السنة والشيعة.. قصة الألف عام (3)
الثلاثاء، 22 مايو 2018 08:00 صكتب: حمدي عبد الرحيم
كانت الأمة الإسلامية تحت قيادة رسولنا الكريم ثم الصديق والفاروق أمة واحدة، ثم جاء عهد الخليفة عثمان بن عفان فظهرت بوادر فرقة، سرعان ما تعاظمت حتى انتهى الأمر إلى مقتل الخليفة، وهى الحادثة الشنيعة المعروفة فى كتب التاريخ بالفتنة الكبرى، فمن يومها توالت الفتن حتى انقسمت الأمة إلى فرق متعددة ومتضاربة ومتناقضة ومتحاربة، وقد خرجت معظم الفرق من عباءة فرقتين كبيرتين هما فرقة أهل السنة والجماعة التى تمثل الأغلبية الكاسحة ثم فرقة الشيعة.
رابعا: الإمامة
أقول: تعريف الإمامة عند الشيعة:
الإمامة عند الشيعة الإمامة عبارة عن رئاسة عامة إلهية فى امور الدين والدنيا كالنبوة والفرق بين النبى والإمام ان النبى والرسول طرف للوحى الالهى والإمامة ليس بطرف للوحى بل بشأن الامام هو التبليغ والبيان وتفصيل المجمل، وتفسير المعضل وصون الدين من التحريف والدس والإمامة عند اهل السنة لها معان متشابهة:
1 - الإمامة رئاسة عامة فى امور الدين والدنيا.
2 - الإمامة خلافة الرسول فى اقامة الدين بحيث يجب اتباعه على كافة الإمامة.
3- الإمامة نيابة عن صاحب الشريعة فى حفظ الدين وسياسة الدنيا .
والمعنى الاول اقرب إلى ما هو عند الإمامة.
المبحث الثانى فى كون الإمامة من اصول الدين او فروعه، وهى عند الشيعة الامامية من اصول الدين كالنبوة فيجب الاعتقاد بها مثل الاعتقاد بالنبوة وأما اهل السنة فقد اتفقت كلمتهم على انها من فروع الدين.
وقال التفتازانى: لا نزاع ان مباحث الامامة من فروض الكفايات فيقصد الشارع تحصيلها فى الجملة من غير ان يقصد حصولها فى كل احد ولا خفاء فى ان ذلك من الأحكام العملية دون الاعتقادية.
وقال الغزالى اعلم ان النظر فى الإمامة ليس من المهمات وليس أيضا من فن المعقولات بل من الفقهيات.
وها هنا سؤال يطرح نفسه وهو أن كون الإمامة من الفروع لا يستدعى شن الحروب الدموية ضد الشيعة لأجل تركهم خلافة الشيخين أبو بكر وعمر. والخلافة القائل بأنها من الفروع إلا أنها كشأن الصلاة والصوم فكما لا يجب قتل تارك الصلاة والصوم كذلك لا يجب قتل تارك الإمامة والخلافة. إذا الاختلاف بين السنة والشيعة حينئذ فى أمر الخلافة والإمامة حينما نعتبرها من الأمور الفرعية ليس اكبر وأكثر من اختلاف المذاهب أنفسهم فى الأحكام الفرعية .
الإمامة عند أهل السنة قضية من قضايا الدنيا ولذا تختلف شروط الإمام من فقيه لفقيه، ولكنها عند الشيعة أصل من أصول الدين، الأئمة عند الشيعة هم:
على بن أبى طالب والحسن بن على والحسين بن على وعلى بن الحسين ومحمد بن على بن الحسين الباقر وجعفر بن محمد بن الحسين «جعفر الصادق» وموسى بن جعفر الكاظم وعلى بن موسى ومحمد بن على وعلى بن محمد الهادى والحسن بن على العسكرى.
يقول الباحث الشيعى صالح الوردانى:
تعد الإمامة عند الشيعة أصلا من أصول الدين وهذا الأصل هو ما يميزها عن أهل السنة وعن الفرق الأخرى، ولأجل تبنى الشيعة قضية الإمامة نعتوا بالشيعة الإمامية، أى الذين يعتقدون فى اثنى عشر إماما بعد الرسول صلى الله عليه وآله.
والشيعة حين تتبنى قضية الإمامة إنما تستند فى ذلك إلى حجج شرعية تتمثل فى نصوص قرآنية ونبوية بالإضافة إلى حجج عقلية. وهذه النصوص القرآنية والنبوية يعمل بها أهل السنة أيضا لكنهم لا يفهمون منها ذلك الفهم الذى تفهمه الشيعة منها.
