تفاصيل حياة مجدى يعقوب داخل مركز القلب.. يعمل 15 ساعة ويرد على مكالمات الأطفال
الأحد، 10 يونيو 2018 02:00 ص
يبدو جادا طوال الوقت، لا يتحدث إلا فى الأمور العلمية ولا يشغل وقته إلا بتخفيف آلام البشر وخاصة الأطفال، لا يهتم أبدا بالحديث عن نفسه وعلى الرغم من أن عطائه لا حدود له وساهم فى علاج ملايين القلوب فى مصر والعالم إلا أنه لا يتحدث إلا بصيغة الجماعة وبروح الفريق ولا ينسب أى فضل لنفسه.
إنه ملك القلوب وحبيبها الدكتور مجدى يعقوب، الذى سخر كل دقيقة من يومه وعمره لخدمة البشرية. يهتم بالقلوب أكثر من الوجوه، ينظر إليها ويتفحصها ويعرف أسرارها ، يمد يده يتحسسها برفق لينقذها من العلل والأمراض، فيمنح أصحابها جرعات حياة بقلوب أكثر قدرة على التحمل.
يمتلك قلبا فريدا يمكنه أن يشعر بكل تفاصيل القلوب وأوجاعها، ينظر إلى عيون المرضى فيعرف ما هو أكثر من أوجاع الأجساد، هذا القلب الصادق الذى يمتلك جواز عبور إلى كل القلوب.
يعيش الدكتور مجدى يعقوب أغلب وقته فى مركز القلب بأسوان، هذا المكان الحلم الذى ظل يحلم بإنشائه منذ أكثر من 30 عاما، فقديس القلوب أول من انتبه لما يعانيه الصعيد من مشكلات وقرر بشكل عملى أن يخفف عن مرضى الجنوب، الذين تتضاعف معاناتهم بسبب ظروف الفقر والبعد عن العاصمة.
مجدي يعقوب
يعمل ملك القلوب لما يقرب من 15 ساعة يوميا فى مركز القلب ويقضى فيه أغلب وقته كما يؤكد الدكتور عادل عبدالعال جراح القلب الذى يعمل مع الدكتور مجدى يعقوب منذ عام 1988، وكان يساعده منذ أن كان نائبا فى القصر العينى وشاركه بداية تحقيق الحلم على أرض أسوان.
وضع نظاما فريدا وصارما للعمل يراعى ظروف المريض وأهله وييسر كل السبل للشفاء، بما يتجاوز المهام الطبية إلى تلبية الاحتياجات الإنسانية.
يحرص على إرساء قيمة العمل بروح الفريق ويستمر فى إجراء الجراحات النادرة والمعقدة من الثامنة صباحًا وحتى الحادية عشرة ليلا، ولا ينام سوى 4 ساعات فقط ، ورغم مهامه الدقيقة يتسم بالود الشديد ويحتفظ ببشاشة وجهه دائما، يدقق فى كل التفاصيل ويهتم بكيفية التيسير على أسرة المريض، وخاصة إذا كانوا من محافظات بعيدة، يخصص من يساعدهم فى السكن والانتقالات على نفقة المؤسسة، كما يهتم بالتخفيف عن الأطفال بمساحة من الترفيه بما لا يتعارض مع حالاتهم الصحية.
يقف فى الشارع إذا ما استوقفه أى مواطن ليستمع إلى مشكلته، ويتابع حلها، ولا يتهاون مع أى تقصير، خاصة ما يتعلق بمخالفة نظام العمل، يؤكد دائمًا أن المريض فوق الجميع مهما كانت الظروف.
يشير الدكتور عادل عبدالعال إلى أن دكتور مجدى يعقوب نقل وعلم فريق عمله كل تقنيات إجراءات الجراحات المعقدة، ورغم ذلك يحب إجراء عمليات معينة بنفسه، خاصة إذا تلقى اتصالا تليفونيا من طفل يطلب منه أن يجرى له الجراحة بنفسه، يتعجب د عبدالعال قائلا: «مش عارف الأطفال بيقدروا يوصلوا لرقمه ويكلموه إزاى؟».
