يكشفها الشيخ مصطفى راشد.. قائمة الذين يجوز لهم إفطار رمضان
الأربعاء، 16 مايو 2018 11:00 صعنتر عبداللطيف
كشف الشيخ مصطفى راشد رئيس الاتحاد العالمى لعلماء الإسلام من أجل السلام عن قائمة الذين يجوز لهم الأفطار فى شهر رمضان الكريم قائلا:« مثل كل عام وصلنا عبر الإيميل مئات الأسئلة بمناسبة شهر رمضان «كل عام وأنتم بخير»، من نساء ورجال، يحملون أمراضاً وأسباباً مختلفة ، ويسألون عما إذا كان من حق الفقير المسكين إفطار شهر رمضان وعن القُبُلة والسجائر ودخول مياه الشطافة من فتحة الشرج ونقط العين والأنف ودهان الكريمات»؟
تابع «راشد»:«وسؤال عن الأمراض التى يحق لها الأفطار ومن هذه الأمراض والأسئلة نختار منها أمراض الأنيميا، والكُلى ، والقلب ، والسل ، والسرطان ، وهشاشة العظام ، والصرعٌ، والمصاب بجلطة، أو شلل من أى نوع ومريض السكر ، وايضا يسألون عن الحامل والمرضعة والحائض والمريض بالجفاف والمريض بالإسهال والصداع الشديد ، وأيضا عن أصحاب الأعمال الشاقة، مثل أعمال البناء والحدادة والزراعة والنجارة وغيرهم ممن يعملون تحت أشعة الشمس الحارقة أو فى أعمال شاقة ودرجة الحرارة الموجبة للإفطار ، وايضا عمن هم دون سن البلوغ ، وايضا حكم من هم على سفر وماهى المسافة التى تبيح الإفطار».
كما ورد سؤال عن الفقراء المحرومون طوال الوقت من أطيب الطعام والشبع فما هى العقوبة التى تقع على من أفطر منهم وهل عليه أن يطعم مساكين وهو مسكين وايضا سؤال عن سبب تسمية رمضان بهذا الأسم وايضاً حكم اللاصق الطبى التركى الذى يمنع الشعور بالجوع والعطش--- وللإجابة على هذه الإسئلة نقول :-
يقول الشيخ مصطفى راشد:«بدايةً بتوفيقً من الله وإرشاده وسعياً للحق ورضوانه وطلبا للدعم من رسله وأحبائه ، نصلى ونسلم على كليم الله موسى عليه السلام ، وكل المحبة لكلمة الله المسيح له المجد فى الأعالى ، وكل السلام والتسليم على نبى الإسلام محمد ابن عبد الله، أيضا نصلى ونسلم على سائر أنبياء الله لانفرق بين أحدً منهمف قبل ظهور الإسلام بـحوالى 250 عام فى 412 م ، كان يوجد حاكم لمكة إسمه «كلاب بن مرة» وهو الجد الخامس للرسول محمد عليه الصلاة والسلام ولوجود شهر شديد الحرارة أطلق هذا الحاكم على الشهر رمضان أى من الرمض أو الرمضاء الحرارة الشديدة، وهذا الحاكم قد آمر الناس بالعمل ليلاً والنوم نهاراً ،فأصبح الناس يأكلون ليلاً ويبيعون ليلاً ،ونهارهم نوم بلا أكل أو بيع ، وبعد حوالى 50 عاماً أصبح هذا الأمر عادة وأعتبرهُ الصابئة صيام فصاموا الشهر من رؤية الهلال أوله وأخره «عن أبو الفداء "إسماعيل بن على الأيوبى" فى كتابه المختصر من أنباء البشر» «والأمام الفلكي " نتائج الأفهام في تقويم العرب قبل الإسلام ».
