واقعة «دمياط» تثير السؤال.. استقطاب «داعش» للأسر بين فشل الدعاية والنجاح الأمني
السبت، 09 يونيو 2018 02:00 ص
يسعى تنظيم داعش الإرهابي، لاستعادة قواه مرة أخرى، بعد تلاشيه في الفترة الماضية؛ بفضل الضربات المتتالية على يد القوات المسلحة، عبر العودة لاستقطاب أعداد كبيرة من الشباب، لتجنيدهم في صفوفه وتنفيذ أجندته الإجرامية.
الجماعات الإرهابية داخل الأراضي المصرية، وعلى رأسها «تنظيم داعش» تتبع استراتيجيات معيّنة في آليات «التجنيد»، والبحث عن الضحايا عبر وسطاء أو من خلال العوالم الافتراضية، خصوصاً شبكات التواصل الاجتماعي «فيس بوك» و«تويتر».
عادة ما يسعى التنظيم لضمّ أشخاص معروف عنهم بأنهم «مرتبكين نفسيا»، إذ يكون من السهل التغرير بهم وتجنيدهم بعد دراسة حالتهم من قبل جماعات متخصصة في هذه التنظيمات.
العناصر المستقطبة داخل التنظيم «ترُغب بالجنة»، عبر الحديث عن الحور العين وما أعده الله لهم، مستغلين ما يعانون منه من مشاكل نفسية واجتماعية، وممن عانوا من مآسٍ عائلية، أو من المنحرفين وغير المتدينين؛ ليكفّروا عن ذنوبهم وخطاياهم بـ«الشهادة»، رغم أنها في الأصل «انتحار» وليست استشهاداً.
مؤخرا لجأ التنظيم إلى «الاستقطاب الأسرى»، ليتحول بذلك من «استقطاب الأفراد» إلى مرحلة استقطاب أشخاص مجتمعين، وذلك في محاولة لمنع تسرب أى معلومات عن التنظيم عقب دحضه وتفتيته خلال الفترة الماضية على يد الجيش المصرى، ليكون أكثر تماسكاَ من ذى قبل.
القبض على أسرة إخوانية بدمياط
أمس الأول، ألقت الأجهزة الأمنية القبض على مجموعة من العناصر التكفيرية، تورطوا في تأسيس خلية مسلحة تتبع تنظيم داعش الإرهابي في محافظة دمياط، ضمت 4 أشقاء وفتاة، خططوا جميعًا لتنفيذ عمليات عدائية ضد المنشآت الحيوية والأمنية بالبلاد.
عمليات عدائية
وانتهت النيابة العامة، من التحقيق مع 6 عناصر تكفيرية، بعدما أحالتهم الأجهزة الأمنية لجهات التحقيق المختصة، وهم كلا من أحمد سالم السيد عسل، وحسام الدين سالم السيد عسل، وأشرف عبد الحميد مبروك الشناوي، وأشرف عبد ربه، وأحمد أشرف عبد ربه، وأمل عبد الفتاح.
شخص وزوجته مسئولين عن تفجير الكاتدرائية
الأسرة الداعشية ليست الأولى في تاريخ التنظيم بمصر، ففي غضون ديسمبر 2006، كشفت وزارة الداخلية المصرية تفاصيل القبض على المتورطين في تنفيذ الحادث الإرهابي بكنيسة القديسين بولس وبطرس الملحقة بالكاتدرائية المرقصية بالعباسية والمخططين له والذي راح ضحيته 25 شخصاُ وأوقع إصابات بآخرين.
وتوصلت الوزارة إلى أن المسئولين عن العملية الإرهابية شخص وزوجته وهو المدعو مهاب مصطفى السيد قاسم واسمه الحركي «الدكتور»، حيث تبنى وزوجته علا حسين محمد علي الأفكار التكفيرية لإخواني سيد قطب وارتباطه في مرحلة لاحقه بعناصر من تنظيم أنصار بيت المقدس، بينما تمثلت مهمة الزوجة فى مساعدة زوجها في تغطية تواصلاته على شبكة المعلومات الدولية.
الدكتور سارة وشقيقتها رنا
الشقيقتين «سارة ورنا» هما حسب –أوراق القضية- أول داعشيتين داخل الأراضي المصرية، في قضية الهجوم الإرهابي الذي استهدف سفارة دولة النيجر بشارع الهرم، ما أسفر عن مقتل مجند وإصابة 3 آخرين ومحاولة تفجير مزلقان الحوامدية.
المتهمتان بالانضمام لداعش- حسب أوراق القضية - هما الشقيقتان رنا عبد الله، دكتورة صيدلانية، 28 عاما، وسارة عبد الله دكتورة نساء وتوليد 26 عاما، المتهمتان بمساعدة العناصر الإرهابية التابعة لتنظيم «داعش» في تنفيذ عملية استهداف مقر السفارة بشارع الهرم عن طريق مداهمة بسياراة والدهما.
أسرة سافرت بأبنائها سوريا
25 أكتوبر 2017، كشف الأجهزة الأمنية عن أسرة كاملة مكونة من 3 أشقاء قد التحقوا بتنظيم «داعش» فى سوريا هم «وليد وعماد ومى عبدالمحسن»، بصحبة أزواجهم وأبنائهم بالكامل يقاتلون فى صفوف التنظيم الإرهابي.
أسباب الانضمام لداعش
أسباب جوهرية يستغلها التنظيم الإرهابي لاستقطاب الشباب بصفة عامة، وعدد ضئيل لا يكاد يذكر من الآسر المصرية بصفة خاصة للتنظيم تتمثل تلك الأسباب فى التالى:
العقلية الإجرامية
هذا السبب الذي يدخل في فئة الأسباب السيكولوجية، قد يسكن الضحية منذ وقت مبكّر نتيجة تعرضها لضغوط اجتماعية وأسرية، وبالتالي تخلق شخصية انتقامية قابلة للقيام بأي عمل إجرامي.
المخدرات
قد يجعل تعاطي المخدرات والعقوبات المترتبة عليها من الشخص عدوانياً يتحول إلى مجرم نتيجة شعوره بالتهميش وعدم تقبّل المجتمع له، وبالتالي تجعله صيداً سهلاً لتلك الجماعات.
العزلة الاجتماعية
يحاول الكثير من هؤلاء لفت الأنظار إليه، لأنهم يعيشون حياة لا قيمة لها، وتنظيم داعش يفهم ذلك جيداً، كما يعرف أولئك الذين يقومون بعملية التجنيد فيه كيفية استغلال عقدة النقص.
الميل للمغامرة
هذا السبب قد يدفع الكثيرين للقيام بأعمال جسيمة قد تشعرهم بوجودهم في ظل التهميش الذي يعيشونه.
صغر السن
يركز تنظيم داعش وغيره من التنظيمات على المراهقين صغار السن، الذين لا يعرفون كيف يميّزون بين الحق والباطل، ويتواصل معهم عبر وسائل التواصل الاجتماعية، ويختارهم بدقة لكي يصبحوا انتحاريين لاحقاً.
الإهمال
عادة ما يكون المستهدف مُهمَلاً في مجتمعه، وعندما ينضم إلى داعش يحولونه إلى أمير للجهاد ويطلقون عليه لقب أبو معاذ أو المقداد، وما إلى ذلك من هذه الألقاب التي تمنحه نوعاً من (البرستيج) والقوة الوهميين، ومن ثم يذهب ليفجر نفسه.
التشدد الديني
يحدث أن يكون البعض متأثراً بالفكر المتشدد من صغره بحكم بيئته التي كان يعيش فيها، إذ ينشأ هؤلاء في أسر متشددة في الأصل، ولهذا يتشربون الفكر التكفيري منذ صغرهم، ليكونوا صيداً سهلاً لداعش وغيرها.
التأثر بفكر وفتاوى شيوخ
من بين الأسباب التي تدفع المغرر بهم لاتباع الفكر المتطرف هي فتاوي شيوخ ممّن اهتموا بالحديث الدائم عن الجهاد بأنه السبب الأهم لدخول الجنة.
الإعلام
تلعب وسائل الإعلام دوراً كبيراً في تجنيد الشباب في صفوف داعش والنصرة، وغيرها من المنظمات الإرهابية، كونه يقدم دون أن يعلم دعاية مجانية لها، بنشره أخبار تقدمها في المعارك العسكرية بالعراق وسورية، فهو يعطي هالة كبيرة لداعش من خلال نشر أخباره، وكيف يسيطر على المناطق، وهذا يجعل بعض الشباب يندفع للانضمام إليه، وهؤلاء في الغالب ليس لديهم وعي شرعي، بل هم منجذبون لانتصاراته لا أكثر.
الأمية
يتواجد الكثير من الأشخاص الذين انضموا إلى المنظمات المتطرفة من لا يعرف القراءة والكتابة، وهؤلاء هم خريجو مراحل تعليمية متدنية جداً، أغلبهم لا يملك شهادة ثانوية، كما أنهم عديمي الثقافة الدينية، ويسهل خداعهم.
وفى دراسة سابقة، وتأكيداَ على التواجد المصري، داخل تنظيم «داعش»، أشار هارون زيلين، في إحدى دراساته إلى أنه : «على الرغم من تخلي تنظيم القاعدة وجبهة النصرة وعلماء الدين الرئيسيين في مجتمع التطرف العالمي مثل أبو محمد المقدسي وأبو قتادة الفلسطيني عن داعش، إلا أن آخرين أبقوا على دعمهم للجماعة، ومن بينهم جماعة أنصار بيت المقدس بمصر.
موقف أمني
اللواء حسام لاشين، مساعد وزير الداخلية الأسبق و الخبير الأمني، قال إن الجماعات الإرهابية داخل أو خارج مصر تعمل من خلال إستراتيجية وعقلية واحدة تتمثل فى تقديم الإغراءات بشكل مستمر لشباب الجامعات بغرض استقطابهم و تحويلهم إلي جماعة إرهابية.
وأضاف «لاشين» فى تصريح لـ«صوت الأمة» أنه لابد من تطبيق قانون الإرهاب و مواجهة حازمة فورية باستعمال أقصي درجات العنف الأمني، وإعطاء سلطة قانون الإرهاب لوزير العدل بالاتفاق مع الداخلية ووزارة الخارجية .