هكذا ستنفذ المؤسسات الأمريكية قرار ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي.. وهذه دوافع ترامب من الخطوة
الجمعة، 11 مايو 2018 04:06 م
دواقع عديدة دفعت الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بإعلانه الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني الثلاثاء الماضي، ليبقى السؤال هو كيف سَتُنفِّذ المؤسسات الأمريكية قرار الانسحاب من الاتفاق النوويّ؟ وكيف ستطبق العقوبات التي أعلن عنها الرئيس الأمريكي على طهران؟
دراسة لمركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، أكد أن إعلانُ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من الاتفاق النووي مع إيران، يمثل بدايةً لسلسلةٍ من الإجراءات والخطوات التي يجب أن تقوم مؤسسات الإدارة الأمريكية بتنفيذها وفقًا للقرار الرئاسي، خاصة مجلس الأمن القومي، ووزارات الخارجية والخزانة والدفاع، موضحة أن القرار التنفيذي الذي أصدره الرئيس ترامب ينص على تشديد العقوبات الاقتصادية على إيران، وفرض عقوبات على أي دولة تقوم بمساعدة إيران في مساعيها للحصول على أسلحة نووية، وهو ما يتطلب قيام المؤسسات التنفيذية بوضع إجراءات لتطبيق القرار، وسيضطلع الكونجرس بدور في الدفع لتبني استراتيجية واضحة وشاملة تجاه إيران.
وأوضحت الدراسة، أن دوافع القرار، تتمثل في تبني الرئيس الأمريكي موقفًا مناهضًا للاتفاق، سواء خلال حملته الانتخابية، أو بعد توليه المنصب الرئاسي، معتبرًا أنه اتفاق "كارثي"، ولم يحافظ على أمن الولايات المتحدة الأمريكية، ويرى أن الاتفاق لم يمنع إيران من مواصلة أنشطتها النووية، حيث يعتبر الرئيس ترامب أن الاتفاق النووي اتفاق معيب، لأنه لم يعالج قضايا أخرى ترتبط بإيران، سواء دورها وأنشطتها التخريبية في الشرق الأوسط أو في اليمن أو سوريا، ودعمها للتنظيمات الإرهابية، وبرنامجها للصواريخ الباليستيه، كما أنه لم يتضمن -من وجهة نظره- آلية واضحة لرقابة ومتابعة أنشطة إيران والتحقق منها ومعاقبتها في حال الإخلال ببنود الاتفاق.
وأوضحت الدراسة، أن إدارة الرئيس الأمريكي تحاول العمل على إصلاح الاتفاق النووي مع إيران، وخاضت خلال الأسابيع الماضية مفاوضات مع الحلفاء الأوروبيين والجانب الإيراني، من أجل الوصول إلى اتفاق تكميلي، يضمن تصحيح أوجه القصور التي تراها الإدارة في الاتفاق، لكن هذه المفاوضات باءت بالفشل، بسبب تعنت الموقف الإيراني. وأدى هذا الفشل إلى إعلان الانسحاب الأمريكي من الاتفاق.
ولفتت الدراسة، إلى أنه رغم إعلان الرئيس ترامب انسحابه من الاتفاق، لكنه ترك الباب مفتوحًا أمام التفاوض على اتفاق جديد، فقد أكد في خطابه "أن القادة الإيرانيين سيرفضون التفاوض على اتفاق جديد، وهم رفضوا، وهذا أمر طبيعي، وإذا كنت في وضعهم سأقول نفس الكلام، لكن الحقيقة أنه سيحتاجون إلى العمل على اتفاق جديد ودائم، اتفاق تستفيد منه إيران والشعب الإيراني، وعندما يكونون مستعدين، فأنا جاهز، ومستعد، وقادر". وهذا يعني أنه في حال قبل النظام الإيراني بالتفاوض مجددًا، فإن إدارة ترامب ستعمل على الوصول إلى اتفاق جديد، موضحة أن أحد الأسباب وراء قرار الرئيس ترامب، يرتبط بمحاولته التأكيد على أنه يفي بوعوده التي قطعها في الانتخابات، هذا بالإضافة إلى محاولته الانتقاص من شرعية الرئيس أوباما، فالاتفاق النووي مع إيران يُعد أحد الإنجازات التي حققها أوباما خلال ولايته الثانية.
وأشارت الدراسة،إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية تعد طرفًا واحدًا في الاتفاق النووي الإيراني، وهذا الاتفاق يرتب تداعيات تتعلق بالتزامات الطرف الأمريكي، وكذلك الالتزامات والتفاعلات بين إيران وبقية الدول المُوقِّعة على الاتفاق. وفي هذا الإطار فإن تطبيق وتنفيذ القرار ستكون له تأثيرات تتعلق بهذه الالتزامات.
