على أبواب محكمة بروض الفرج والسيدة زينب وإمبابة وعين شمس، وقف عددا من الرجال، وربما كانت دموعهم أقرب لأن تغرق باحات المحكمة، يشكون مما قد يراه البعض شبه مستحيل، من عنف نسائهم.
على مدار السنوات الماضية، وقفت العديد من النساء أمام محاكمة الأسرى يشكون من عنف الرجال، وأنهم يعيشون في مجتمع ذكوري، ولكن الغريب في الأمر، أن تلك الفترة شهدت نساء رفعن شعار: «إن كيدهن عظيم»، وعذبوا رجالهم حتى أنهم لجأوا للقضاء لينصرهم على نساء تسلحن بالعنف ونسوا رقتهم وأنوثتهم.
1065 زوجا.. هو الرقم التقدير للرجال الذين لجأوا للقضاء وفق مكاتب تسوية المنازعات، يشكون من جبروت زوجاتهم ضدهم والتعدي عليهم ضربا بالسلاح الأبيض والناري، وأحيانا السم والحرق، بعد نشوب خلافات زوجية بينهم.
وفق الرصد داخل مكاتب التسوية أكد الأزواج بعد إقامة (655) محضرا خلال العام الحالي بأقسام شرطة: «إمبابة، والطالبية، والوراق، والدقي، وعين شمس، والسيدة زينب»، بسبب تعدى زوجاتهم عليهم وإقدامهم على تعنيفهم لأسباب ترجع إلى الأنفاق وتدخل الأهل والعلاقة الزوجية وأحيانا دون سبب.
وتراوحت أعمار الأزواج ما بين الـ(28-35) عام بنسبة (55%)، فيما احتلت أعمار الأزواج (35-45) نسبة (45%)- وفقا لمكتب التسوية.
«إن كيدهن لعظيم.. لقد تعرض للخداع وسلب شقي الغربة طوال (10) سنوات بسبب طمع زوجتي وفوجئت بطلبها الخلع مني وهي تعيش معي تحت سقف منزل واحد».. بهذه الكامت وقف طارق عوض شاكيا زوجته أمام محكمة السيدة زينب.
وقال الزوج المنكوب: «رأيت على يديها العذاب وعندما كنت أشتكى لوالديها أتحول لشخص مفتري رغم أنها من كانت تعنفني بالسب وأحيانا بالضرب وخرجت من زواجي بعد أن خسرت صحتي وأموالي وأهلي».
وعلى أعتاب محكمة عين شمس، وقف الزوج «عبد الله.س»، يلتفت حوله ويدور برأسه مابين اليمين واليسار وكأنه يحدث نفسه، حتى وصل إلى أبواب قاعة المحكمة ووقف أمام القاضي خجلا من وصف ما حدث له، قائلا: «مراتي سرقت العهد بتعتي وهربت مع صحبي ورفعه عليا قضية خلع.. وأنا هتحبس ياريس».
كانت زوجته «رحاب.س»، والتي رفع ضدها دعوى «نشوز»، أقمت ضده مكيدة قد تكلفه عمله، حيث سرقت منه مبلغ 100 ألف جنيه عهده خاصة للشركة وهربها بصحبة صديقه فى العمل وإقامتها دعوى خلع ضده وتعريضه للمسائلة القانونية- وفقا للزوج. وقال«عبد الله»: «زواجي استمر 3 سنوات ولم أتصور أنها تزوجت منى لاستغلالي رغم حبي لها».
أما الزوج خالد شهاب لم يكن أحسن حالا من الأزواج الذي سبقوه أمام محكمة الأسرة في طلب الطاعة ضد زوجته «أمنية.س.أ»، وقص قائلا: «عشت 7 سنوات محروم من الإنجاب وأنا أظن أن العيب منى لأكتشف أنها لديها مشكلة في الرحم وكانت تعلمها قبل الزواج وأخفتها عني».
وأكمل الزوج: «كانت تبتذني وتعايرني وكنت أحاول أن أجعلها ترضى عنى بأي طريقة وعندما علمت بمخططها وواجهتها أجرت بلطجية اعتدوا على بالضرب وجعلوني أوقع على شيكات وأبيع لها كل أملكي».
محمد ممدوح القاطن بروض الفرج، قص هو الأخر حكايته مع غدر الزوجات، في دعوى الحبس المقامة ضده أمام محكمة الأسرة قائلا: «بلاني الله بزوجتي غادة التي لا تقصر في جعلي أكاد أفقد عقلي وأفكر كلما أرى وجهها العبوس ونكدها الذي لا ينتهي في الانتحار».
