لماذا لجأ إرهابيو درنة إلى كتب سيد قطب؟.. قراءة في عقلية إمام التكفيريين
الإثنين، 18 يونيو 2018 09:00 م
يوم بعد يوم تنكشف علاقة الإخوان وقياداتها بالإرهاب في العالم؛ إما بانضمام أفراد وشباب الجماعة إلى الجماعات الإرهابية وإمدادهم بموارد لإقامة معسكراتهم التدريبية، أو بأفكار ونهج الأب الروحي للتكفيريين سيد قطب.
مقطع فيديو نُشر على قنوات إعلامية، أظهر عثور قوات الجيش الوطني الليبى على كتب سيد قطب في معسكرات الإرهابيين بالقرب من مدينة درنة شرق البلاد.
وأبرز مقطع الفيديو، الذي انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، عثور قوات الجيش الليبى على كتب للتفكيرين فى مدينة درنة أبرزها كتب سيد قطب، وأحرقت قوات الجيش الكتب التكفيرية في شوارع المدينة.
اعترف العياط المكني بـ"أبو إسلام"، والذي اعتقل في 9 ديسمبر 2016 عقب إصابته وخسارته لعينه اليسرى في غارة أمريكية بمدينة سرت، بوجود علاقة مع جماعة الإخوان والجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة من جهة، وتنظيم داعش من جهة أخرى، وأن الهدف منها كان الاتفاق على محاربة قوات الجيش والشرطة سواء في فترة اللجنة الأمنية وكتيبة ثوار سرت وهي النواة الأولى للتنظيم في المدينة.
وأكد العياط، الذي كان يحمل صفة قاضي الأحوال الشخصية في فرع التنظيم بسرت وهو الذي جلب بيعة البغدادي من العراق سنة 2014 في الاعترافات التي بثها حساب "خوارج ليبيا" على فيسبوك وقال القائمون عليه إنهم حصلوا على تسريبات لتسجيلات التحقيق التي نقلتها وسائل إعلام ليبية، إن القيادي في الجماعة المقاتلة عبدالوهاب قايد، وبصفته رئيسا للجنة الدفاع في المؤتمر الوطني العام السابق قدم دعما ماليا لهم بمبلغ 600 ألف دينار ليبي سنة 2012.
وأضاف أبو إسلام، أنه كان حينها عضوا في تنظيم أنصار الشريعة الذي تحول عناصره فيما بعد لتنظيم "داعش"، كما سهل رئيس اللجنة الأمنية بنغازي وهو آمر كتيبة راف الله السحاتي محمد الغرابي لصرف جزء من مرتبات منتسبي الأنصار علاوة على دعمهم بالآليات العسكرية، وهو ذاته ما قام به وكيل وزارة الداخلية عمر الخضراوي المحسوب على جماعة الإخوان.
هذه واحدة من الوقائع المباشرة التي تؤكد بما لا يدع مجالا للشك علاقة جماعة الإخوان بدعم الإرهابيين في الشرق الأوسط والعالم.
لماذا لجأ إرهابيو ليبيا إلى كتب سيد قطب؟
في كتابه "في ظلال القرآن" صفحة (1816) يقول سيد قطب "إن مساجد المسلمين التي تقام فيها الصلاة ويرفع فيها الآذان هى معابد جاهلية، ولا بد من اعتزالها حيث قال: «اعتزال معابد الجاهلية واتخاذ بيوت العصبة المسلمة مساجد، تحس فيها بالانعزال عن المجتمع الجاهلي، وتزاول فيها عبادتها لربها على نهج صحيح وتزاول بالعبادة ذاتها نوعا من التنظيم في جو العبادة الطهور".
التنظيمات التكفيرية تعتمد في الهجوم على المساجد، واقتحامها، وإباحة دماء من فيها من المسلمين، لتفسيرات سيد قطب في كتابه "في ظلال القرآن"، عند تفسير قوله تعالى: (وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّآ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) يونس (87).
