قتلوا 45 ألف جزائري فى يوم واحد.. التاريخ يفضح مجازر الفرنسيين وحروب الإبادة ضد الشعوب
الأربعاء، 09 مايو 2018 03:00 صرضا عوض
تاريخهم ملىء بالمذابح والدم وتدنيس المقدسات.. ويتهمون القرآن الكريم بأنه يحض على العنف.. هذا هو ملخص ما دعا إليه عدد من الشخصيات الفرنسية خلال الأسبوع الماضى، والذين طالبوا بحذف عدد من آيات القرآن الكريم بدعوى أنها تحرض على العنف والقتل، متناسين تاريخهم الأسود الذى رصدته صفحات التاريخ عبر سنوات مختلفة، والتى وصفت العنف الفرنسى بأنه الأبشع، بعد أن قتل الفرنسيون 45 ألف شهيد جزائرى فى يوم واحد فى مجزرة هى الأبشع فى التاريخ الحديث والمعاصر، بل إن عدد ضحاياهم وصل إلى مليون ونصف المليون شهيد فى بلد واحد، أضف إليها المجازر التى ارتكبوها فى كل المدن التى احتلوها ودنسوا مساجدها وهو ما حدث فى الأزهر الشريف.
تدنيس الأزهر وإعدام الثوار فى مصر
ارتكب الفرنسيون العديد من عمليات القتل والسجن، بل وتدنيس الأزهر الشريف بخيولهم وإلقاء المصاحف على الأرض جاء ذلك عندما حاول نابليون بونابرت احتلال القاهرة، حيث سارع نابليون باحتلالها ونصب مدافعه فوق مآذن جامع السلطان حسن، وانهالت القنابل منه ومن القلعة على الجامع الأزهر، وكل ما يحيطه من بيوت وحوانيت، حيث سقط العشرات من الضحايا، ثم أرسل جنوده إلى الأزهر، فدخلوا الجامع بخيولهم عنوة وربطوها بصحنه وكسروا القناديل وحطموا خزائن الكتب ونهبوا ما وجدوه من متاع.
فى تلك الأثناء حكم «نابليون» على 13 شيخا من الأزهر بالإعدام، وأعدم الكثير ممن قبض عليهم ومعهم سلاح، وقد أسفرت الثورة عن مقتل أكثر من 2500 مصرى، حتى أن نابليون كتب فى مراسلاته للفيلسوف الفرنسى «رينييه»: «فى كل ليلة نقطع نحو 30 رأسا أكثرها لزعماء الثورة، وفى اعتقادى أن هذا سيعلمهم درسا نافعا».
فى يافا قام نابليون بإرسال رسله إلى حاكم يافا وأمره بالاستسلام، وكان الحاكم يرى الموقف صعبا، فرغم تحصينات المدينة، وقد عرض عليهم الاستسلام وتسليم المدينة مقابل المحافظة على أرواح السكان والجنود، ووافق نابليون على هذه الشروط واستسلمت مدينة يافا، وبعد استسلامها نقض نابليون وعوده، وقام الفرنسيون بأعمال قتل واغتصاب فى سكان المدينة كما أعدموا حاكم مدينة يافا.
مجازر الجزائر هى الأبشع فى التاريخ
ارتكب الاستعمار الفرنسى إبان فترة احتلال الجزائر جرائم ومجازر بشعة ضد الشعب الجزائرى، حيث ارتكب الجنود الفرنسيون مجازر بتعليمات مباشرة من القادة العسكريين أو من صانعى القرار فى فرنسا، وهو ما رصدته العديد من الكتب التاريخية.
من جانبه قال «رجاء جارودى» فى كتابه «حوار الحضارات»: اعترف الفرنسيون «حسب اعتراف لجنة تقصى حكومية صدرت عام 1883» قائلين: «لقد دنسنا المعابد والأضرحة، وحرمة المنازل والأمكنة المقدسة الإسلامية، ذبحنا أناسا يحملون تصاريح المرور، وقتلنا لمجرد شبهة جماعات سكانية بأسرها، وما لبثت أن اتضحت براءتها، وحكمنا على أناس اشتهروا بالقداسة فى البلدان، أناس أجلاء، وذلك لأنهم كانوا يتحلون بقدر من الشجاعة».
مجازر 8 مايو 1945
رصد كتاب الدكتور محمد عباس « الوعى ينزف من ثقوب الذاكرة» كل جرائم الاحتلال الفرنسى فى الجزائر، حيث أورد فى كتابه أنه فى عام 1945 قامت مظاهرات سلمية فى مدينة سطيف الجزائرية، بمناسبة الاحتفال بانتصار الحلفاء، وقد واجهت فرنسا المظاهرة بوحشية غير منقطعة النظير، بأن قاموا بضرب المتظاهرين بالأسلحة الثقيلة والمدفعية والدبابات والطائرات، كما شاركت المدمرات فى قصف المتظاهرين من البحر، حتى وصل عدد القتلى إلى 45 ألف قتيل، أما التقديرات الجزائرية فترتفع بالرقم إلى 70 ألف قتيل، حيث قام الفرنسيون بعد المجزرة بجمع الرجال فى مكان والنساء فى مكان مقابل، واغتصبوا النساء أمام أزواجهن وآبائهن.