وتابع الزوج تعيس الحظ على حد وصفه: «خرجت من الزواج بعد أن دفعت لها أموال حتى تحل عنى بعد أن ضربتني بمسن السكاكين في وجهي وأصبحت أضحوكة المنطقة التي أقطنها».
أما محمود عبد العال البالغ (47)، عاما، هو الأخر عاش خلافات مع زوجته (17) عاما تحمل فيهم من أجل أولاده الثلاثة رغم الإساءة التي اعتادت زوجته توجيها له، إلى أن قررت تطليقه خلعا، حيث كان يعيش معها في منزل واحد وأجبرته على العيش معها بعد الطلاق فقط ليقضى لها طلباتها وتتحصل في نفس الوقت على معاش والداها.
وعندما اعترض كانت له بالمرصاد بعد أن وجهت له ضربه بمطواة في أعلى جانبه الأيمن دخل على إثرها المستشفى، وبعدها حرر محضر بقسم شرطة إمبابة يتهمها فيها بمحاولة التخلص منه ولكنها سبقته باتهامه بسرقتها.
وأكد الزوج المعنف أمام محكمة الأسرة بإمبابة وبلاغه بقسم الشرطة: «طوال سنوات كنت أعنف منها بالضرب بكل ما تستطيع يدها أن تطوله ورغم صبري من أجل أولادي دمرتني وسرقت كل ممتلكاتي».
أما عن الزوج «جمال.ك» والزوجة «نهلة.ع» ورغم حداثة زواجهما، وبسبب عصبية الزوجة الزائدة عن الحد الطبيعي، جعلت الزوج الذي مضى على عيشه مع زوجته وحبيبته 9 أشهر يدفع الثمن، ويتعرض لطلق نارى من سلاح خرطوش على يد زوجته بسبب خلاف على مصروف المنزل.
وأكد الزوج البالغ من العمر 32 عاما ويعمل سائق تاكسي: «طوال مدة زواجي شعرت أن زوجتي هي رجل المنزل وأنني ليس ليٌ كلمة عليها وعندما شكوتها لأهلها بسبب تغيرها، اتهمتني بتشويه صورتها وتركت المنزل وبعدها عادت ومعها سلاح خرطوش وتعدت على بالضرب وأصابتني بطلق في بطني».
في ذات السياق أكدت فاطمة عزت، استشاري الصحة النفسية، أن الإحباطات والضغوط النفسية تودي إلى انحراف الزوجات ويدفعها لتعنيف زوجها والحقد والانتقام منه وارتكاب الجرائم، لافتة إلى أن أن المجتمع المصري شهد الكثير من التغيرات التي أثرت على التركيب النفسي لأفراده وأصبح من الواضح جدا ظهور الجرائم داخل الأسرة الواحدة، موضحة أن التفكك المعنوي أو النفسي يتمثل في ظهور خلافات أسرية وقد يكون ارتفاع معدلات الجريمة لدى المتزوجين مؤشرا على العنف في الأسرة وعلى تفشى الصراعات الأسرية ,مما أدى إلى انحراف الزوجات بفعل تراكم الإحباطات والضغوط النفسية.
وتابعت: «بعض الحالات التي تشتد فيها الخلاف بين الزوجين ولأي سبب كان يلجأ الزوج إلى سب وإهانة الزوجة، كما قد يتطور الأمر إلى قيامه بالاعتداء عليها بالضرب ومع تكرار هذا الموقف تتكون لديها قيم سلبية تجاه زوجها أو يشتد في نفسها الحقد والرغبة في رد الاعتبار والانتقام منه».
وأضافت: «هناك أسباب كثيرة تدفع المرأة إلى العنف مع زوجها فأحياناً تشعر الزوجة بالعجز عن إيصال صوتها أو الاعتراف بكيانها وقيمتها سواء كان ذلك في مجتمعها أو في بيتها ومع زوجها ما يؤدى بها إلى استخدام العنف، والخيانة أيضاً أحد الأسباب التي تدفع الزوجة للعنف فهي تشعر في هذا الوقت أن كرامتها قد أهينت وتريد أن تعيد كرامتها إلى نفسها فتلجأ إلى ذلك ظناً منها أنه الوسيلة الوحيدة التي يمكن أن تحقق بها ذلك».
وتابعت استشاري الصحة النفسية: «من أهم أساليب العنف النفسي التي تمارسها المرأة ضد الرجل هو عدم تلبية طلباته التي يشعر فيها الرجل بأنه مضطهد أمام تقيده بسلوك المرأة وفق شروط، فمثلاً عندما تهدد الزوجة زوجها بهجر المنزل وترك الأطفال فإن هذا سيكون أكثر ثقلاً من العنف الجسدي».