يحرص ملك القلوب فى رمضان على ألا يأكل أو يشرب أمام الصائمين رغم طول فترة بقائه فى المركز، ويشارك فريق العمل بالمركز الإفطار يوميًا بالمستشفى، واعتاد أن يقيم إفطار سنوى لكل العاملين بالمستشفى فى مكان عام على نفقته ونفقة الأطباء بعيدا عن أموال التبرعات، التى يحرص ألا يتم الإنفاق منها إلا لصالح المرضى، وأكثر ما يؤثر فيه أن يأتى طفل وقد تاخرت حالته بسبب إهمال الاهل أو ظروفهم، حيث ينفرد مركز القلب بغجراء جراحات للأطفال اقل من عمر أسبوعين.
يتواجد مجدى يعقوب حاليا فى لندن بعد جولة فى أفريقيا ورغم ذلك يتواصل بشكل دائم مع المركز بأسوان، ويخطط لافتتاح المستشفى الجديد فى أسوان والذى يبلغ 3 أضعاف مساحة واستيعاب مركز أسوان للقلب.
كان فى سن الخامسة عندما توفت عمته وهى فى العشرين من عمرها بسبب ضيق صمامات القلب، تاركة طفلة رضيعة ، وحينها رأى ا دموع والده، طبيب الجراحة العامة، وحزنه على شقيقته، وعرف من والده أن عمته كان يمكن إنقاذها بجراحة بسيطة تجرى فى الخارج، وحينها قرر أن يتخصص فى جراحات القلب حتى ينقذ من اعتلت قلوبهم.
ولد القديس فى مدينة بلبيس بالشرقية عام 1935 لعائلة قبطية أرثوذكسية ترجع أصولها إلى محافظة المنيا، وتخرج فى كلية الطب جامعة القاهرة.
لم يكن طريقه مفروشا بالورود، بل واجه الكثير من الصعوبات، وعرف خلال رحلته أوجاع المرضى فى مصر وما يعانونه من عذاب لتلقى العلاج، وكان ميلاد حلمه القديم بإنشاء مركز طبى عالمى للقلب وتحديدًا فى مدينة أسوان عندما كان يذهب فى سنة الامتياز إلى الأقاليم عن طريق الدواب ويرى أحوال البسطاء فى المناطق النائية.
مجدي يعقوب بجوار أحد الأطفال
انتقل لشيكاغو لاستكمال دراسته ومنها إلى بريطانيا ليتخصص فى جراحات القلب ويعرف أسرارها وأحدث تقنياتها.
ورغم الأوسمة والجوائز العالمية، التى حصل عليها ملك القلوب، إلا أنه يصل إلى أعلى مراحل السعادة حين يبتسم له طفل تعافى من مرضه. مغرم بالعلم والبحث حد العشق، لا يتحدث إلا فى الأمور العلمية والطبية، ويستمتع كل من حوله بحديثه فهو يقدم العلم بطريقة جذابة وغير منفرة، و يرفع شعار لا وساطة فى العلاج، ولا أولوية سوى للحالات الحرجة، التى لا يمكنها الانتظار أو الحالات المعقدة، التى لا يمكن أن يتم إجراؤها خارج مركز مجدى يعقوب، وتكون الأولوية إذا تساوت الحالات لمرضى أسوان والصعيد.
حقق نجاحات علمية لم يسبقه إليها أحد، ففى عام 1983 أجرى عملية زرع قلب لرجل إنجليزى ليدخل بسبب تلك الجراحة موسوعة جينيس كأطول شخص يعيش بقلب منقول لمدة 33 عامًا حتى توفى جون فى 2016. منحته الملكة إليزابيث الثانية لقب فارس، كما منحته وسام الاستحقاق البريطانى، واختاره تونى بلير ليكون أحد الأطباء المشاركين فى إصلاح نظام التأمين الصحى فى بريطانيا. أسس مركز علوم القلب فى لندن، ومنحته بريطانيا جائزة فخر لإجرائه أكثر من 25 ألف عملية قلب، كما كرمته معظم دول العالم وحصل منها على العديد من الأوسمة والجوائز.
تزوج ملك القلوب - وهو اللقب الذى أطلقته عليه الأميرة ديانا- من سيدة ألمانية ولديه ولد وبنتان، يعمل ابنه «أندرو» طيارا، وابنته «لويزا» أخصائية اجتماعية، بينما ابنته «صوفى» هى الوحيدة، التى درست الطب.