يقول سيد قطب في تفسيرها: "هذه التجربة التي يعرضها الله على العصبة المؤمنة ليكون لها فيها أسوة ليست خاصة ببني إسرائيل، فهي تجربة إيمانية خالصة، وقد يجد المؤمنون أنفسهم ذات يوم مطاردين في المجتمع الجاهلي، وقد عمت الفتنة، وتجبر الطاغوت وفسد الناس، وأنتنت البيئة" وكذلك كان الحال على عهد فرعون في هذه الفترة، وهنا يرشدهم الله إلى أمور:
أولا: اعتزال الجاهلية بنتنها وفسادها وشرها، ما أمكن ذلك، وتجمع العصبة المؤمنة الخيرة النظيفة على نفسها لتطهرها وتزكيها، وتدربها وتنظمها، حتى يأتي وعد الله لها.
ثانياً: اعتزال معابد الجاهلية، واتخاذ بيوت العصبة المسلمة مساجد، تحس فيها بالانعزال عن المجتمع الجاهلي، وتزاول فيها عبادتها لربها على نهج صحيح، وتزاول بالعبادة ذاتها نوعا من التنظيم في جو العبادة الطهور.
من إيحاء هذه العبارات اتخذ العديد من التنظيمات التكفيرية، قرارها، وجعلوا بيوتهم قبلة لهم، مقاطعين المساجد والجوامع التي يؤمها سائر المسلمين.
كتاب "معالم في الطريق" يعد بمثابة دستور التكفيريين، والمرجع الرئيسي لهم في تكفير المجتمعات حيث ينظر إلى المجتمع المسلم الموجود الآن على أنه مجتمع جاهلي، كما نفى في المجلد الثالث من كتابه “فى ظلال القرآن” صفحة (1634) وجود إسلام أو مسلمين، قائلا: "إن المسلمين الآن لا يجاهدون، وذلك لأن المسلمين اليوم لا يوجدون، إن قضية وجود الإسلام ووجود المسلمين هى التي تحتاج اليوم إلى علاج"، نافيا وجود مسلمين في هذا الوقت، معتبرا القضية الآن هى إيجاد مسلمين.
واستكمالا لمنهج تكفير المجتمع الذي انتهجه سيد قطب، وصف المجتمع بالردة عن الإسلام، حيث قال في كتابه "في ظلال القرآن" المجلد الثانى صفحة (1057): "لقد استدار الزمان كهيئته يوم جاء هذا الدين إلى البشرية بلا إله إلا الله، فقد ارتدت البشرية إلى عبادة العباد، وإلى جور الأديان ونكصت عن لا إله إلا الله، وإن ظل فريق منها يردد على المآذن: لا إله إلا الله دون أن يدرك مدلولها.. إلا أن البشرية عادت إلى الجاهلية، وارتدت عن لا إله إلا الله، فأعطت لهؤلاء العباد خصائص الألوهية، ولم تعد توحد الله، وتخلص له الولاء.. فالبشرية بجملتها، بما فيها أولئك الذين يرددون على المآذن في مشارق الأرض ومغاربها كلمات: (لا إله إلا الله) بلا مدلول ولا واقع.. وهؤلاء أثقل إثما وأشد عذابا يوم القيامة، لأنهم ارتدوا إلى عبادة العباد من بعد ما تبين لهم الهدى، ومن بعد أن كانوا فى دين الله".
كما ذهب سيد قطب، إلى أن كل الموجودين الآن إنما هم قوم غير مسلمين حتى لو نطقت ألسنتهم بـ "لا إله إلا الله" فيقول: "حين يدعون الناس لإعادة إنشاء هذا الدين، يجب أن يدعوهم أولا إلى اعتناق العقيدة، حتى لو كانوا يدعون أنفسهم مسلمين، وتشهد لهم شهادات الميلاد بأنهم مسلمون، يجب أن يعلموهم أن الإسلام هو (أولا) إقرار عقيدة (لا إله إلا الله) بعدلها الحقيقي، وهو رد الحاكمية لله في أمرهم كله، وطرد المعتدين على سلطان الله، فكل البشر الذين يعطون أنفسهم الحق في إصدار قوانين أو تشريعات، أو أي تنظيمات اجتماعية تعد خروجا من الحاكمية الإلهية إلى الحاكمية البشرية، وأصبح عنده أن البشر محكومون بقوانين غير قوانين الله، سبحانه وتعالى، وبأنظمة لا ترضى عنها شريعة الله، ولم يأذن بها الله، وبالتالي هذا المجتمع مشرك وكافر ويعبد غير الله، لأن العبادة هى طاعة الله في حاكميته”.
