توصيات النيابة الإدارية حول تعدد حالات السرقة والعبث بالآثار
الأربعاء، 30 مايو 2018 10:00 مأحمد سامي
كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن تعدد حالات السرقة والعبث بالآثار المصرية من بعض المسئولين بالوزارة خاصة بعد أن كشفت تحقيقات النيابة الإدارية عن العديد من وقائع الفساد داخل الوزارة وتمت إحالتهم إلي المحكمة التأديبية بمجلس الدولة الأمر الذي يطرح التساؤل حول أسباب زيادة نسبة قضايا الفساد داخل هذه الوزارة الحيوية والهامة وكيف يمكن القضاء عليها، ونستعرض الإجابة علي هذا التساؤل في التقرير التالي من خلال توصيات النيابة الإدارية والعقوبات المشددة الموقعة من المحكمة التأديبية.
ملاحظات وحلول النيابة الإدارية
في عام واحد حققت النيابة الإدارية فيما يقرب من ألف قضية متعلقة بقطاع الآثار تعلقت أغلبها بعدم الحفاظ علي القطع الأثرية مما تسبب في سرقتها وإتلافها فوقائع سرقة الآثار والاستيلاء عليها جاءت سواء أثناء التعامل على هذه الآثار أو في فترات الاضطرابات الأمنية وهو ما كشف عن ضعف منظومة الرقابة على الآثار وحمايتها.
وقدمت النيابة بعض الأسباب التي أدت إلى انتشار ذلك و الحلول المقترحة لعلاج أوجه القصور في منظومة الرقابة على الآثار وحمايتها
وأكدت النيابة علي ضعف الرقابة في تأمين وحماية المتاحف وأماكن حفظ الآثار بالأبواب الحديدية الإلكترونية والأسوار العالية التي تمنع من اختراقها، كما رصدت النيابة غياب منظومة المراقبة الالكترونية، مما يستلزم استخدام وسائل الإنذار الالكترونية وكاميرات المراقبة لحماية الآثار
وأكدت النيابة علي ضرورة إعادة كتابة الفيشات والبطاقات لكل اثر بجميع أقسام المتاحف المصرية ،عدم فتح فتارين العرض للآثار للتصوير سواء للأجانب أو الدارسين أو تداولها إلا بموافقة كتابية من الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار على أن يتم كتابه أرقام القطع بمحاضر فتح الفتارين ودفتر أحوال الشركة.
وأضافت أن غياب توافر الخبرة الفنية والإدارية اللازمة فيمن يتم تكليفهم بالعمل بالوظائف القيادية بالمتاحف أمر خطير ولابد من مراعاة ذلك الأمر لمعرفة كيفية التعامل مع القطع الأثرية، وتوفير الحماية الأمنية اللازمة، فضلا عن ضرورة إخطار الانتربول الدولي ومنظمه اليونسكو بأرقام القطع الأثرية المفقودة وأوصافها ومقاساتها وصور تفصيلية لكل قطعه على حده، وتشديد العقوبات على جرائم الآثار سواء سرقتها أو الاستيلاء عليها أو التنقيب عليها بطريق غير مشروع والاتجار فيها وتهريبها.
كذلك طالبت بتفعيل القرار الوزاري رقم 1865 لسنة 2000 بعمل الرفع المساحي اللازم ومخاطبة كافة الجهات المعنية باعتبار الأراضي المبينة مساحتها بالقرار المذكور منافع عامة آثار وإعداد نماذج لمحاضر التعديات وفقاً لنص المادتين 77-78 من اللائحة التنفيذية لقانون حماية الآثار حتى يسهل على القائمين بالعمل بالمواقع الأثرية اتخاذ الإجراءات بسهولة ويسر على أن يرفق بكل محضر رسم كروكي لمكان التعدي معد وفقاً للخريطة المساحية للموقع الأثري كما أمرت بضرورة أن يكون تسليم وتسلم مسئولي المواقع الأثرية لعملهم طبقاً لخرائط مساحية تثبت بمحاضر رسمية ويثبت بها كافة الملاحظات والمتغيرات على الموقع.
