والد الشهيدة الفلسطينية «رزان النجار» يحكي الساعات الأخيرة قبل استشهادها في مسيرات العودة (خاص)
الأحد، 03 يونيو 2018 11:04 م
«رزان.. سيشرق فجرك فوق الربى.. ويعلو مداك الرضا والحبور.. سيشرق مهما يطول العدا.. ويقصف بالغدر كل الثغور» مع الاعتذار للشاعر الراحل محمود درويش، الكلمات هي والروح هي، لكنها «رزان».
«سيكتب التاريخ رزان.. سيكتب عن عربية استشهدت لعروبتها، استشهدت من أجل فلسطين»، يقول أشرف النجار والد ممرضة العودة في حوار خاص لـ«صوت الأمة».
21 عامًا لم تكن كافية لتنفس رحيق العمر، الذي قطف الاحتلال زهرته مبكرًا. لسان حال الأب يقول: «يا صغيرتي الفستان الأبيض ينتظرك، والأهل تنتظر ألسنتهم إطلاق الزغاريد»، لكنها لم تكن زغاريد العرس، بل زغاريد عروس يزفوه إلى الجنة.
جنازة مهيبة
أمس السبت، شيّع آلاف الفلسطينيين في قطاع غزة، جنازة «مسعفة العودة» التي استشهدت الجمعة بطلقات الاحتلال الإسرائيلي، قالت وزارة الصحة الفلسطينية إنها «متعمدة».
يروى والدها اليوم الأخير لها في منزلها، قائلًا: «صلينا سويًا الفجر، كنت مجهد وأخبرتها بذلك، لكنها قالت أنا محتاجة أنام أيضًا»، استيقظت الفتاة العشرينية في الثانية عشر ظهر يوم الجمعة، توضأت واستقبلت قبلتها لصلاة الظهر.
«لا مشاعر حزن ولا كسرة قلب فمن مثلي له ابن مات فدا وطنه»، يكمل أشرف النجار: أن فتاته انتهت من صلاتها وجلست بجوار والدتها، تودعها الوادع الأخير، مترددة هل تذهب لاستكمال مسيرات العودة التي بدأت في 30 مارس الماضي، أم تعكف عن الذهاب، فاليوم عطلتها الأسبوعية من مستشفي «ناصر – حسني مبارك» والتي تطوعت فيها قبل عامين.
والد الشهيدة لـ«صوت الأمة»: خرجت تستقبل ملك الموت في الثانية ظهر الجمعة
في الثانية ظهر الجمعة -بحسب أباها- خرجت رزان من بيتها تستقبل ملك الموت حيث كان في انتظارها في خانيونس جنوب قطاع غزة، وأمام الجدار الحدودي سقطت برصاصة إسرائيلية.
لم يكن لدى أهل رزان مانع في تطوعها للعمل بمستشفى «ناصر»، يقول والدها: «كنا نتعامل معها كصديقة وبنت وأخت، كانت تؤمن بالعودة، تداوي في مسيراتها المرضى والجرحى حتى أنها أصيبت 12 مرة قبل استشهادها».
تكرار الإصابات جعل والد الفتاة العشرينية يتعامل بحكمة مع صراخ والدتها التي أخبرته بإصابة ابنتها في ما بين الساعة الخامسة والنصف والسادسة من مساء الجمعة: «إلحقني يا أشرف رزان أصيبت».
قطع الرجل عمله وتوجه إلى منزله في «خانيونس»، يضيف: «تخيلت أنها إصابة عادية، كالعادة ما بين اختناق بالغاز وخرطوش بالصدر والظهر، لكن والدتها أصرت على الذهاب إلى المستشفي «قلبي واجعني على بنتي».
علم والد الفتاة باستشهادها أثناء طريقه لاستقبال جثمان ابنته بمستشفى ناصر، لكنه لم يخبر أمها نظرا لظروفها الصحية، حسب قوله، يضيف: «وصلنا للمستشفي، قالوا إن الأطباء يتعاملون مع الحالة، انتظرنا نصف ساعة يحاول الأطباء إنعاشها، لكنها كانت مشيئة القدر.
على لسان والدها.. الشهيدة: لن أترك وطني حتى النهاية
لم يحكي والدها عن لحظة استقبال خبر الوفاة داخل المستشفي، لكنه حكى عن ابنته العنيدة، يتابع: «كانت ترفض رزان الخروج من الميدان للراحة بعد تكرار إصابتها، كانت تؤمن أنها لها حقا لن تتركه»، يضيف على لسانها: «أنا هخدم شعبي حتى النهاية، أنا مش هسيب شعبي لأخر لحظة».
«رزان بطلة الخط الأمامي».. هكذا أسماها والدها، يضيف: «لما بدأت مسيرات العودة كانت تداوي الجرحى والمصابين، كانت خط الدفاع الأمامي للمسيرات، كانت تنقذهم من خط التماس مع العدو الصهيوني».
يتذكر الرجل الخمسيني، أن فتاته الصغيرة التحقت بكورس للتحاليل الطبية بمستشفى ناصر، لم يمض على التزامها به سوى 4 أيام، وقضت نحبها في يوم عطلتها.
اختتم والدها حديثه: «سيذكر التاريخ رزان، سيذكر انتمائها العربي، سيذكر من وضعت روحها فداء لكل ما هو عربي».