قصة منتصف الليل: ياسر جلال و «المكرونة البشاميل»
الأربعاء، 23 مايو 2018 08:26 مأحمد سامي
أحيانا تجبرنا صفعات الحياة على اختيارات لم تكن في استطاعتنا لكن في النهاية نرضخ لما يفرضه علينا القدر رغم عدم استطاعتنا التفرقة بين هل هذا هو القدر أم أنها نتيجة حتمية لسوء اختياراتنا، فتكن النهاية الوقوع في بئر من الحيرة لتحقيق ما يفرضه العقل وترفضه طبيعة الحياة.
استطاعت «ندى» أن تخطف قلب «إسلام» فهي الفتاة الجميلة المعتنية كثيرا بملابسها ومظهرها العام، فمنذ أن رأها بصحبة صديقته في أحد النوادي الشهيرة وتمكنت من شغل عقله وتفكيره، فسعي للتقرب منها، شعر الاثنين بإرتياح متبادل رغم الطباع المختلفة فهي الابنة الوحيدة لوالدتها لذا كانت دلوعة، تتركز اهتماماتها فقط بالأزياء والموضة والميكاب، فلا تعرف عن عالم الحياة الزوجية، وإدارة المنازل الكثير، ولكن لشدة تعلقه بها قرر أن يكمل ما بدأه.
فاتح «إسلام»، عائلته برغبته في الزواج من فتاته فهي التي تستطيع أن تسعده، ولكن واجهت والدته الأمر بالرفض فهي تختلف عن عائلته في الطباع وأسلوب الحياة وكذلك المستوي الاجتماعي ولن يستطيع مجاراتها في هذه الحياة فهو موظف في شركة خاصة ولن يفي مرتبه باحتياجاتها، ورغم نصائح والدته المتعددة إلا أنه أصر على الزواج منها.
لم تمر ثلاثة أشهر حتى تم حفل الزفاف في قاعة بأحدي الفنادق لتليق بالمستوي المادي للزوجة، ورغم التكاليف الباهظة للحفل ولكن كانت السعادة تغمر الجميع، بعد الزفاف توجه العروسين لقضاء شهر العسل. بعد انتهاء فترة الدلع بدأ إسلام في مطالبة الزوجة بضرورة تعلم أساسيات المطبخ والاهتمام بنظافة المنزل، فقد تغيرت المسئوليات فالأمر بعد الزواج مختلف عن ذي قبل وأنه سيعمل علي مساعدتها في كافة الأمور ولكن عليها أن تتحمل المسئولية قليلًا وتقلل من نفقاتها، حاولت الزوجة أن تتقبل نصائح زوجها فهي في بداية الزواج، مرت الأيام والزوجة علي نفس عادتها تحاول لكنها تفشل في أعمال المطبخ.
مع اليوم الأول لشهر رمضان قرر الزوج أن يدعو أسرته لتناول الإفطار في منزله الجديد، وحان وقت المواجهة ففي هذا اليوم أحضر الزوج كافة احتياجات المطبخ من المأكولات والفاكهة وما لذ وطاب لتجهزه زوجته.
استيقظت «ندى» من نومها متأخرة وهي تشعر بالتعب الشديد فلا طاقة لها بدخول المطبخ ولا تعرف كيف تطهي هذه المأكولات التي طلبها زوجها، فلم تجد أمامها حل سوي أن تضعها في الثلاجة وتطلب محل «ديليفري» لتوصي بالعديد من الوجبات والتي تجاوزت الألف جنيه، وحضر الزوج ليجد مفاجأة في انتظاره فلم تحضر الزوجة الطعام وأخبرت زوجها بأنها قامت بشراء الأكل جاهزًا من أحد المطاعم ليثور الزوج غضبا من تصرفات زوجته ولكنه حاول احتواء الموقف لقرب مجئ عائلته وحتى لا ينكشف أمره أمامهم، مر اليوم بسلام واستوعب الزوج الأمر.
في اليوم التالي قررت ندي أن تطهو وجبة بسيطة لزوجها فبعد تصفح لمواقع الأكل قررت أن الإفطار سيكون «مكرونة بشاميل» و«فراخ بانيه» وقامت بتجهيزها كما في الوصفات ووضعتها في الفرن، وقررت أن تستغل الوقت المتبقي في متابعة حلقات المسلسلات التي أضاعتها، فأحضرت هاتفها وفتحت موقع الفيديوهات الشهير وبدأت في مشاهدة كافة الحلقات، مسلسل رحيم بطولة نجمها المفضل ياسر جلال ووضعت كل تركيزها في تفاصيل الحلقات وما تضمنته من مشاهدة ستغير مجري حياة الأبطال.
في تمام الساعة السادسة والنصف عاد إسلام من عمله ومن أن دلف داخل المنزل حتى اشتم رائحة ودخان كثيف يخرج من المطبخ، فهاله الأمر متخيلا أن حريقا شب بالمطبخ فدخل مسرعا لإستطلاع الأمر و الإطمئنان علي زوجته، ليجد أن الفرن هو مصدر هذه الشبورة الدخانية فأغلقه وفتح المنافذ لتهوية الشقة وتوجه إلي زوجته ليجدها منهمكة في مشاهدة المسلسلات على هاتفها، وما أن سمعت صوته العالي وأنها كادت تتسبب بحرق الشقة بإهمالها ورعونتها وعدم تحملها للمسئولية، بدأت مشادة حامية بينهما، فقد حذره الجميع من الزواج منها فهي شخصية مستهترة، لا تجيد مجرد تحضير وجبة الإفطار، فماذا يفعل بعد أن عاد من عمله مرهقا من صيام يوما طويل ويريد أن يتناول الطعام ليجدها أحرقته لانشغالها بمشاهدة المسلسلات التافهة.
لم تستطيع« ندى» أن تتقبل إهانات زوجها المتكررة واتهامها بالإهمال فهو لم يتزوجها من أجل خدمته، وتحضير الطعام فهي زوجة ولها حقوق ولم تجرم عندما أرادت الترفيه عن نفسها بمشاهدة المسلسل، وعليه أن يدبر أمره بتناول قطعة من الجبن تعويضا عن الأكل المحترق.
أثارت كلمات الزوجة وإحساس اللامبالاة عصبية الزوج بشكل أكبر لتتعالي الأصوات، ليقوم بضربها بعد إهانته واتهامه بعدم التفكير في غير الأكل وإعلان ندمها علي الزوج من شخص لا يفكر إلا في متعته، انتهت المشادات بجمع الزوجة بعض ملابسها وترك المنزل، لم ينتظر الزوج طويلا وأرسل إنذار بالطاعة للزوجة واتهمها بالنشوز.