هل تعلم أن الرقابة الإدارية كانت أحد أقسام النيابة الإدارية في السابق؟
الأحد، 03 يونيو 2018 12:07 م
الواقع والحقيقة يؤكدان أن الرقابة الإدارية عند إنشائها كانت احد أقسام النيابة الإدارية وكان اختصاصها مقصور على كشف المخالفات الإدارية التي تقع من الموظفين العامين بالمعني الضيق.
وعند صدور القانون رقم ٥٤لسنة ١٩٦٤ أعطي المشرع للرقابة الإدارية اختصاص جنائي في ضبط جرائم الفساد التي تقع من الموظفين العامين متي استهدفت المساس بسلامة أداء الوظيفة العامة في جميع الجهات التي تسهم فيها الدولة.
ولم يكن اختصاص الرقابة الإدارية يشمل آحاد الناس ما لم يكونوا أطرافا في الجرائم التي ارتكبها الموظف العام أو استهدفت الجريمة المساس بسلامه أداء واجب الوظيفة العامة، ولكن صدر القانون رقم ٢٠٧ لسنة ٢٠١٧ حيث نص علي أن الرقابة الإدارية هيئة مستقلة تتبع رئيس الجمهورية مباشرتا ومنحها ومكنه من ضبط جرائم الفساد كافة و الحفاظ علي أموال الدولة العامة والخاصة (المادة الأولي) ولو لم يكن مرتكبها موظف عام وبالتالي انسحب اختصاص الرقابة على آحاد الناس.
كما نص المشرع علي أن اختصاص الرقابة الإدارية يشمل التحري في كافه الجهات سواء المدنية أو الحكومية «المادة» ونص كذلك علي أن: « اختصاص الرقابة الإدارية يشمل جرائم الحصول علي ربح أو محاوله الحصول عليه باستغلال آحاد الناس لصفه أحد الموظفين العموميين أو أحد شاغلي المناصب العامة أو أسم أي جهة تساهم الدولة فيها بمال (المادة ٤)».
اتسع نطاق اختصاص الرقابة الإدارية ليشمل ضبط جرائم التعامل في النقد وزرع الأعضاء والأنسجة البشرية والاتجار بالبشر، كل هذا التوسع في اختصاص الرقابة الإدارية ينطوي عليه معاونة وسلب عدد من الاختصاصات الأخرى منوط بها ذلك مثل مباحث الأموال العامة والمباحث الجنائية.
وعن إشكالية التفرقة بين اختصاصات كل منهما، قال ياسر سيد أحمد، المحامى بالنقض والخبير القانونى، أن كلاهما يختص بالمشاكل الإدارية بين الموظف ومديره في قطاع الحكومة خاصة في حالة التعنت وكلاهما أيضاَ يلجأ الموظف في حالة رغبته في شكوى مدير إذا كان يمتلك جميع المستندات.
وأضاف «أحمد» فى تصريح لـ«صوت الأمة» أن هناك اختلافا كبيراَ بين الجهتين من حيث الاختصاصات، مؤكداَ أن النيابة الإدارية قُرابة الستون عاماً مضت تعمل جاهدة في خدمة الوطن، حاملةً أمانة القضاء التأديبي في مصر، مبتغية من رسالتها إصلاح الجهاز الإداري للدولة، والذي يبقى دائماً وأبداً هو معيار تقييم المواطن البسيط ورجل الشارع العادي لأداء أي حكومة حيث أن المواطن البسيط قد لا يبالى بالأداء السياسي للدولة خارج حدودها، ولكنه يظهر اهتماماً بالغاً بأداء الدولة داخل المصالح الحكومية، وكيفية تصديها للفساد المستشري في جسد الجهاز الإداري، وقدرتها على استئصال ذلك الورم الخبيث.
ومن هنا تظهر أهمية الدور الذي تلعبه النيابة الإدارية في معركة الوطن ضد الفساد.
