مريض السكر في رمضان.. هل لك الصوم وكيف
الأربعاء، 16 مايو 2018 06:25 م
قال تعالي {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ ۚ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۚ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ۖ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ ۚ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (184)شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۗ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}.
توضح لنا الأية الكريمة، للمولى عز وجل، أن هناك رخصة في 3 مواضع، (المرض، السفر، الذين يطيقونه، أي الذين لا يقدرون على الصيام)، فمن شاء صام، ومن شاء أفطر وأطعم، حتى إذا آلفته النفوس.
ولكن هناك حالة مثل مرضى السكري، الذين ليسوا سواء، لأن المرض أنواع ودرجات مختلفة، فمنهم من يكفيه فقط تنظيم الواجبات والنمط الغذائي الصحيح والسليم، ومنهم من يحتاج لتناول الأقراص عن طريق الفم، وبعضهم لا يمكن السيطرة على السكر إلا بحقن الإنسولين، لذلك فالمريض الذي شعر بالتعب والإرهاق ويدخل في إغماء، فعليه الإفطار، وينطبق عليه مريضاً في الأية {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا}، وكلمة مريضاً هنا تعني التعب وعدم تحمل الجسم للصيام للمرض.
قال بعض العلم، إن المرضى الذين يعانون من السكر في سن مبكر، أي قبل اتمامهم سن الثلاثين، لا يمكنهم الصوم تحت أي ظرف، لأن نسبة السكر لديهم غير مستقرة في الغالب، وربما تختلف من واحد للأخر، وأن الصوم قد يهدد حياتهم نظراً لأرتفاع نسبة الأجسام الكيتونية والتي تكون سببا في غيبوبة السكر، أما المرضى الذين يعانون السكري في سن متأخر، فإنه يتوقف بحسب درجات ومستوى السكر بالدم.
ويمكن تقسيم مرض السكري عموماً خلال رمضان إلي ثلاث مجموعات.
المجموعة الأولي: الذين لا يتناولون أي أدوية سكري، والذين يمكنهم السيطرة من خلال نظامهم الغذائي، على حالتهم المرضية، فالصيام لهم ممكن، بل ومفيد، بشرط الحفاظ على السعرات الحرارية التي يقرها الطبيب المعالج حسب الوزن والطول والحالة المرضية، وأن توزع هذه السعرات بالتساوي بين الإفطار والسحور، وأن يتم تأخير وجبة السحور بأكبر قدر ممكن، للإستفادة بتأثيرها حتى موعد الإفطار في اليوم التالي، وممارسة النشاط البدني والذهني العادي مع الأحتفاظ بعدد مناسب لساعات النوم.
المجموعة الثانية: الذين يحتاجون إلى تناول أدوية خاصة بالسكري عن طريق الفم، بالإضافة إلى تنظيمهم للنمط الغذائي، سواء كان بتناول الأدوية مرة واحدة أو أكثر، وهؤلاء المرضى يمكنهم الصوم، لكن بشرط أكثر جدية، فالمريض الذي يتناول الدواء مرة واحدة يمكنه تناوله مع وجبة الإفطار دون أي تعديلات، أما الذين يتناولون الدواء أكثر من مرة بالفم، فننصحهم بتناول نصف جرعاتهم مع الإفطار.
المجموعة الثالثة: الذين يتناولون حقن الإنسولين، سواء مرة واحدة أو أكثر، وهؤلاء ننصحهم بعدم الصوم، وجواز الإفطار، وإذا استطاع أحدهم الصوم، فعليه الإلتزام بنفس النصائح التي ذكرناها من قبل، لأنه في النهاية المريض يقرر بنفسه قدرته على الصوم، من عدمه {بَلِ الْإِنسَانُ عَلَىٰ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ}، فقدرة الإنسان على الصوم يتحدد بحسب طاقة الجسم { لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۚ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ۗ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ۚ رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا ۚ رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ ۖ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا ۚ أَنتَ مَوْلَانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}.
وهنا لا بد أن نشير إلى أنه لابد من استشارة الطبيب المعالج، وأخذ جرعة الأنسولين قبل وجبة الإفطار مباشرة، ذلك بالنسبة لمن يتعاطون جرعة واحدة، أما الذين يتعاطون أكثر من جرعة في الأيام العادية، فننصحهم بضرورة الإفطار، وضرورة قياس نسبة السكر بصورة دورية، في أيام رمضان، عن طريق الشرائط الخاصة بذلك، لمتابعة أي تغير أو خلل في نسبة السكر، وينبغي الأهتمام بوجبه السحور جيداً، وتناولها قبل الفجر بساعة ونصف على الأكثر، واحتوائها على كربوهيدرات وبروتين وخضروات، ونسبة قليلة من الدهون، والاهتمام بطبق الفول المدمس بالزيت الحار وزيت الزيتون والطحينة والليمون والسلطة الخضراء، وقطعة خبز وطبق سلطة خضراء، لأنه سهل الهضم وتحتواي مكوناته على فيتامينات وأملاح معدنية، وينبغي على مريض السكري، تجهيز2 كيلو حلبة حصى بلدي، مغسولة جيدا،ً ثم تنشف وتحمص بالفرن لمدة 10 أو 15 دقيقة، على نار هادئة، ثم تضع في بطرمان زجاج، ويُؤخذ منه ملعقة كبيرة، (أكل بمضغ) قبل الإفطار مباشرة، وملعقة كبيرة بين السحور والإفطار، وأخرى قبل السحور، لإحتواء الحلبة على مواد تفيد مرض السكر بمواد لعابية تصل إلى 30% مواد دسمة، و6-9 مواد هيوليدية بنسبة 22-29 كالالبومين، والجلوبولين، وكولين والتربجونيلين، وفيتامين pp أو حمض النيكوتينيك(حمض التبغ)، وبذور الحلبة غنية بالأملاح المعدية خاصة الفوسفور والحديد والكالسيوم وبعض الفيتامينات إضافة إلي البروتينات.
أما الراغبين في إنقاص الوزن، عليهم المشي قبل الإفطار بساعتين، ألف متر، ولا تُمارس الرياضة في نهار رمضان، لخطورتها، بسبب إفراز العرق وفقدان كمية من الفيتامينات والمعادن، وينصح بالإكثار من البوتاسيوم، ولا أخفي عليكم أن سر من أسرار السحور، أن الإكثار منه يمنع العطش تماماً أثناء الصيام، أما الصوديوم فيفعل العكس تماماً، ومن أفضل أطعمة البوتاسيوم في السحور، الموز، الحليب، التمر بالحليب، المشمش المجفف، الأفوكادو، الفستق، القرع، الفاصوليا، الكاكاو الغامق الداكن.
ينبغي تجنب أكل الأرز بأنواعه، وجميع الواجبات السريعة، والأجبان، أثناء وجبة السحور، والأفضل يكون طبق الفول المدمس وطبق السلطة، خبز أسمر، تمر، موز، ولا تنسوا شراب الماء لأنه هام جداً خاصة لمرضى الأملاح واليوريك أسيد، لأنك فقد كمية أملاح هامة من خلال العرق، كما يجب تجنب تناول جميع أنواع الأملاح في وقت السحور، وكل عام وأنتم بخير.