ثلاث قضايا في أقل من شهرين
1- الاستيلاء على 146 من أموال لجنة الحفائر في الفيوم
في 28 مايو 2018 أحالت النيابة الإدارية ثلاثة متهمين من العاملين بالمجلس الأعلى للآثار للمحاكمة العاجلة، وهم كلا من مدير الإدارة العامة للآثار السابق بالمجلس الأعلى للآثار ورئيس لجنة حفائر بحيرة قارون بالفيوم، وكبير باحثين بإدارة دراسات وأبحاث الآثار بالمجلس الأعلى للآثار وصراف بلجنة حفائر بحيرة قارون بالفيوم، صراف بقطاع التمويل بالمجلس الأعلى للآثار وذلك لاتهامهم بالاستيلاء على مبلغ 146 ألف جنيه قيمة مكافآت العاملين ببعثة لجنة حفائر بحيرة قارون بالفيوم.
وكشفت التحقيقات في القضية رقم 260 أن المتهمان الأول والثاني بصفتهما أعضاء بلجنة حفائر بحيرة قارون والتي شكلت بالقرار رقم 3146 لسنة 2008 الصادر من الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار للقيام، بأعمال البحث عن وجود آثار بالقرب من بحيرة قارون بالفيوم قاما بالتزوير في استمارات صرف مكافأة العاملين بتلك اللجنة وذلك بقيامهم بالتوقيع قرين أسماء عدد من العاملين بهذه الاستمارات والاستيلاء على مكافئتهم البالغ إجمالي قيمتها ما يقارب من146 ألف جنيه كما كشفت التحقيقات أيضاً عن قيام المتهم الثاني بصفته صراف بلجنة حفائر بحيرة قارون بالفيوم بالسماح للعاملين ببعثة اللجنة بالتوقيع لبعضهم البعض باستمارات صرف المكافآت الخاصة بالبعثة.
المتهم الثالث كشفت التحقيقات عن قيامه بالتزوير في عدد 2 استمارة صرف مكافأة العاملين ببعثة لجنة بحيرة قارون بالفيوم بالتوقيع باسم أثنين من العاملين بالبعثة والاستيلاء على قيمة مكافئتهم والتي قدرت بإجمالي مبلغ 2680 جنيه.
كما تضمن تقرير أبحاث التزييف والتزوير وجود توقيعات باستمارات صرف المكافأة منسوبة لبعض العاملين ببعثة لجنة حفائر بحيرة قارون على الرغم من ثبوت عدم توقيعهم على تلك الاستمارات.
2- ضياع قطعة ذهبية بوزن22 جرام ذهب
في 15 مايو 2018 قررت النيابة إحالة رئيس القسم الخامس بالمتحف المصري بالمجلس الأعلى للآثار السابق للمحاكمة العاجلة لإهمالها مما تسبب في فقد إحدى القطع الأثرية والتي تزن 22 جراماً من الذهب الخالص والتي كانت موجودة بالقاعة رقم 44 بالدور الأرضي بالمتحف المصري.
كشفت التحقيقات في القضية المقيدة برقم 184/ نيابة الآثار، أثناء جرد عهدة المتهمة بمعرفة لجنة تم تشكيلها وذلك لبلوغها سن المعاش، تبين للجنة المشكلة برئاسة مدير مركز المعلومات بقطاع المتاحف بالمجلس الأعلى للآثار عدم وجود القطعة الأثرية الذهبية رقم 90890 سجل عام، ورقم 12611 سجل خاص، وتم تحرير مذكرة لنائب رئيس القطاع وإبلاغ النيابة الإدارية بالوقعة.
كما كشفت التحقيقات أن القطعة الأثرية لم يتم العثور عليها حتى تاريخه وأن المتهمة لم تقم بإنهاء إجراءات إخلاء طرف بشأن عهدتها الأثرية بناءً على قرار رئيس اللجنة المشكلة لجرد العهدة وذلك بسبب فقد تلك القطعة.
3- إحالة 72 مسئولا بالأثار للاستيلاء على 5 ملايين
4 إبريل 2018 فجرت النيابة الإدارية أكبر قضية داخل قطاع الآثار تسبب في إحالة 72 متهما من العاملين بقطاع الآثار بمحافظة المنوفية للمحاكمة العاجلة بتهم تسهيل الاستيلاء على المال العام.
وتضمن قرار الإحالة كل من، المسئول عن الموقع الأثري بمدينة قويسنا سابقا، و40 مفتش آثار بمنطقة التل الأثري بمحاجر قويسنا، و25 مسئولاً أمنياً بمنطقة التل الأثري بمحاجر قويسنا، ومدير متحف كفر الشيخ حاليا، وأخصائي أمن أول بمتحف العريش حالياً وسابقاً بمنطقة قويسنا، والمسئول عن الموقع الأثري بمنطقة آثار محاجر قويسنا سابقاً وحالياً مسئول الوعي الأثري بالمنوفية، ومدير إدارة المساحة والأملاك بوسط الدلتا، ومدير منطقة آثار المنوفية، ومدير عام منطقة آثار المنوفية.