وعندما أتى الإسلام أقرهم على هذه العادة وهذا الصيام وقد أشارت الآية 183من سورة البقرة لذلك بقولها كما كتب على الذين من قبلكم فى قوله تعالى :{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} وقد تم تعظيم شهر رمضان لنزول القرآن فيه 610 م . ثم توالت الآيات توضح وتنظم من يحق له إفطار رمضان وفضائل هذا الشهر
أولا فيجب أن نعرف أن المفطرات ثلاثة على سبيل الحصر وهم الأكل أو الشرب أو الجماع بشرط التعمد والقصد لأن من يفعل ذلك وهو ناسيا يستمر صيامه وبداية تقول آيات القرآن الكريم عن صيام رمضان فى سورة البقرة الآية 184«أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ»ومنها نفهم أن المريض أو المسافر عليه أن يقضى هذه الأيام فى ايام أُخُر أو يطعم مسكين عن كل يوم وكلمة مسكين هنا توضح أن الحكمة من الصيام هو شعور الغنى بالفقير والتصدق علية لاقامة التكافل الإجتماعى وهو ما قال به كل الفقهاء وهو مايعنى أن الصيام فرض على الغنى وتطوع للفقير، لأن الفقير صائم بالطبع طول الوقت وإذا كان لا يطيق الصيام فكيف سيطعم مسكين وهو لا يملك إطعام نفسه ، والمسكين الفقير هو من لايملك منزلا ولايملك دابة أى سيارة الآن ولايملك قوتِهِ وقوت اسرته لمدة شهر ولا يملك مصدر رزق ودخل شهرى ثابت أى من يقل دخله الشهرى عن 500 دولار بمصر و1000 دولار بالسعودية والخليج مثلا ، كما أن القبُلة الجافة لا تفطر وايضا التدخين لأن المفطرات هى الطعام والشراب أى السوائل وإلا لما تبقى مسلم صائم لأن الدخان يدخل لكل صائم رغما عنه مثل دخان شوى اللحوم والأسماك وعادم السيارات وغيره ، كما أن دخول ماء من شطافة الحمام من فتحة الشرج لايفطر لأن المفطرات هى الأكل والشراب وهما يكونا من الفم ، وكذا قطرة العين والأنف ودهان الكريمات فكل ذلك لايفطر تصديقا لقوله تعالى الواضح فى الآية 187 من سورة البقرة «وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ» أى أن الصيام هو الأمتناع عن الأكل والشرب للسوائل من الخيط الأبيض من الفجر حتى حتى بداية الخيط الأسود بغروب الشمس».
يتابع «راشد» :«كما أن أيضا الآية 184 من نفس السورة «وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ»صدق الله العظيم توضح أن الشارع يريد التيسير على العباد عكس مايسعى إليه بعض الفقهاء من تشديد بسبب جهلهم بمقاصد الشرع وكذبهم على الله بوضع شرع من عندهم بلا نص قرآنى أو حديث صحيح ، ولأن شروط الصيام هى 1- الإسلام 2- العقل 3- البلوغ 4- القدرة 5- أن يكون مقيماً أى غير مسافر 6- أن يكون خالياً من الأمراض المانعة».
وهى شروط لم يختلف عليها أحد من الفقهاء ، كما أن الشارع لم يضع عقوبة على من يفطر رمضان ، لأن الصيام هدف معنوى قائم على القدرة والإستطاعة والإحساس بالضعيف والفقير والمريض وقد يسرت على الغنى الذى لا يطيق الصيام باطعام مسكين ولأن الصيام حق لله، واطعام مسكين حق للعبد، وحق العبد مقدم على حق الرب ،لأن الله غنى لايحتاج، والعبد ضعيف محتاج، فكان اطعام مسكين اوقع فى فهم مقاصد الشرع ، وهنا معنى الذين يطيقونه بالآية أى الذين لايستطيعون الصيام ، وفى نفس الوقت عَظَمَ الشرع من شأن الصيام وأجر الصائم ، إلا أن الله يحب أن تؤتى رخصه كما تؤتى عزائمه لقول الرسولعليه الصلاة والسلام عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إنَّ اللهَ يُحبُّ أن تُؤتَى رُخَصُه ، كما يُحبُّ أن تُؤتَى عزائمُه » رواه الطبرانى فى الكبير وايضا البزار».