ويزيد سيد قطب، في تكفيره للمجتمع في كتابه "معالم في الطريق" صفحة (6): "وجود الأمة المسلمة يعتبر قد انقطع من قرون كثيرة، ولا بد من إعادة وجود هذه الأمة لكى يؤدي الإسلام دوره المرتقب في قيادة البشرية مرة أخرى،لا بد من بعث لتلك الأمة التي واراها ركام الأجيال وركام التصورات، وركام الأوضاع، وركام الأنظمة التي لا صلة لها بالإسلام".
وهنا ينكر سيد قطب، حقيقة وجود أمة الإسلام منذ قرون كثيرة، وإن كل كمن عاش على مدار القورن الماضية قد ماتوا جاهلية.
ويذهب قطب سيد، في تكفيره إلى منحنى بعيد، فيقول في كتابه "معالم في الطريق"، صفحة (9): "إن العالم يعيش اليوم كله في جاهلية، هذه الجاهلية تقوم على أساس الاعتداء على سلطان الله في الأرض، وعلى أخص خصائص الألوهية، وهى الحاكمية، إنها تسند الحاكمية إلى البشر، وفى هذا ينفرد المنهج الإسلامي، فالناس في كل نظام غير النظام الإسلامي يعبد بعضهم بعضا، وفي صفحة (11) يقول: “ونحن اليوم فى جاهلية كالجاهلية التى عاصرها الإسلام، أو أظلم، كل ما حولنا جاهلية".
ويعتبر هذا الكلام الأصل الذى تقوم عليه جميع الجماعات التكفيرية التى تستبيح دماء المسلمين ورجال الجيش والشرطة باعتبارهم غير مسلمين.
وقال سيد قطب: "إنه ليست على وجه الأرض دولة مسلمة ولا مجتمع مسلم قاعدة التعامل فيه هي شريعة الله والفقه الإسلامي"، وذلك في كتابه "في ظلال القرآن"، الجزء الرابع صفحة (2122).
إمام الإرهابيين
ونشر تنظيم "داعش"، في أحد إصداراته نشر تنظيم داعش مقالات تؤكد سيرهم على خطى سيد قطب، تحت عنوان "انتصارات الدولة الإسلامية.. معالم في الطريق"، واعترف أمير "جبهة النصرة"، أبو محمد الجولاني، في يونيو 2015، بتدريسهم كتب سيد قطب، لعناصر التنظيم، لدعمه الجهاد وقتل الفئات الكافرة.
وفي كتابع "الوصية الأخيرة"، قال أيمن الظواهري "إنه أكد مدى أهمية قضية التوحيد في الإسلام وأن المعركة بين الإسلام وأعدائه هى في الأصل معركة عقائدية حول قضية التوحيد، أو حول لمن يكون الحكم والسلطان".
وذكر القيادي وعضو الهيئة التأسيسية لجماعة الإخوان فريد عبدالخالق في كتابه “"لإخوان المسلمين في ميزان الحق"، صفحة(115): "إن نشأة فكرة التكفير بدأت بين بعض الشباب الإخوان في سجن القناطر في أواخر الخمسينيات وبداية الستينيات، وهم تأثروا بفكر سيد قطب وكتاباته وأخذوا منها أن المجتمع في جاهلية، وأنه (قطب) قد كفر حكامه الذين تنكروا لحاكمية الله بعدم الحكم بما أنزل الله ومحكوميهم إذا رضوا بذلك".
ويعتبر شكرى مصطفى قائد جماعة التكفير والهجرة تلميذ سيد قطب، ويذكر في كتابه "وثيقة الخلافة" تكفيره للمجتمعات بعد القرن الرابع الهجري واستحلاله لدماء من يُكفرهم كما جاء في كتاب “فى ظلال القرآن".