وهذا لا يعنى أن جميع نصوص الإمامة تعد نصوصا ظنية، بل هناك نصوص قطعية واضحة الدلالة على الإمامة إلا أن أهل السنة سيرا مع قاعدة التأويل والتبرير يخضعون هذه النصوص للمفهوم الذى يتناسب مع عقائدهم.
وجوهر الخلاف بين الشيعة وأهل السنة حول الإمامة إنما يكمن فى موقف كل من الطرفين من آل البيت، فموقف أهل السنة من آل البيت هو موقف عائم، فهم يعرفونهم بأنهم أزواج النبى وآل على وآل عقيل وآل جعفر وآل عباس.
أما موقف الشيعة فهو موقف محدد يحصرهم فى ذرية على عليه السلام، ولديهم من النصوص ما يدعم هذا الموقف.
وبالطبع فإن مثل هذا الموقف العائم من قبل أهل السنة لا تبنى عليه فكرة الإمامة خاصة أنهم لا يجعلون لآل البيت أى خصوصية تميزهم عن بقية المسلمين.
أما حصر آل البيت فى ذرية على وإيجاد خصوصية لهم بحكم النصوص فيفرض وجوب الإمامة عليهم وهو ما تقول به الشيعة.
وسوف نعرض فى نظرية الإمامة عند الشيعة مستعرضين للأدلة الشرعية والعقلية التى تقول بوجوبها، الإمامة عند الشيعة تختلف عن الإمامة فى الدين عند أهل السنة والجماعة، فالإمام عند الشيعة له من الخصائص كما للنبى - صلى الله عليه وآله وسلم - !!
يقرر ذلك محمد حسين آل كاشف الغطاء فى كتابه «أصل الشيعة وأصولها» يقول: «إن الإمامة منصب إلهى كالنبوة، فكما أن الله سبحانه يختار من يشاء من عباده للنبوة والرسالة، ويؤيّد بالمعجزة التى هى كنَصّ من الله عليه... فكذلك يختار للإمامة من يشاء ويأمر نبيه بالنص عليه وأن ينصبه إمامًا للناس من بعده».
والإمامة عند الشيعة أحد أركان الإسلام الخمسة، فهم يعتقدون كما جاء فى «الكافى» عَنْ أَبِى جَعْفَرٍ قَالَ: «بُنِيَ الْإِسْلَامُ علَى خَمْسٍ: علَى الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصَّوْمِ وَالْحَجِّ وَالْوَلَايَةِ، وَلَمْ يُنَادَ بِشَيْءٍ كَمَا نُودِيَ بِالْوَلَايَةِ».حكى المفيد أحد علماء الشيعة إجماع الشيعة الإمامية الاثنى عشرية علَى أن من أنكر إمامة أحد من الأئمة وجحد ما أوجبه الله تعالى له من فرض الطاعة فهو كافر ضال مستحق للخلود فى النار.
رأى الوردانى الذى هو ملخص لرأى الشيعة يرد عليه من أهل السنة عبدالرحمن محمد سعيد دمشقية الذى يقول:
نسج الشيعة عقيدة الإمامية على تفسيرات منسوبة لجعفر الصادق رحمه الله وضعف علماؤهم أسانيدها.
ثم جاءت كلمة من على رضى الله عنه فى نهج البلاغة تهدم ما أسسه الشيعة وبنوه بالروايات التى ضعفوها بأنفسهم، وهذه الكلمة من على هى: «لا بد للناس من أمير بر أو فاجر يعمل فى إمرته المؤمن، ويستمتع فيها الكافر، ويبلغ الله فيها الاجل، ويجمع به الفئ، ويقاتل به العدو. وتؤمن به السبل، ويؤخذ به للضعيف من القوى حتى يستريح به بر ويستراح من فاجر».
وذكر الطوسى فى صفات الإمام أنه لا بد أن يكون معصوما.
لا يتنبه عامة الشيعة إلى هذه العقيدة المركبة من قبل علمائهم والتى تنطوى فى الحقيقة على التسلط والديكتاتورية ولكن عن طريق الخدعة حيث يجعلونه يخاف من الاعتراض على أى قرار يتخذه من يسمى نفسه سيدا.
وبهذه الدعوى يمكن قمع أى اعتراض يمكن أن يتوجه به أحد من الناس إليهم. ومن رأى من الإمام خطأ فعليه أن يخطئ نفسه ويتهمها لأن الإمام لا يتصور فيه الخطأ وإنما يتصور الخطأ من عامة الناس، فكلما رأوا الخطأ من الإمام اتهموا أنفسهم بأنهم هم المخطئون! وهكذا يتم بسط سلطان الكرسى «الإمامي» على نسق الكرسى البابوى الذى يزعم أنه ممثل الله على الأرض وأن الراد على البابا كالراد على الله.