وجاءت البداية بتلقي النيابة الإدارية بقويسنا شكوى من أحد الأثريين المسئولين بمنطقة آثار محاجر قويسنا بشأن تدمير جزء كبير من التل الأثري بقويسنا من الجهة الغربية وذلك عن طريق القيام برفع ملايين الأمتار من الرمال الأثرية وبما تحويه من آثار والاستيلاء عليها والتي قدرت قيمتها بما يقارب (خمسة ملايين جنيه) وتخصيص مكان لوقوف سيارات النقل الثقيل والتابعة لأحد المصانع بالمنطقة بالأرض التابعة لآثار محاجر قويسنا بالمخالفة لقانون حماية الآثار.
وبناء عليه أمرت النيابة بتشكيل لجنة برئاسة المفتش المالي والإداري بديوان عام محافظة المنوفية والتي تضمن تقريرها وجود تعدي واقع على أملاك الآثار وذلك برفع رمال أثرية حال إنشاء طريق يمر بجوار منطقة التل الأثري قدرت بما يقارب 15 ألف بعد حساب الفوائد القانونية وأيضا وجود زيادة في المسطح المرفوع منه الرمال خلال الفترة من 2010 حتى عام 2017 قدرت بـ 2710 أمتار مربعة قدرت بما يقارب مبلغ خمسة ملايين جنيه، بعد حساب الفوائد القانونية وأن اعتماد متوسط سعر المتر المكعب من الرمال جاء وفقاً لسعر البيع الرسمي بمنطقة محاجر قويسنا.
وكشفت التحقيقات في القضية رقم 249 لسنة 2017 أن تلك الرمال كانت تحتوي على كنوز وآثار وأن التل الأثري وهو عبارة عن جبانة أثرية قد عُثر فيها أثناء المواسم الحفرية على الكثير من الآثار والتوابيت بأحجام مختلفة، فضلاً عن بعض المشغولات الذهبية، كما تضمن التقرير أنه تم التعامل مع هذا التل الأثري كمستودع لمخلفات المصانع المجاورة له وذلك تحت سمع وبصر كافة المسئولين عن هذا الموقع الأثري ودون اتخاذ ثمة إجراء حيال تلك المخالفات.
كما كشفت التحقيقات عن قيام المتهم الأول بتمكين أحد المقاولين من رفع رمال من الجهة الغربية بمنطقة التل الأثري بقويسنا من مسطح 90 مترا مربعا من الأراضي المملوكة للآثار بموجب القرار الوزاري 1865 لسنة 2000 حال إنشاء طريق يمر بجوار المنطقة المذكورة، وذلك خلال عمله كمسئول للموقع الأثري، حيث تم رفع رمال أزيد مما هو مرخص بمعرفة اللجنة الدائمة بوزارة الآثار بمقدار 20 متراً بدلا من 8 أمتار واستيلاء المقاول المذكور على هذه الرمال، وكان يتعين على المتهم متابعة تنفيذ المقاول للأعمال وفي حالة المخالفة كان يتعين إيقاف تلك الأعمال، كما أن المتهمين الثاني والثالث تقاعسا عن اتخاذ ثمة إجراء حيال تجاوز المقاول المساحة المرخصة له مما أضر بالمال العام بمبلغ (خمسة عشر ألفا وثمانمائة وثلاثة وأربعون جنيها) وبما يشكل تعدياً صارخاً على الموقع الأثري.
وتبين من التحقيقات عدم اتخاذ المختصين ثمة إجراء حيال تفعيل القرار الوزاري رقم 1865 لسنة 2000 والخاص بترسيم حدود منطقة أثار محاجر قويسنا وتحديد المساحة التابعة للمجلس الأعلى للآثار لإحكام الرقابة الأثرية على المنطقة وإهمال مسئولي الأمن بالمنطقة فى حراسة الموقع الأثري خلال الفترة من 2010 حتى 2017 كل منهم من تاريخ استلامه العمل بالموقع مما مكن مجهول من رفع رمال من مسطح 2710 أمتار مربعة من الأراضي المملوكة للآثار بالجهة الغربية للتل الأثري بالقرار الوزاري آنف الذكر وألحق ضررا بالمال العام للدولة قدر (بما يقارب خمسة ملايين جنيه) وبما يشكل تهديدا للآثار المصرية، كما أن المسئول عن الموقع الأثري ومفتشي الآثار بمنطقة التل الأثري بمحاجر قويسنا قد تقاعسوا عن اتخاذ أي إجراء حيال ذلك منذ تاريخ استلام كل منهم العمل بالموقع.
