علم النفس يحل اللغز.. لماذا يتبجح الفاسدون ولا يخافون؟
الجمعة، 13 يوليو 2018 12:00 ممحمد أسعد
لا يمر أسبوع إلا وتعلن هيئة الرقابة الإدارية، وغيرها من الهيئات الرقابية، والأجهزة الأمنية عن ضبط أحد المسئولين لتورطه في قضايا فساد وعدوان على المال العام، وأصبح الجميع تحت طائلة القانون، أياً كان منصبه، فالوزير والمحافظ وقيادات في عدد من الوزارات والهيئات الحكومية سبق ضبطهم في قضايا فساد، ولا يوجد أية استثناءات لأحد.
وتنص المادة 218 من الدستور على أن تلتزم الدولة بمكافحة الفساد، ويحدد القانون الهيئات والأجهزة الرقابية المختصة بذلك. وتلتزم الهيئات والأجهزة الرقابية المختصة بالتنسيق فيما بينها في مكافحة الفساد، وتعزيز قيم النزاهة والشفافية، ضماناً لحسن أداء الوظيفة العامة والحفاظ على المال العام، ووضع ومتابعة تنفيذ الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد بالمشاركة مع غيرها من الهيئات والأجهزة المعنية، وذلك على النحو الذي ينظمه القانون.
ولا يتوقف شكل الفساد الذي تحاربه هيئة الرقابة الإدارية على الرشوة ولكن يمتد ليشمل أشكال أخرى الفساد ما بين الاختلاس والاستيلاء وتسهيل الاستيلاء على المال العام، والتربح، والإضرار بالمال العام والغش في عقود التوريد واستغلال النفوذ وجرائم التزوير في المحررات الرسمية، وجرائم الكسب غير المشروع، والتهرب الضريبي والجمركي، وجرائم غسل الأموال والغش التجاري.
ورغم مئات القضايا التي تم الإعلان عنها، خلال السنوات القليلة الماضية، والتأكيد على أن الجميع يقع تحت طائلة القانون، وهو ما رأيناه بالفعل مع ضبط وزير الزراعة الأسبق وتورطه في أحد القضايا وإحالته للمحاكمة، بالإضافة لضبط محافظون ونوابهم، وقيادات في عدد من الوزارات والهيئات والجهات الحكومية، إلا أن السؤال الذي يظل يتردد لماذا لا يخاف البعض، ولماذا يصمم بعض المسئولين على ارتكاب وقائع فساد وخيانة الأمانة الموكلة إليهم، وكان آخرهم رئيس مصلحة الجمارك الذي تم ضبطه في قضية رشوة.
وفي العام 2014، وضعت اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة الفساد، خطتها للقضاء على ظاهرة الفساد، "خطة 2014 – 2018"، وهي الخطة التي ستنتهي بنهاية العام الجاري، وسيتم وضع خطة جديدة لمكافحة الفساد لعام 2018- 2022 وذلك للوصول لأعلى مستوى فى مواجهة الفساد.
تقول الدكتورة سوسن فايد، أستاذ علم النفس السياسى بالمركز القومى للبحوث الجنائية والاجتماعية، إن الفساد ليس بظاهرة جديدة على المجتمع المصري، فهو متوغل منذ سنوات عدة، والجديد هو محاربته بشكل جدي من قبل الدولة، ووضع استيراتيجية حقيقة لمواجهته، فزاد الإعلان عن الضبطيات والقضايا والقبض على الفاسدين.
وترى أستاذ علم النفس السياسى بالمركز القومى للبحوث الجنائية والاجتماعية، أن بعض المسئولين والموظفين تعايشوا مع الفساد والحصول على الرشاوى، واعتبروها جزء من رواتبهم وحق لهم.
وألقت الدكتورة سون فايد، اللوم على الدراما والسينما والتي ترى أن بعض الأعمال منها صورت الفاسد والمرتشي على أنه بطل وفهلوي، بالإضافة إلى تبرير الحصول على رشاوى واستحلال المال العام.
كما ترى أستاذ علم النفس السياسى بالمركز القومى للبحوث الجنائية والاجتماعية، أن بطء الفصل في القضايا وإصدار الأحكام الجنائية يتسبب في عدم تحقيق الردع العام، مما يجعل البعض لا يخاف من الحصول على رشاوى.
وسعت الدولة للقضاء على الفساد والمحسوبية داخل القطاع الحكومى، وتتبنى من خلالها خطتها الاستيراتيجية العديد من المبادئ التى من أبرزها ترسيخ مبدأ المساءلة والمحاسبة دون أى مجاملة أو تميز، وإعطاء رسالة قوية بأن محاربة الفساد والوقاية منه مسئولية مشتركة لكل سلطات الدولة والمجتمع.
والمبادئ الرئيسية التى استندت إليها الخطة الإستراتيجية لمكافحة الفساد تقوم على عدة محاور أبرزها مبدأ التزام الدولة متمثلة فى موسساتها الرقابية من الجهاز المركزى للمحاسبات وهيئة الرقابة الإدارية، والنيابة الإدارية والنيابة العامة بمحاربة الفساد، لإرساء مبادئ الشفافية والنزاهة وسيادة القانون والارتقاء بمستوى أداء الجهاز الحكومى والإدارى للدولة وتحسين الخدمات الجماهيرية، طبقا لبنود دستور 2014.
واستندت الخطة إلى ضرورة مراعاة مبدأ الفصل بين سلطات الدولة الثلاث "القضائية والتشريعية والتنفيذية"، والالتزام الكامل بالتعاون بينهم لتنفيذ سياسة مكافحة الفساد، بالإضافة إلى احترام حقوق الإنسان والمساواة بين جميع المواطنين أمام القانون، وتحيقيق مبدأ المساءلة الذى بمقتضاه تكون سلطات الدولة مسئولة عن القيام بواجباتها فى تفعيل الإستراتيجية، حيث إن الأولوية للمصلحة العامة يضطلع ممثلو الموسسات العامة بواجب مراعاتها حتى تكون مقدمة على أى مصلحة أخرى.