النيابة الإدارية هي الهيئة القضائية المنوطة بالتحقيق في المخالفات والجرائم التأديبية، كما أنها تضطلع بدور سلطة الاتهام، وسلطة الادعاء الوحيدة أمام المحاكم التأديبية، ليس ذلك فحسب بل تقوم أيضًا بدور سلطة الطعن على أحكام تلك المحاكم السالفة الذكر أمام المحكمة الإدارية العليا؛ حيث تقوم بإخضاع الأحكام الصادرة من المحاكم التأديبية للمراجعة والفحص بهدف التحقق من صحة قيامها بإنزال حكم القانون على النحو الأمثل على الجرائم المنظورة أمامها.
والنيابة الإدارية تباشر أعمالها القضائية نيابةً عن المجتمع بأسره، أسوة بدور النيابة العامة في تمثيل المجتمع في الجرائم الجنائية، لذا كفل لها القانون الاستقلال التام عن كافة كيانات الدولة التنفيذية؛ بُغية أن تتحقق حيدة أعضاءها بعيداً عن دائرة تأثير و سطوة كبار الموظفين بأجهزة الدولة.
تتفرد النيابة الإدارية – من بين أجهزة الدولة المتعددة المختصة بمكافحة الفساد – باعتبارها هيئة قضائية وفى تقديمها ضمانات جوهرية للموظف العام تضمن حيدة التحقيق ونزاهته، هذا إلى جانب أليات مكافحة الفساد المختلفة التي تتبعها بكل دقة وصرامة ومنها ما يلي:
1-ما يتمتع به عضو النيابة الإدارية من حيادية واستقلال عن الجهة الإدارية؛ مما يوفر للموظف ضمانة جوهرية هي تمتعه بالحق في مساءلة عادلة، ونزيهة، منذ اللحظة الأولى في التحقيق؛ لإدراكه التام انه أمام جهاز قضائي يباشر عمل قضائي بمنأى عن الجهة الإدارية.
2-ما يتَبعُه عضو النيابة الإدارية من إجراءات قضائية وقانونية خلال الاستجواب، وسماع الشهود، وفحص الأدلة، وجمعها، وإجراء معاينات، وتشكيل لجان، ومواجهة المتهم بما يُسند اليه، لاسيما مع افتقادنا لقانون إجرائي في المجال التأديبي، مما يجعل من ضمير القاضي التأديبي وسعيه للعدل هو الضمانة الأهم للموظف المتهم.
3-تمتلك النيابة الإدارية نظرة أكثر شمولاً وأكثر عمقاً من تلك التي تمتلكها النيابة العامة فيما يخص المخالفات والجرائم التأديبية، فهي لا تكتفي بتحديد المسئولية وتوقيع العقاب على الجناة، بل تتقصى وتقتفى جذور الخلل والعوار الذي أفضى إلى وقوع مثل هذه المخالفات والجرائم، ولا تقف عند هذا الحد بل تبدأ في صياغة الحلول العملية والتشريعية للحد من الفساد.أى أنها تختص بنظر المخالفات المالية و الإدارية التى لا تشكل جريمة جنائية وفى حالة وجود جريمة جنائية يتم إحالة الموضوع إلى النيابة العامة ، أما الرقابة الإدارية.
وعن الرقابة الإدارية، قال الدكتور أحمد الجنزورى، أستاذ القانون الجنائى بجامعة عين شمس والفقيه الدستورى، أن للرقابة الإدارية ماهية واختصاصات جاءت كالتالى:
تعريف الرقابة :
وظيفة من وظائف الإدارة تعنى بقياس و تصحيح أداء المرؤوسين لغرض التأكد من أن الأهداف و الخطط الموضوعة قد تم تحقيقها فهي وظيفة تمكن القائد من التأكد من أن ما تم مطابق لما خطط له.
يعرفها هنري فايول «…تنطوي الرقابة على التحقق إذا كان كل شيء يحدث طبقا للخطة الموضوعة و التعليمات الصادرة و أن غرضها هو الإشارة إلى نقاط الضعف و الأخطاء يقصد معالجتها و منع تكرار حدوثها و هي تنطبق على كل شيء معدات أفراد أفعال».