وأكدت الدراسة أن هناك مجموعة من الاعتبارات تتعلق بالانسحاب الأمريكي، تشمل أنه لا يعني إعلان خروج الولايات المتحدة من الاتفاق النووي انتهاء الاتفاق أو إلغاءه، فهذا الاتفاق وُقِّع بين إيران ومجموعة القوى الدولية الست، وهي: الولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا، وروسيا، والصين، وفرنسا، وألمانيا، ونظرًا لأن إيران وبقية الدول الخمس أعلنت التزامها بالاتفاق، فإن خروج الولايات المتحدة منه لا يلغيه كليا، لكنه يقوض فاعلية الاتفاق، ويفرض على الأطراف الأخرى البحث عن بدائل للتعامل مع الموقف.
وقالت الدراسة، إن الاتفاق سمح بآلية معينة تتيح لوكالة الطاقة الذرية بالإشراف على برنامج إيران النووي ومراقبته، ومنذ توقيع الاتفاق قام مسئولو الوكالة بالعديد من الزيارات لمواقع هذا البرنامج التي تم الاتفاق عليها، للتحقق من التزام إيران بتطبيق الاتفاق، وأقرت الوكالة بهذا الالتزام، وفي ظل الانسحاب الأمريكي من الاتفاق، فقد تلجأ إيران لزيادة تخصيب اليورانيوم، وإذا تبنت إيران هذا، فإن الهدف الرئيسي للاتفاق والمتعلق بتحجيم قدرة إيران في الحصول على أسلحة نووية لن يكون ممكنًا بعد الآن، كما تضمن إعلان الرئيس ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي، النص أيضًا على إعادة فرض العقوبات التي تم رفعها على إيران بموجب الاتفاق النووي، ومن المعروف أن آلية فرض العقوبات والتحقق من تطبيقها تستغرق وقتًا طويلًا، وعلى هذا الأساس أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية أنه سيتم تطبيق هذه العقوبات خلال فترة ما بين 90 إلى 180 يومًا، الأمر الذي يعني أن تفعيل وتنفيذ قرار الرئيس ترامب سوف يستغرق ما بين ثلاثة إلى ستة أشهر في حالة بعض العقوبات.
وتابعت الدراسة: القرار أشار أيضًا إلى أنه سوف يتم فرض عقوبات على أي دولة يمكن أن تساعد إيران في سعيها للحصول على أسلحة نووية، مما يعني أن إدارة الرئيس ترامب سوف تتوسع في فرض العقوبات لتمتد إلى المتعاونين مع إيران في برنامجها النووي، مما يثير العديد من التساؤلات حول الآلية التي يمكن أن تتبعها الولايات المتحدة في فرض عقوبات على دول أو شركات يمكن أن تساعد إيران في برنامجها النووي، فينا نشرت وزارة الخزانة الأمريكية قائمةً بالإجراءات والعقوبات التي سيتم إعادة فرضها على إيران، والتي تم تعليقها في السابق نتيجة للاتفاق النووي، هذا مع الوضع في الاعتبار أن العقوبات سوف تُطبَّق بشكل فوريٍّ على أي جهةٍ تقوم بتعاملات جديدة مع إيران لاحقة على القرار الرئاسي.
وأشارت الدراسة إلى أن قرار الرئيس الأمريكي بالانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني تنفيذي رئاسي يخضع لسلطات الرئيس، وليس للكونجرس أي دور أو علاقة به، ولا يتطلب هذا القرار موافقة أيٍّ من مجلسي الكونجرس، سواء مجلس الشيوخ أو مجلس النواب، لكن من المحتمل أن يكون للكونجرس دور يتصل بأمرين لاحقين على القرار؛ أولهما يتمثل في ضرورة موافقته على فرض عقوبات جديدة على إيران، وهذا الأمر من المستبعد أن يتم في الأجل القريب، أما الأمر الثاني فيتصل باحتمال قيام مجلس الشيوخ بعقد جلسات استماع حول تداعيات هذا الانسحاب، وسياسة الإدارة بشكل عام في التعامل مع الملف الإيراني، لافتة إلى أن الانسحاب من الاتفاقية يمثل جزء من عملية طويلة وممتدة تتضمن قيام الأجهزة والوكالات التابعة للإدارة الأمريكية باتخاذ خطوات فعلية لتنفيذ القرار، وهذه المؤسسات قام بعضها بخطوات قبل اتخاذ القرار الرئاسي، ويجب على بعضها اتخاذ خطوات لاحقة على هذا القرار، وسوف يقع عبْء تنفيذه ومتابعة الإجراءات المرتبطة بإعادة فرض العقوبات على وزارتي الخارجية والخزانة.