وهؤلاء يقولون الراد على الإمام كالراد على الله. يعنى يصير عندهم بمنزلة إبليس الذى رد على الله! بل يجب أن يكون عندهم معصوما منصوصا عليه بالضرورة كما صرح الشريف المرتضى.
قال المرتضى ردا على سؤال حول إذا ما أخطأ الإمام فى بعض أحكامه أو نسى «هذه المسألة لا تتقدر على مذاهبنا لأننا نذهب إلى أن الإمام يجب أن يكون معصوما من كل زلل وخطأ كعصمة الأنبياء».
حينئذ بنى الشيعة عقيدتهم على ضرورة عصمة الإمام وأن من لم يكن معصوما لا يكون إماما، ولهذا زعموا أن أبا بكر وعمر وعثمان وغيرهم لا يستحقونها لأنهم غير معصومين. ثم يرد فى كتب الشيعة ما يهدم عقيدتهم من أساسها.
وهذا من صريح مخالفتهم لمن زعموا أنهم على طريقهم: فإن عليا رضى الله عنه يقول: لا بد للناس من أمير بر أو فاجر. علماء الشيعة يعترفون بأن هذا قول علي.
ولهذا حاول البعض إنكار أن يكون هذا من كلام على زاعما أنه من كلام الخوارج، وهو كذب صريح، فإن الشيعة لم يزالوا يصححون نسبته إلى على ويحتجون بقوله هذا ويشرحونه.
المرجع الشيعى المعاصر آية الله خامنئى يقول: «ومن هنا كان الإمام على «عليه السلام» يقول ردًا على هذه التيارات: «لا بد للناس من أمير». ولقد نطق الإمام على «عليه السلام» بهذا الكلام فى الرد على تيار خاص ينفى ضرورة الحكومة.. » وعلق على قول على «نعم، إنه لا حكم إلا لله ولكن هؤلاء يقولون لا إمرة إلا لله» مما يعنى أن يبقى المجتمع بدون مدير: «وإنه لا بد للناس من أمير بر وفاجر». فإن هذه ضرورة اجتماعية، وضرورة طبيعية وإنسانية تفرض لزوم المدير للمجتمع، سواء كان مديرًا سيئًا أم جيدًا. فإن ضرورة حياة البشر تفرض وجود مدير. وقال جلال الصغير: «نعم.. الإمام صلوات الله عليه يقول: لا بد للناس من إمام بر أو فاجر».
قال مفتى الشيعة المعاصر محمد مهدى شمس الدين عند شرح كلام على « قوله «لا بد للناس من أمير» تقرير لهذه الضرورة التى يفرضها واقع المجتمع الإنسانى.. ولئن كانت إمرة الإمام الفاجر – حين لا يوجد العادل – شرا: فهى على ما فيها من شر خير من الفوضى التى تمزق أواصر الاجتماع.
ويأتى رد آخر من الباحث عمر الغامدى قال فيه:
من الأمور المهمة عند المسلمين الإمامة والخلافة بعد النبى وكل سبب تخلف وانحطاطها هو ذلك وقد جرت حروب بسم الإمامة وإلى الوقت الحاضر مع وجد التقدم والحضارة ما زال الوضع على ما هو عليه ولهذا أحببت طرحه عند المسلمين السنة والشيعة.
أقول: تعريف الإمامة عند الشيعة
الإمامة عند الشيعة الإمامة عبارة عن رئاسة عامة إلهية فى امور الدين والدنيا كالنبوة والفرق بين النبى والإمام ان النبى والرسول طرف للوحى الالهى والإمامة ليس بطرف للوحى بل بشأن الامام هو التبليغ والبيان وتفصيل المجمل، وتفسير المعضل وصون الدين من التحريف والدس والإمامة عند اهل السنة لها معان متشابهة:
1- الإمامة رئاسة عامة فى امور الدين والدنيا.
2 - الإمامة خلافة الرسول فى اقامة الدين بحيث يجب اتباعه على كافة الإمامة.
3 - الإمامة نيابة عن صاحب الشريعة فى حفظ الدين وسياسة الدنيا.
والمعنى الأول أقرب إلى ما هو عند الإمامة.
المبحث الثانى فى كون الإمامة من أصول الدين أو فروعه، وهى عند الشيعة الإمامية من أصول الدين كالنبوة، فيجب الاعتقاد بها مثل الاعتقاد بالنبوة وأما أهل السنة فقد اتفقت كلمتهم على انها من فروع الدين.
