"المهدي المنتظر" بين السنة والشيعة .. قصة لقاء السلفيين بـ "صاحب الزمان"
الثلاثاء، 20 فبراير 2018 08:00 مكتب:حسن الخطيب
تعد قضية "المهدي المنتظر" من القضايا العقائدية، التي اختلفت فيها المذاهب والفرق، لكنها أجمعت على وجود "المخلص" المنتظر، الذي سوف يخلص الناس من الشرور والآثام، ورغم أن بعض المذاهب تعتبر الإيمان بـ"المهدي المنتظر" ركنا أساسيا من أركان الإيمان لديها، إلا أنه لم يأت سند قاطع عليها لا من القرآن الكريم ولا من السنة النبوية حول قدوم "المهدي المنتظر" في آخر الزمان، وكل ماقيل في هذه القضية هي أخبار متواترة.
فظهور شخصية "المهدي المنتظر" ليست موجودة في القرآن لكنها موجودة بتواتر عند أهل السنّة، وبروايات مختلفة عند أهل الشيعة وفي بعض الأحيان متناقضة ومختلفة بين فرق وأخرى، لكن الواقع يثبت لنا أن "فكرة المهدي المنتظر"، هي جزء مشترك في الميثيولوجيا الشعبية المتوارثة منذ آلاف السنين، مرورا بالأزمان الغابرة وإلى يومنا هذا.
عند أهل السنة فإن قضية المهدى فيها خلاف كبير بين العلماء، فمنهم من أنكر ظهوره ،ومنهم ابن خلدون والذي ضعف الأحاديث التي وردت في ظهوره ، وقال في مقدمته بأنه لم يرد في االقرآن الكريم ولا في الصحيحين شيء عنه، لا في البخاري ولا في مسلم، ولا في السنن.
ومنهم من قال بظهوره فهم استدلوا بحديث جاء في في باب حديث الآحاد،وهو في سياقاته غريب ويتضمن إشكالات كثيرة، لكنهم يجمعون على أن"المهدي" بحسب تلك الأحاديث هو رجل يحكم بشريعة الإسلام ،ويقيم العدل في الأرض ويملؤها عدلا كما ملئت ظلما وجورا.
سلفيين قابلوا المهدي
ويعد التيار السلفي من أكثر التيارات الإسلامية التي تعتنق تلك الفكرة وتروجها على نطاق واسع ويعتبرونها ركنا أساسيا من أركان العقيدة الدينية، حتى بلغ الأمر بأحد دعاتها بأن العالم في العام 2016، على موعد مع ظهور "المهدي المنتظر"، وسيكون ظهوره العلامة الوسطى التي تسبق علامات الساعة الكبرى، بينما أدعى آخر أنه قابل المهدي وبشره بقرب ظهوره،بينما أجزم داعية سلفي آخر بأنه تلقى اتصالا هاتفيا من المهدي المنتظر يقول له بأنه سيظهر بعد عدة سنوات من أجل إقامة العدل على الأرض.
المهدي عند السنة
ينقسم علماء أهل السنة حول تلك القضية على قسمين، حيث يؤمن بعضهم بفكرة خروج "الهدي المنتظر" في آخر الزمن، ويعتقدون أن ظهوره من علامات الساعة، حيث سيكون ظهوره في آخر الزمان، فيملك سبع سنين، يملأ الأرض عدلاً، كما ملئت جوراًوظلما، وتخرج الأرض نباتها، وتمطر السماء قطرها، ويفيض المال.
ومن أبرز هؤلاء العلماء الشيخ عبد الحليم محمود شيخ الأزهر الأسبق، حيث يقول أن المهدي جاءت به نصوص السنة الصريحة، وأنه سيكون أول ظهوره بمكة المكرمة، وسيكون قبل نزول المسيح عيسى بن مريم، وسيظل قائما بأمر المسلمين، يتولى شئونهم ويقودهم في جهاد عدوهم، حتى ينزل المسيح ليحكم بشريعة محمد، وينفذ قواعد الإسلام.
بينما يذهب البعض الآخر إلى عدم وجود مهدي منتظر يخرج في آخر الزمان، فليس في الإسلام الصحيح شيء اسمه منتظر، إلا يوم القيامة، والعلامات التي تسبقا، ويرون بأن فكرة ظهور مخلص في آخر الزمان هي فكرة شيعية محضة، وليست لدى عقيدة أهل السنة، مؤكدين بأن الأحاديث التي رويت في ظهور المهدي المنتظر هي أحاديث ضعيفة ومتواترة.