ويعرفها الدكتور سعيد محمد عبد الفتاح «….الوظيفة التي تحقق توازن العمليات مع المستويات و الخطط المحددة سلفا و أساس الرقابة هي المعلومات المتوفرة بين أيدي المدراء .
وهي الوظيفة التي تهدف إلى تأكد كل رئيس أو قائد أن ما تم إنجازه من أعمال هو ما قصد إنجازه.
وأضاف «الجنزورى» فى تصريح خاص أن من هذا يمكن أن نبين أن عملية الرقابة تتضمن أمرين :
1- التحقق من مدى إنجاز الأهداف المرسومة بكفاية .
2- الكشف عن المعوقات التي قد تتعرض تحقيق الأهداف و تعديلها و تقويم الانحرافات
خطوات الرقابة :
تتضمن الرقابة ثلاث خطوات أساسية هي:
1- تحديد المعايير : هي المقاييس الموضوعة التي تستخدم لقياس النتائج الفعلية أي أنها الوسيلة التي يتم بمقتضاها مقارنة شيء بشيء أخر و قد تكون هده المعايير مادية فهي تعتبر بمثابة نقاط أو أوجه قياس معينة يتم اختيارها للدلالة على إنجاز البرنامج أو الخطة المعنية بحيث أن قياس الأداء عن طريقها يعطي للقائد صورة محددة عن مدى سير العمل و تختلف معايير الأداء باختلاف المستويات التنظيمية و تتمثل هذه المعايير فيما يلي:
-كمية العمل المطلوب إنجازه.
-مستواه النوعي.
-الزمن اللازم لأدائه.
2- قياس الأداء: قياس الأداء الفعلي و مقارنته بالمعايير السابق وضعها ففي الواقع تظهر كثير من الاختلافات و الاختلالات في تنفيذ المهام كما كان مخططا لها في مستوى الأداء للأفراد أو الإدارات المختلفة فيقصد بذلك مقارنة النتائج المحققة بالمعدلات الموضوعة سلفا فهو تقييم الإنجاز الذي يتم عن طريق وسائل متنوعة منها التقارير الإدارية و الشكاوي و التفتيش .
3 – تصحيح الانحرافات عن المعاير و الخطط :و يقصد بذلك الأخطاء و الانحرافات التي تسفر عنها عملية قياس الأعمال السابقة فإن عملية مقارنة أداء المخطط تمكن من رصد الانحرافات و بتالي محاولة تصحيحها و قيام المدراء باتخاذ إجراءات لعلاج الانحرافات فهذه العملية هي الخطوة تلتقي فيها الرقابة بباقي الوظائف الإدارية الأخرى فعن طريق العملية الرقابية يمكن للقائد أن يغير الخطط أو إعادة توضيح و تعريف الأفراد بالمهام و الواجبات المخولة لهم فلا يجب النظر للرقابة على أنها عملية مستقلة و منفصلة عن باقي الوظائف الأخرى بل يجب أن تعمل داخل إطار واحد يجمع كامل الوظائف الأخرى (التخطيط.التنظيم.التوجيه).
و يمكن التمييز بين نوعين من الإجراءات التصحيحية :
الإجراءات (قصيرة الأجل) :يتم التصرف السريع و العلاج الفوري للانحراف التي تكون قد ظهرت في إحدى المستويات فيلجأ القائد إلى القيام بالأعمال و اتخاذ القرارات التي تتماشى مع الوضع الراهن .
الإجراءات الوقائية (طويلة الأجل) : بعد علاج الأخطاء بصورة سريعة و إرجاع الأمور إلى ما هو مخطط يلزم الأمر اهتمام أكبر و أعمق بالأسباب و التعرف على الإجراءات التصحيحية طويلة الأجل لتفادي حدوثها في المستقبل
أى أنها منوط بها الكشف عن الجرائم وتقديم مرتكبيها إلى النيابه العامة أو النيابة الإدارية على حسب الاحوال .