وقال التفتازانى: لا نزاع ان مباحث الامامة من فروض الكفايات فيقصد الشارع تحصيلها فى الجملة من غير ان يقصد حصولها فى كل احد ولا خفاء فى ان ذلك من الأحكام العملية دون الاعتقادية.
وقال الغزالى أعلم أن النظر فى الإمامة ليس من المهمات وليس أيضا من فن المعقولات بل من الفقهيات. وها هنا سؤال يطرح نفسه وهو أن كون الإمامة من الفروع لا يستدعى شن الحروب الدموية ضد الشيعة لأجل تركهم خلافة الشيخين أبو بكر وعمر . والخلافة القائل بأنها من الفروع إلا أنها كشأن الصلاة والصوم فكما لا يجب قتل تارك الصلاة والصوم كذلك لا يجب قتل تارك الإمامة والخلافة. إذا الاختلاف بين السنة والشيعة حينئذ فى أمر الخلافة والإمامة حينما نعتبرها من الأمور الفرعية ليس اكبر وأكثر من اختلاف المذاهب أنفسهم فى الأحكام الفرعية، فلا داعى لسل السيف لأجل الحكم الفرعى ومع ذلك لا نرى فى التاريخ انه سل سيف فى الإسلام على قاعدة دينية مثل ما سل على الإمامة عبر العصور ؟
فلا داعى لسل السيف لأجل الحكم الفرعى ومع ذلك لا نرى فى التاريخ انه سل سيف فى الإسلام على قاعدة دينية مثل ما سل على الإمامة عبر العصور ؟؟
المبحث الثالث فى شرائط الإمام.
اختلف السنة والشيعة فى الشروط التى ينبغى توفرها فى الإمام وكذلك اختلف السنة فيما بينهم فى عدد شرائط الإمام وخلاصة الأقوال فى عدد شرائط الإمام.
وهى عند الباقلانى ثلاثة:
1 - القريشة.
2 - العلم.
3 - كونه ذا بصيرةٍ بأمر الحرب وتدبيره الجيوش والسرايا.
وعند عبدالقاهر البغدادى أربعة:
1 - العلم.
2 - العدالة والورع.
3- الاهتداء إلى وجوه السياسة وحسن التدبير.
4 القريشة.
وعند المارودى سبعة:
1 العدالة .
2 العلم.
3 سلامة الحواس .
4 سلامة الأعضاء.
5 الرأى المفضى إلى سياسة الرعية وتدبير المصالح.
6 الشجاعة والنجدة .
7 القريشة .
وعند ابن حزم ثمانية:
1 - القريشة .
2 - البلوغ.
3 - الرجلية «أى بان يكون رجلًا» .
4 - أن يكون مسلمًا .
5 - ان يكون متقدمًا لأمره .
6 - أن يكون عالمًا بفرائض الدين.
7 - أن يكون متقيًا الله غير معلن الفساد فى الأرض .
8 - أن لا يكون مولى عليه.
وعند القاضى سراج تسعة:
1 - أن يكون مجتهدًا فى أصول الدين وفروعه
2 - أن يكون ذا رأى وتدبير
3 - أن يكون شجاعًا
4 - أن يكون عادلًا
5 - أن يكون عاقلًا
6 - أن يكون بالغًا
7 - أن يكون مذكرًا
8 - أن يكون قريشًا
9 - أن يكون حرًا
وتعبر الأقول المذكور فى شرائط الإمام عن وجوب اعتبار العدالة والعلم فيه، فاعتبار العدالة والعلم فى الإمام متفق عليه عند اهل السنة وهذا ما ينافى قولهم بجواز إمامة الفاسق والجاهل على المسلمين فى بحث ما تنعقد به الإمامة. وهذا الاختلاف والتناقص منهم ليس إلا نتيجةً لرفضهم ما ورد من النصوص فى الإمام وشرئطه. ويعلم من اختلافهم فى عدد شرائط الإمام قلة وكثرة أن المصدر الوحيد لشرائط الإمام عندهم هو الاستحسانات العقلية.
وأما شرائط الإمام عند الإمامية فهى أربعة:
1 - أن يكون الإمام معصومًا
2 - أن يكون منصوصًا عليه
3 - أن يكون أعلم وأفضل من جميع الأمة بعد رسول الله الأكرم
4 - أن يكون أشجع الأمة لدفع الفتن ونصرة الحق.
وبعد فإن الاختلاف بين أهل الدين الواحد أمر طبيعى فلكل إنسان فقهه وفهمه ولكن يجب على العلماء من كل فريق أن يعملوا على جمع الشمل ووأد الفتن والعمل على تعظيم المشتركات وعلى أن يعذر بعضنا بعضًا فيما نختلف عليه.