تابع «راشد»ولأن الله رخص لغير القادرين من المرضى وغيرهم ممن لا يطيقونه أى لايستطيعونه أن يكون لهم حق الإفطار، فقد طالبَ من كان منهم مقتدراً إطعام مسكين عن كل يوم من أيام رمضان ، وإن كان الإنسان فقيراً وغيرُ مقتدرٍ فلا شىء عليه ،لأن الصيام أساسه الإستطاعة والشعور بالفقير المحروم، فيسقط الصيام لغياب الإستطاعة والقدرة إذا كان فقيراً من المساكين فهم غير مطالبين بالصيام ، بل على من يستخدم رخصة الإفطار من الأغنياء أن يطعم هؤلاء الفقراء المساكين فقد كان في فرض الصيام حثّ على رحمة الفقراء وإطعامهم وسَدّ جَوْعاتهم، لما عانوه من حرمان من أطايب الطعام ، وقد قيل لسيدنا يوسف الصديق عليه السلام: “أتجوع وأنت على خزائن الأرض؟”؛ فقال: «إني أخاف أن أشبع؛ فأنسى الجائع».
يضيف «راشد» :«أيضا يجوزُ الإفطار للمريض بالأنيميا ومريض الكلى الذى يحتاج لشربِ الماء ، وايضا يجوز الإفطار لمريض القلب ومريض السل ومريض السرطان، ومريض هشاشة العظام ،والصرع ، والمصاب بجلطة، والمصاب بشلل من أى نوع وايضا مريض السكر والمصاب بصداع شديد ،وكذا الحامل والمرضعة لعدم إستطاعتهما ولحاجة الجنين والرضيع للغذاء ، وكذا الحائض والنفساء وايضا المريض بالجفاف والمريض بالإسهال وعليهم جميعا القضاء عندما يزول السبب أى المرض ، لأنه لا يستقيم الشرع مع الضرر لمخالفته مقاصد الخالق ،ولأن دفع الضرر مقدم على جلب المنفعة ، وحتى لا يلحقهم مشقة من الصيام أو يكون سبباً فى تضاعف للمرض ، أو تأخير البرء والشفاء منه ، لذا يُرخص لهم في الإفطار،وعند الشفاء وإنتهاء العذر عليهم قضاء هذه الإيام أو إطعام مسكين عن كل يوم لو كانو من الأغنياء --،ايضا يجوز الإفطار لمن يعملون فى أعمال شاقة ويكون الصيام سبباً فى توقفهم عن نصف مدة العمل المعتاد يومياً أو يقلل من إنتاجهم بسبب عدم الطاقة والإستطاعة مثل أعمال البناء والحدادة والنجارة والزراعة الطرق والمحاجر والقمائن ومصانع الحديد وأى عمل شاق ،لأن العمل عبادة ويزيدُ درجةً عن الصيام ، فله أن يُفطر، ويطعم مسكين عن كل يوم ،إذا كان يستطيع مالياً ،أما درجة الحرارة التى يجوزَ معها الإفطار فهى 30 د رجة فما فوق لمن يعمل حيث توجد خطورة على الكلى وعلى صحة الإنسان بأمتناعه عن شرب المياه مدة اليوم كاملاً وهو مايتنافى مع قوله تعالى وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ – كما يتناقض مع القاعدة الشرعية لاضر ولا ضرار ، ايضا للمسافر سفرًا يجوز فيه قصر الصلاة بأن يبلغ 40 كيلو متراً فأكثر بأى وسيلة مواصلات أرضية يحق له الإفطار، والمسافر عليه قضاء الصيام فى أيام آخرى ، وايضا من هم دون سن البلوغ فلهم رخصة الإفطار لأن الجسد فى فترة تكوين ولم يُكتمل، فيُكره صيامهم يوماً كاملاً --- ونحن نفتى باطمئنان بترخيص الإفطار لكل هذه الحالات السابقة تصديقاً لقوله تعـالى : (لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا...) (البقرة 286) . أما بخصوص اللاصق الطبى التركى الذى يمنع الإحساس بالجوع والعطش ، فنحن نعلم أن مفتى تركيا أباحهُ ، لكننا لم نرى هذا المنتج ، لذا لا نستطيع أن نقول فيه رأى».
ينتهى الشيخ مصطفى راشد قائلا :«وخلاصة القول أن كل الحالات السابقة لها عذر شرعى يعطيها الحق فى رخصة الإفطار ، والله يُحب أن تُؤتَىَ رُخَصُه كما تُؤتىَ عزائمة والشرع لم يأتى بالصيام لضرر الإنسان ».