ومن أبرز هؤلاء العلماء الدكتور على جمعة مفتي الجمهورية الأسبق، الذي أكد على عدم وجود مهدي منتظر في منهج أهل السنة، معللا ذلك بأنه ممنوع الانتظار.
ويرى جمعة بأن المهدي ليس منتظر لدى أهل السنة، ولكنه منتظر عند الشيعة، فنحن ليس لدينا منتظر، ولكنها كلمة جرت على ألسنة الناس، يقولك مثلًا (القول المختصر في المهدي المنتظر)، وهو ليس منتظرا، لا يوجد ما يسمي بالمهدي المنتظر في عقيدة أهل السنة، ولا يجب على أحد انتظاره، وما يروج من ظهوره فهو من العقيدة الشيعية وليست من السنة.
المهدي عند الشيعة
وتعد الشيعة بمختلف الفرق بها، من المؤمنين إيمانا قاطعا بفكرة "المهدي المنتظر"، فيرى الشيعة الإثنا عشرية بأن الإمام الغائب محمد بن الحسن العسكري، وهو آخر أئمتهم الذي قيل إنه ولد في سامراء عام 255هـ ، ويعتقدون أنه لا يزال حيا يعيش في الغيبة الكبرى بعد انقطاع أخباره التي كانت ترد إلى شيعته أثناء غيبته الصغرى عن طريق سفرائه الأربعة، ويلقبونه بالمهدي وصاحب الزمان والحجة ابن الحسن، عنودما يرد ذكر اسمه يقف الشيعة تبجيلا له، بينما يرى الشيعة الإمامية بأن المهدي المنتظر هو إمامهم وسوف يخرج منهم، ويقيماعدل على الأرض ويحارب الجدال.
انقسام
الدكتورة سهير الفيل أستاذ العقيدة والفلسفة بكلية الدراسات الإنسانية بجامعة الأزهر، تؤكد بأن فكرة "المهدي المنتظر" وارتباطها بالعقيدة الإسلامية وظهوره آخر الزمان، هي فكرة انقسمت فيها الآراء على أربعة أقوال، الأول منها يرى بأن المهدي رجل من آل البيت من ولد الحسين بن علي، يخرج آخر الزمان ليملأ الأرض قسطًا وعدلا كما ملئت جورا وظلما، وأكثر الأحاديث تدل على هذا.
وتابعت أستاذ العقيدة بأن القول الثاني فيرى أن المهدي هو المسيح ابن مريم عليه السلام، مستدلين بحديث "لا مهدي إلا عيسى بن مريم" وهو حديث ورد عن ابن ماجه، منوهة إلى القول الثالث وهو قول الشيعة حيث يقولون: إنه محمد بن الحسن العسكري المنتظر، من ولد الحسين بن علي.
وأكدت "الفيل" بأنه لا خلاف لدى أهل السنة بأن المسيح عليه السلام سوف يخرج في آخر الزمان، وقد دلت على هذا العديد م النصوص القرآنية والأحاديث النبوية، منها حديث أبي هريرةعن النبي صلى الله عليه وسلم قال "والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمْ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا عَدْلًا ، فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ ، وَيَقْتُلَ الخِنْزِيرَ ، وَيَضَعَ الجِزْيَةَ ، وَيَفِيضَ المَالُ حَتَّى لاَ يَقْبَلَهُ أَحَدٌ ، حَتَّى تَكُونَ السَّجْدَةُ الوَاحِدَةُ خَيْرًا مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا . ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ : وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ : ( وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ ، وَيَوْمَ القِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا ) ".
القول الفاصل.
يكاد أن يكون لدى العلماء والفقهاء إجماع على وجود "مهدي منتظر" يخرج في آخر الزمان، لعدم وجود نصوص قرآنية وأحاديث نبوية تدل على ذلك، فلا يوجد حديث واحد في البخاري ومسلم قطعي الدلالة على وجود المهدي المنتظر، وأما الروايات المروية عن ظهور المهدي في السنة فهي في غير البخاري ومسلم، وهي ضعيفة، ومتواترة، وهو ما أكده ابن خلدون في مقدمته.