوسع فى استخدام التكنولوجيا بالمدارس والاعتماد على التابلت قد يجعل الطالب أكثر قدرة على الاستذكار بأكثر من طريقة، وقد لا يلجأ إلى الدروس الخصوصية لتعدد البدائل امامه، كما أن تطوير عملية التقييم "الامتحانات" قد يقلل من قيمة الدروس الخصوصية التى تقوم بالأساس على توصيل المعلومات للطالب بطريق الحفظ وليس الفهم، وقد يساعد ذلك على تقليص حجم الظاهرة، ومن ثم القضاء عليها نهائيا فى المستقبل القريب.
وفى سبيل تفعيل وزارة التربية والتعليم والتعليم الفنى للضبطية القضائية لأعضاء الشئون القانونية بالوزارة والمديريات التعليمية، وبالتنسيق مع المحافظات ورؤساء الأحياء والشرطة، من أجل تقليص حجم الظاهرة، أصدرت الجهات المعنية خلال الفترة الأخيرة قرارات بغلق أكثر من 400 مركز للدروس الخصوصية فى عدة محافظات، على رأسها القاهرة والجيزة، وأكد أعضاء بمجلس النواب أن الفترة الماضية شهدت تعاونا مثمرا بين المحافظين ووزارة التربية والتعليم، لإغلاق مراكز الدروس الخصوصية بمختلف المحافظات، مشيرين إلى أن بعض المحافظين يتخذون عدة إجراءات قانونية أخرى كقطع المرافق عن المراكز التى تم غلقها، لضمان عدم عودتها لاستقطاب الطلاب مرة أخرى.
يأتى حديثنا اليوم عن ظاهرة الدروس الخصوصية متزامنا مع امتحانات الثانوية العامة، والتى تعد أكثر مراحل التعليم عبئا على الدولة والطالب والأسرة على حد سواء، وفى ظل الإعداد لمنظومة تعليمية جديدة يتغير من خلال تطبيقها نظام الثانوية العامة، ومحاولات مستميتة من جانب المؤسسات المعنية والمسئولين لرأب الصدع بين المدرسة والطالب، وإجراءات لتحويل تلك المرحلة التعليمية الهامة من "بعبع" يخيف الطلاب إلى مرحلة إعداد وتأهيل الطالب نحو مستقبل أفضل.
هناك آراء أخرى حول المنظومة الجديدة للتعليم تشير إلى أنها ستزيد من تفشى ظاهرة الدروس الخصوصية، حيث يقول النائب عبد الرحمن البرعى، عضو لجنة التعليم والبحث العلمى بمجلس النواب، إنها ستحمل الأسرة مزيدا من الأعباء المالية، موضحا أن التطوير الجزئى لنظام الثانوية العامة بنظام تراكمى على 3 سنوات سيزيد من أعباء الأسر، متسائلا: "كيف نطبق نظام جديد فى الثانوية العامة على طالب تعود على التعليم التقليدى بالإعدادية والابتدائية"، مطالبا بضرورة التعامل مع الواقع، وألا نعتبر الثانوية العامة حقلا للتجارب، بينما يطالب النائب محمد بدراوى عوض، بضرورة إقرار ضريبة على الدروس الخصوصية، مشيرا إلى أنه حسب الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء فإن المصريين ينفقون 35 مليار جنيه سنويا على الدروس.
وفى هذا السياق، يقول خبراء التعليم، إن الطلاب نوعين، أولهما يعرف طريقه جيدا نحو التفوق دون الاستعانة بالدروس الخصوصية، وثانيهما لا يستطيع التحصيل من خلال المدرسة أو حتى الكتاب وحده، وإنما تعود على اللجوء إلى الدروس الخصوصية والتلقين الانفرادى من أجل التحصيل، ومن بين صفوف الطلاب القادرين على التخلى عن الدروس الخصوصية والاعتماد على المدرسة بجانب الاستذكار بالمنزل دون مساعدة "معلم خصوصى" نجد آية عبد الناصر، الطالبة الحاصلة على المركز الأول فى الإعدادية بمحافظة أسيوط، والتى تقول إن فصول التقوية المدرسية كانت عاملا أساسيا فى حصولها على المرتبة الأولى، حيث إنها لم تستعن بالدروس الخصوصية، وكانت أمنية أسرتها دافعا أمامها للوصول إلى هذه النتيجة، وعلى النقيض تماما، يؤكد ولى أمر طالب ثانوى فى أسوان أن نجله فى الصف الثالث الثانوى "شعبة رياضة"، وأنه شهريا يتحصل على 1800 جنيها للدروس الخصوصية فقط، موضحا أن تلك المبالغ تعد جزءا أساسيا من مصروفات المنزل الضرورية، مشيرا إلى أنه معظم أولياء الأمور أيضا يلجأون إلى الاقتراض كل شهر لتوفير متطلبات الأسرة.