كما كشفت التحقيقات أيضا عن استغلال المصانع المجاورة لجزء من الأراضي المملوكة للآثار بالجهة الغربية للتل الأثري بقويسنا كمكان لانتظار مركبات النقل الثقيل التابعة لها وعدم اتخاذ المتهمين المختصين أي إجراءات حيال ذلك التعدي على المنطقة الأثرية.
واستمعت النيابة أثناء تحقيقاتها إلى شهادة كل من، رئيس قطاع الآثار المصرية وكبير مفتشي آثار المنوفية اللذين شهدا بأن الموقع الأثري بقويسنا من أهم المواقع الأثرية، وأن تلك المنطقة تعد من أهم المناطق الأثرية الفريدة بوسط الدلتا واحتمالية وجود قطع أثرية برمالها نسبته كبيرة جداً استناداً للشواهد الأثرية والقطع العديدة التي تم اكتشافها على مدار المواسم الحفرية والثابتة رسمياً بالسجلات، فضلاً عن وجود بعثة إنجليزية تقوم بزيارة التل مرة أو مرتين سنوياً لإجراء أعمال التنقيب بالاتفاق مع المجلس الأعلى للآثار ولا يجوز رفع الأتربة أو الرمال إلا تحت الإشراف الأثري بالنسبة للأراضي الخاضعة، وأن المتهمين آنفي البيان ثابت في حقهم تسهيل الاستيلاء على الرمال الأثرية الموجودة بالموقع، خاصة أن نقل كل تلك الكميات يحتاج بالضرورة لمركبات ضخمة، فضلاً عن أن المسئولين عن الموقع سواء من الأثريين أو الحراس أو الأثريين المكلفين بالمتابعة والمرور عليه مسئولين مسئولية مباشرة عن حماية الموقع والحفاظ عليه واتخاذ الإجراءات حيال أي تعدي على الأراضي الخاضعة للآثار.
وأسندت النيابة للمتهمين جرائم لا تقتصر فقط على تسهيل الاستيلاء على المال العام والمتمثل في كمية الرمال بل وأيضاً ما تحويه تلك الأرض من قطع أثرية لا تقدر بثمن، وبناءً على ذلك قامت النيابة بمواجهة المتهمين بما نسب إليهم كل في حدود اختصاصه وانتهت إلى قرارها المتقدم بإحالة المتهمين للمحاكمة العاجلة، إبلاغ النيابة العامة بما تشكله الواقعة من جريمة جنائية.
وفي 20 ديسمبر 2017 بدأت المحكمة التأديبية محاكمة 4 مسئولين بوزارة الآثار في القضية رقم 332 لسنة 59 قضائية بشأن العثور على تمثال أثري بسوق الخميس بمنطقة آثار المطرية واستخدام حفار لاستخراجه من باطن الأرض والعبث به عقب استخراجه بسبب تركه دون حراسة وعدم تغطيته بالخامات المناسبة والأساليب التقنية المتبعة.
وكشفت التحقيقات أن الواقعة تخلص بشأن اكتشاف أثري مهم أثناء قيام البعثة المصرية الألمانية المشتركة بالتنقيب عن الآثار بمنطقة آثار المطرية واكتشاف جزأين من تمثال أثري بسوق الخميس بالمطرية يوم الثلاثاء 7 مارس 2017 حيث تم استخراج الجزء الأصغر والذي يمثل التاج وجزء صغير من الوجه والأذن اليمني ويزن حوالي طن ونصف يوم الخميس الموافق 9 مارس بواسطة الحفار ،، وقد تم استخراج الجزء الثاني والذي يمثل الجزء العلوي من التمثال ويزن حوالي 8 طن يوم الاثنين الموافق 13/3/2017 بواسطة فريق متخصص من المتحف المصري الكبير، وأن التمثال مصنوع من حجر الكوارتيزيت صخري رملي وتم استخراجهم من موقع العمل من تربة طينيه مشبعة بالمياه على عمق بلغ 5 أمتار وأن التمثال يبلغ طوله 8 أمتار وهو للملك (بسمتيك) الأول من الأسرة السادسة والعشرون بالدولة الحديثة وحكم 54 عاماً من 664 إلى 610 قبل الميلاد.