اعتمد عليها هتلر في قتل يهود أوروبا.. كيف يؤثر نشر الشائعات على حياة الشعوب؟
الأربعاء، 18 يوليو 2018 02:00 ممحمد فرج أبو العلا
تطلق الشائعات فى أوقات معينة لتحقيق أهداف محددة فى زمن قياسى، مثل استخدامها فى أوقات الحرب وأثناء التظاهرات أو الفيضانات والكوارث، أو خلال فترة ارتفاع الأسعار، كما أنها تستخدم أيضا فى إحداث تغييرات مفاجئة فى العلاقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتصوب نحو كيانات ومؤسسات، أو أشخاص اعتبارية كرئيس الدولة، أو الحكومة.
أهداف نشر الشائعات
استخدام الشائعات له أهداف عديدة تتماشى مع طبيعة ورغبات ومآرب مثيروها، فمنها ما هو يهدف لتحقيق أرباح مالدية مثل ما حدث فى عام 2009 عندما تفجرت إشاعة مدوية بالسعودية حول احتواء ماكينات الخياطة «سنجر» على مادة الزئبق الأحمر، ما أدى إلى وصول أسعار هذه الخرد إلى مئات الآلاف من الريالات.
وهناك شائعات تقف وراءها رغبات وأهداف سياسية، كما حدث أثناء اشتعال الثورة الليبية، حيث أشيع وقتها أن الزعيم الليبى السابق معمر القذافى هرب من ليبيا، لإثارة الفوضى وضرب البلاد وغيرها من الأهداف السياسية الأخرة التى تقف خلف الستار، ما اضطر القذافى للتصوير أمام سيارته، ليؤكد للشعب أنه مازال موجوداً فى ليبيا.
أقوى أسلحة الحزب النازى
كانت الشائعات من أقوى الأسلحة التى اعتمد عليها الحزب النازى، وكانت لها أيديولوجية سياسية تهدف كما يقول هتلر إلى غزو العالم، حيث استطاع الإعلام الحربى الألمانى أن يدخل نظام الدعاية التى خططت بشكل متطور على يد وزير الدعاية الألمانى "جوزيف جوبلز" من خلال وسائل الإعلام الحربى، واعتمدت على المنشورات، والإذاعة، ومكبرات الصوت، بشكل يثير الغرائز الأولية للفتك والتدمير.
ركزت الدعاية النازية بعد الغزو الألمانى للاتحاد السوفييتى على عدة شائعات منها ربط الشيوعية السوفيتية بـ«يهود أوروبا»، وذلك بالنسبة للمدنيين سواء فى الداخل أو فى الخارج، وبين الجنود وضباط الشرطة والمساعدين غير الألمان، الذين يخدمون فى الأراضى المحتلة من أجل الهدف نفسه، وظلت الأفكار والشائعات تدور حول الحرب الألمانية ضد "الخطر اليهودى – البلشفى"، خاصة بعد هزيمة الألمان فى «ستالينجراد».
القتل الجماعى ليهود أوروبا
استطاع هتلر من خلال نشر الشائعات فى حرب "الدعاية" أن يصل لهدفه الذى تمثل فى إقناع الألمان النازيين وغير النازيين، إلى جانب المتعاونين المحليين، بفكرة القتال حتى آخر لحظة وآخر قطرة دماء، حتى تم تنفيذ ما يسمى بالحل النهائى، وهو القتل الجماعى ليهود أوروبا، حيث تمكن الجيش الألمانى المتقدم بمشاركة مجموعات القتل من عناصر القوات الخاصة الألمانية سحق وقتل اليهود والشيوعيين بصورة منظمة، كما تركوا نحو مليونى أسير ليموتوا جوعا.
الدعاية الألمانية وتحديدا حرب الشائعات التى استخدمها «هتلر» كانت فى قوتها مدفعية سيكولوجية تستخدم كل ما من شأنه أن يصدم ويزعزع الكيان، حيث استطاع النازيون أن يحققوا انتصارات كبيرة جدا فى ميدان الدعاية، فإلحاق الهزيمة بالنمسا وتشيكوسلوفاكيا بدون معركة، وانهيار البناء العسكرى والسياسى لفرنسا، كان قبل كل شئ انتصارا للدعاية النازية أو ما يعرف بحرب الشائعات.
حروب الجيل الرابع
أصبحت الشائعات فى وقتنا الحالى أحد أهم أدوات الحروب أو ما يطلق عليها «حروب الجيل الرابع» التى تعتمد على نشر الأكاذيب والأخبار المغلوطة من أجل تحقيق أهداف معينة سواء سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية، حيث تنجح هذه الحروب فى الدول النامية والفقيرة، حيث تنتشر الشائعات بشكل أسرع وبصورة أكبر بين غير المتعلمين والبسطاء، لأنه قلما يسألون عن مصدر المعلومة.
قد ترجع أسباب نجاح مطلقى الشائعات فى تحقيق أهدافهم إلى انعدام المعلومات، وندرة الأخبار التى يتم تصديرها للشعب من جانب المسئولين كل فى قطاعه واختصاصه، حتى يكون على بينة مما يدور حوله من أحداث وأعمال تؤثر على حياته ومستقبله، وقد يكون بسبب كثرة وسائل الاتصال والتطور التكنولوجى المزهل الذى نعيشه الآن.
من يطلق الشائعات فى مصر
وفى مصر، انتشرت الشائعات بشكل كبير خاصة فى الآونة الأخيرة، حيث تروج الجماعات الإرهابية والدول المعادية للدولة المصرية العديد من الشائعات التى تمس الأمن الداخلى والخارجى، وتهدف لضرب الاستقرار ونشر الفوضى، كما أن قيادات الإخوان الهاربين فى قطر وتركيا أيضا لا يتوقفون عن نشر الشائعات التى تستهدف إثارة الرأى العام ضد الحكومة وأجهزة الدولة المختلفة.
إن مسئولية مواجهة الشائعات قد لا تتحملها الدولة وحدها، فهى حرب خفية أدواتها معلوماتية تتخذ من وسائل الإعلام المختلفة ووسائل التواصل الاجتماعة جبهة حربية، وتنطلق حتى تحقق أهدافها أو يتم التصدى لها، وتبذل الحكومة جهدا كبيرا فى الرد على الأكاذيب والأخبار المغلوطة من خلال المتحدثين الرسميين للوزارات، ومركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء.
يجب على جميع فئات المجتمع أيضا أن تساند الدولة فى التصدى لحرب الشائعات، حيث يجب علينا كأفراد فى هذه الدولة التى تطمح فى التقدم والارتقاء بالمواطن، مواجهة انفعالاتنا السلبية بقوة وجسارة، وحينما نسمع أى خبر غير مؤكد علينا أن نفترض حسن النية دائماً، ومن الحكمة ألا نصدر أى سلوك أو نصدر أى قرار يستند على معلومات مضللة غير موثوق فى مصدرها.
اقرأ أيضا: