في ذكراه الـ 35
محمود المليجي.. الفنان الذي داعب الموت قبل رحيله
الأربعاء، 06 يونيو 2018 10:00 م
ترك النجم محمود المليجي أثرا كبيرا في الساحة السينمائية المصرية، جعله خالدا في تاريخها، وجعله اليوم الذي يوافق ذكرى رحيله الخامسة والثلاثين، مناسبة صحفية في مواقع الصحافة الفنية، تفرض وجودها على خارطة موضوعاتها، فلا يمكن تجاهل مناسبة رحيل فتوة السينما المصرية، وشريرها، ابن المغربلين الذي لعب أدواره بمنتهى الأريحية والبساطة، ولٌقب بلقب «أنطوني كوين الشرق» بعدما أدى نفس دور الأخير في فيلم «القادسية».
ولا يمكن أيضا أن نتجاهل الطريقة التي رحل بها المليجي، فحتى وهو على أعتاب الموت، كان يقف في البلاتوه، مؤديا دوره، مخلصا لفنه، إذ قضى المليجى، بينما ينتظر أداء دوره في فيلم «أيوب» الذي أخرجه الفنان هاني لاشين، عام 1983، وجمعه والفنان الكبير الراحل عمر الشريف.
يحكي هاني لاشين عن واقعة رحيل المليجي، بقوله: كنا نجلس ننتظر إعداد الكاميرات لتصوير مشهد، المليجي جلس أمام عمر الشريف، في إحدى فترات الراحة بين تصوير المشاهد، وأخذ يقول: فجأة وبلا مقدمات بدأ يقول بينما يتحدث لعمر الشريف: الحياة دي غريبة جدا، الواحد ينام، ويصحى، وينام ويصحى، ويطلق شخيرا، ومال رأسه، وبدأ المليجي يطلق شخيرا فعلا، وبدأنا نضحك، وبعدها عمر الشريف دعاه قائلا: إيه يا محمود..لكن اتضح أنه كان قد توفى.
وُلد المليجي عام 1910، في حي المغربلين بالقاهرة، وانتقل برفقة عائلته إلى حي الحلمية، حيث أكمل تعليمه الأساسي، ثم التحق بالمدرسة الخديوية لاستكمال تعليمه الثانوي، وفي الخديوية التحق المليجي بفرقة التمثيل بالمدرسة، وهناك اكتشف موهبته جورج أبيض، وفتوح نشاطي.
في الثلاثينيات، التحق المليجي بفرقة الفنانة فاطمة رشدي، التي رشحته لبطولة فيلم سينمائي "الزواج على الطريقة الحديثة" إلا أن الفيلم لم يحقق المرجو منه، فترك المليجي التمثيل، ثم التحق بفرقة رمسيس وعمل فيها بوظيفة ملقن، وفي عام 1936 وقف أمام السيدة أم كلثوم في فيلم (وداد) ثم اختاره المخرج إبراهيم لاما لأداء دور ورد بفيلم (قيس وليلى) عام 1939.
قدم المليجي مع الفنان فريد شوقي ثنائيًا فنيًا ناجحًا، استمر لعقود فنية. ولكن نقطة تحوله كانت من خلال مشاركته مع المخرج (يوسف شاهين) عندما قدم دور (محمد أبو سويلم) بفيلم (الأرض) عام 1970. من لا يتذكر المقولة الشهيرة للمليجي في هذا الفيلم «عندما كنا رجالة ووقفنا وقفة رجالة». شارك المليجي فيما يقرب من أربعمائة عمل، تراوحت ما بين البطولة المطلقة مثل أفلامه «اللعب بالنار»، و«الزواج» أمام فاطمة رشدي، و«المغامر» الذي كان من تأليفه وإنتاجه.
يقول الناقد السينمائي محمود قاسم في كتابه :تاريخ السينما المصرية قراءة الوثائق النادرة الصادر هذا العام عن وكالة الصحافة العربية، أن السينما لم تحبس المليجي في أدوار الشر كما يشاع، ففي فيلميه «المغامر» و«الزواج» لعب أدوارا خيرة، وكانت أدوار الشر من نصيب استيفان روستي وفريد شوقي.
عمل محمود المليجي في المسرح، وقت كانت تكلفة إنتاج الأعمال المسرحية باهظة، إذ انضم لفرقة فاطمة رشدي، وكان يمولها إيلي أدرعي، وكتبت مجلة الكشكول مقالات عن خروج فرقة فاطمة رشدي من الساحة الفنية بسبب تراكم الديون، وحسبما أشارت راوية راشد في كتابها «يوسف وهبي سنوات المجد والدموع»؛ فإن محمود المليجي كان بطل الفرقة الأول، وانسحب منها بسبب غيرة عزيز عيد منه على فاطمة رشدي، تشير راوية راشد إلى أن حكاية ترك محمود المليجي للفرقة، كتبها فتوح نشاطي في مذكراته، حيث ذهب عزيز عيد إلى يوسف وهبي يشكو له فاطمة رشدي التي هجرته، وتركت له ابنتها عزيزة، فرق قلب يوسف وهبي لعزيز عيد، وحكى الأخير عن شكوكه عن وجود علاقة بين الشاب الممثل الجديد محمود المليجي وفاطمة رشدي.
استدعى يوسف وهبي محمود المليجي إلى مكتبه في مسرح رمسيس، ليعرف منه حقيقة ما إذا كان بينه وبين فاطمة رشدي علاقة، فنفى المليجي أي علاقة بينه وبينها، وأكد لوهبي أنها ليست من هذا النوع من النساء، فطلب يوسف وهبي من المليجي أن يترك فرقة فاطمة رشدي، فوافق المليجي، ووعده وهبي أن يلحقه بفرقته رمسيس. تسبب ترك المليجي لفرقة فاطمة رشدي في حملة ضارية شنتها الأخيرة على يوسف وهبي، اتهمته بالتآمر عليها، والاستيلاء على نجوم فرقتها، حسب تقرير نشرته مجلة الممثل سنة 1939.