الشائعات الكاذبة.. كيف تحمي الدولة الرأي العام بالإجراءات الجنائية؟
الأربعاء، 18 يوليو 2018 05:00 م
تشكل الشائعة ضغطاً اجتماعيا مجهول المصدر يحيطه الغموض والإبهام، وتحظى من قطاعات عريضة بالاهتمام، ويتداولها الناس لا بهدف نقل المعلومات، وإنما بهدف التحريض والإثارة وبلبلة الأفكار وتستهدف القناعات الراهنة للرأي العام والمستقرة في ذهنية المتلقي بغية التهيئة لغايات معينة، يتوقف سريانها كما يرى عالم النفس «مونتغمري بلجيون» على الشك والغموض في الخبر أو الحدث، فحينما تعرف الحقيقة لا يبقى مجال للشائعة.
وتتعامل السياسات الجنائية مع السلوك المجرم بكافة التدابير والإجراءات المستخدمة، بما في ذلك الوقاية والمنع والتجريم والعقاب، واستجابة لمتطلبات التجريم والعقاب ولما تحدثه الشائعات من تأثير كبير في الرأي العام وانعكاساته على المجتمع والسلم الأهلي فقد جرم القانون الشائعات الكاذبة.
والشائعة: هي خبر أو مجموعة أخبار زائفة تنتشر في المجتمع بشكل سريع وتُتداول بين العامة ظناً منهم على صحتها، ودائماً ما تكون هذه الأخبار شيقة ومثيرة لفضول المجتمع والباحثين وتفتقر هذه الشائعات عادةً إلى المصدر الموثوق الذي يحمل أدلة على صحة الأخبار.
وقد تعامل القضاء تطبيقا مع مرتكبي جرائم الشائعات بكل حزم نظرا لصرامة النصوص المجرمة والتي يرجع في اسباب تشريعها إلى عنصرين أساسيين : التأثير السلبي للشائعة على الرأي العام و تجاوزها لحدود ممارسة الحق المقرر بمقتضى القانون.
وتؤسس الشائعة ركنها المادي المكون للجريمة على عنصري «الخطر والضرر» والعلاقة السببية التي تجمعهما لتكوين النتيجة الضارة، يرافق ذلك قصد جرمي لدى الفاعل المروج للشائعة مفاده الادراك والعلم بما يقوم به.
اقرأ أيضا: «حرب الشائعات».. الفرق بين الشائعة والبلاغ الكاذب ومتى تصل العقوبة للإعدام؟
وبالاطلاع –حسب الخبير القانونى والمحامى بالنقض، أشرف سعيد فرحات، على النصوص العقابية الواردة في قانون العقوبات المصرى فإن به باب عن الجرائم المضرة بـ«أمن الدولة» من الداخل، ويتضمن بيان كامل عن الشائعات وعن ترويج الشائعات وعن الأضرار التي تصيب المجتمع من هذه الشائعات ويوقع عقوبات على مرتكبها.
وبالنسبة لبعض النصوص الواردة بقانون العقوبات المصري التى تمثلت فى التالى: المادة 77 من قانون العقوبات المصري نصت على : «يعاقب بالإعدام كل من ارتكب عمدا فعلا يؤدى إلى المساس باستقلال البلاد أو وحدتها أو سلامة أراضيها».
مادة 77 د: «يعاقب بالسجن إذا ارتكبت الجريمة في زمن سلم، وبالأشغال الشاقة المؤقتة إذا ارتكبت في زمن حرب».
كل من سعى لدى دولة أجنبية أو أحد ممن يعملون لمصلحتها أو تخابر معها أو معه وكان من شأن ذلك الإضرار بمركز مصر الحربى أو السياسى أو الدبلوماسى أو الاقتصادى، فاذا وقعت الجريمة بقصد الإضرار بمركز البلاد الحربى أو السياسى أو الدبلوماسى أو الاقتصادى أو بقصد الإضرار بمصلحة قومية لها اكنت العقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة في زمن السلم والأشغال الشاقة المؤبدة في زمن الحرب .
ولا يجوز تطبيق المادة 17 من هذا القانون بأى حال على جريمة من هذه الجرائم إذا وقعت من موظف عام أو شخص ذى صفة نيابية عامة أو مكلف بخدمة عامة .
مادة 78 : «كل من طلب لنفسه أو لغيرة أو قبل أو أخذ ولو بالواسطة من دولة أجنبية أو ممن يعملون لمصلحتها نقودا أو أية منفعة أخرى أو وعدا بشئ من ذلك بصد ارتكاب عمل ضار بمصلحة قومية يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تزيد على ما أعطى أو وعد به وتكون العقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة وغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تزيد على ما أعطى أو وعد به إذا كان الجانى موظفا عاما أو مكلفا بخدمة عامة أو ذا صفة نيابية عامة أو إذا ارتكب الجريمة في زمن حرب».
«ويعاقب بنفس العقوبة كل ما أعطى أو عرض أو وعد بشئ مما ذكر بقصد ارتكاب عمل ضار بمصلحة قومية، ويعاقب بنفس العقوبة أيضا كل من توسط في ارتكاب جريمة من الجرائم السابقة .
وإذا كان الطلب أو القبول أو العرض أو الوعد أو التوسط كتابة فان الجريمة تتم بمجرد تصدير الكتاب» .
مادة 78 أ: «يعاقب بالإعدام كل من تدخل لمصلحة العدو في تدبير لزعزعة إخلاص القوات المسلحة أو إضعاف روحها أو روح الشعب المعنوية أو قوة المقاومة».
اقرأ أيضا: من فضلك انتبه.. الأرز البلاستيك حقيقة ووصل إلى نيجيريا
مادة 80 جـ: «يعاقب بالسجن كل من أذاع عمدا في زمن الحرب أخبارا أو بيانات أو شائعات كاذبة أو مغرضة أو عمد إلى دعاية مثيرة وكان من شأن ذلك كله إلحاق الضرر بالاستعدادات الحربية للدفاع عن البلاد أو بالعمليات الحربية للقوات المسلحة أو إثارة الفزع بين الناس أو أضعاف الجلد في الأمة .
وتكون العقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة إذا ارتكبت الجريمة نتيجة التخابر مع دولة أجنبية.
وتكون العقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة إذا ارتكبت الجريمة نتيجة التخابر مع دولة معادية.
مادة 80 د: «يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن 100 جنيه ولا تجاوز 500 جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل مصرى أذاع عمدا في الخارج».
وبالاطلاع على النصوص العقابية الواردة في قانون العقوبات العراقي المرقم 111 لسنة 1969 المعدل المتعلقة بجريمة بث الشائعات الكاذبة باعتبارها من الجرائم الخطرة الماسة بأمن البلد نرى بانها حددت الشائعة المغرضة في زمن الحرب حيث نصت المادة 179_1(يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على عشر سنين من اذاع عمدا في زمن الحرب اخبارا أو بيانات أو شائعات كاذبة أو مغرضة أو عمد الى دعاية مثيرة و كان من شأن ذلك الحاق الضرر بالاستعدادات الحربية للدفاع عن البلاد او بالعمليات الحربية للقوات المسلحة أو اثارة الفزع بين الناس أو اضعاف الروح المعنوية في الأمة).
ونصت الفقرة الثانية على ان تكون العقوبة السجن المؤقت اذا ارتكب الجريمة بنتيجة الاتصال مع دولة أجنبية فإذا كانت هذه الدولة معادية كانت العقوبة السجن المؤبد، و في المادة 180 من قانون العقوبات العراقي ( يعاقب بالحبس كل مواطن اذاع عمدا في الخارج اخبارا او بيانات او اشاعات كاذبة او مغرضة حول الاوضاع الداخلية للدولة و كان من شأن ذلك اضعاف الثقة المالية بالدولة او النيل من مركزها الدولي او باشر بأية طريقة كانت نشاطا من شأنه الاضرار بالمصالح الوطنية، و تكون العقوبة السجن مدة لا تزيد على سبع سنوات اذا وقعت الجريمة زمن الحرب )، كذلك المادة (304) من قانون العقوبات والتي جاءت تحت عنوان الجرائم الماسة بالاقتصاد الوطني والثقة المالية للدولة فنصت على ما يلي : (يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين وبغرامة لا تزيد على مائتي دينار او بإحدى هاتين العقوبتين كل من اذاع بطريقة من طرق العلانية وقائع ملفقة او مزاعم كاذبة وهو يعلم بتلفيقها او بكذبها وكان من شان ذلك إحداث هبوط في اوراق النقد الوطني او أضعاف الثقة في نقد الدولة او سنداتها او اية سندات أخرى ذات علاقة بالاقتصاد الوطني او الثقة المالية العامة).
اقرأ أيضا: هل تصل عقوبة الإساءة للمنتجات الزراعية كالشروع في القتل؟.. اعرف التفاصيل
والشائعات المجرمة ترتبط بتكديرها الرأي العام واعتدائها على الأمن العام للدولة وزعزعة الثقة بها وبمصالحها الحيوية التي تشكل مرتكزاتها الداعمة وأهمها الاقتصاد والعملة والأمن الداخلي.
ويتداخل كثيرا مفهوم الشائعات الكاذبة مع جرائم القذف التي تقوم على إسناد واقعة معينة إلى الغير بإحدى طرق العلانية، وكانت الواقعة غير صحيحة وهو ما نجده تطبيقاً في الشكاوى التي تقام على الغير الذي يرتكب الجريمة بواسطة شبكة الاتصالات ومواقع التواصل الاجتماعي وبخاصة ضد الأشخاص الذين يتولون مناصب في الحكومة او الدولة أو أشخاص معروفين كالفنانين والأدباء ورجال الدين وغيرهم والحاجة ملحة لوجود تشريعات ضابطة للسلوك المرتكب بواسطة وسائل الاتصال الحديثة ومواكبة التطورات التقنية في عالم الاتصالات ومشروع جرائم المعلوماتية إحدى التشريعات المهمة لردع السلوك المجرم والترويج للأخبار والشائعات الكاذبة و ما أكثرها اليوم في مواقع التواصل الاجتماعي.