كان أهالى سطيف قد احتشدوا على مقربة من محطة القطارات بجوار الجامع الجديد، كانوا أكثر من ثمانية من نساء ورجالا، صغارا وكبارا، أبناء مدن وفلاحين، وكان الجميع عُزلا مسلحين بالهتافات واليافطات فقط، لعدم إعطاء الجنود الفرنسيين حجة لقمعهم، حيث انطلق دوى الرصاص على الفور وخصوصا من رجال الشرطة، وسقط عدد من القتلى فى طليعتهم الزعيم الوطنى صلاح بوزيد، إضافة إلى عدد من الجرحى، وأفراد ميليشيات الجاليات الأوروبية المرابطة عند الشرفات بدأوا بدورهم بإطلاق النار على المتظاهرين، وهذا ما حمل حتى بعض المحللين الفرنسيين على اعتبار أن المجزرة لم تكن ابنة ساعتها، بل نتيجة
مؤامرة مدبرة سلفا من الفرنسيين.
وقد خاضت فرنسا المعارك بكل ترسانتها الحربية كأنها تقاتل جيشا موازيا، حيث شاركت حتى سفنها الحربية فى قصف المدن والمواقع بمدفعية من عيار 155 ملليمتر صبت حممها على بجاية وخراطة، إضافة إلى قصف تدميرى مركز من عشرات الطائرات الحربية.
وحسبما يقول المؤرخ بنجامان ستورا، لقد ارتكبت فرنسا مجازر سطيف وقالمه وخراطه فى أسوأ لحظاتها السياسية، حيث كانت بحاجة إلى غسل وجهها من عار حكومة «فيشى».
ملعب سكيكدة شاهد على مجازر 1955
بعد هجوم الشمال القسنطينى الذى جرى بقيادة الشهيد زيغود يوسف، وجهت القوات الفرنسية ضربة قاسية ضد الشعب، الهدف منها الانتقام وقمع المدنيين فى سكيكدة، الحروش، عين عبيد والميلية، كانت مجازر جماعية رهيبة وصلت إلى 12000 قتيل، قام بتنفيذها ضباط فرنسيون من بينهم العقيد أوساريس، الذى عين ضابط المخابرات على سكيكدة فى ربيع 1955، وهو الذى عذب وقتل وشنق المئات من العُزل وشاركه فى التعذيب والقتل الدرك والأمن والبوليس القضائى والمخابرات العامة وكذلك الأقدام السوداء وكان العنف الجسدى الأمر الواجب التنفيذ على الجزائريين العزل، كما قامت القوات الفرنسية بأنواعها بإطلاق النار على المواطنين العرب بالمدينة دون تفرقة بين الرجال والنساء والأطفال واعتقال المدنيين جماعيا، ثم ارتكبت عملية الإبادة الجماعية بالملعب البلدى من طرف الكتيبة الثامنة عشر باستعمال الجرافة لحفر خندق والردم الجماعى للجثث على طول الملعب، وكان عددهم نحو 1500 جثة.
جريمة نهر السين.. وشهد شاهد من أهلها
الأراضى الجزائرية لم تكن وحدها شاهدة على جرائم فرنسا ضد الشعب الجزائرى، بل تشهد عليها أيضا الأراضى الفرنسية عندما تم قتل 300 شخص فى الأراضى الفرنسية من أبناء الجزائر، بعدما قامت بتاريخ 17 أكتوبر 1961 بمجزرة فى حق متظاهرين جزائريين خرجوا من أجل المطالبة باستقلال الجزائر، فقامت قوات الأمن بالتعدى العنيف بالضرب والتعذيب على المتظاهرين، ومن ثم رميهم بنهر السين، وكانت نتيجتها 300 قتيل و400 مفقود، قتلوا بالغابات ومنهم من تم حرقه لأسباب عنصرية، وأكثر من 9 آلاف تم تعذيبهم داخل السجون لمدة 15 يوما.
جرائم السجون الفرنسية.. حكاية أخرى
قام الجنود العسكريون باستخدام وسائل تعذيب بشعة خاصة ضد المتظاهرين الذين تم القبض عليهم أو ضد أهاليهم وأقربائهم، ومن بين الطرق التى كان يلجأ إليها الجنود الفرنسيون من أجل استنطاق المساجين، الكى بالتيار الكهربائى، حيث توضع أقدام المعذب فى الماء ويصعق بالكهرباء، وتوضع الأقطاب بأذنيه أيضا، ويجد الضباط والجنود المشرفون على التعذيب متعة كبيرة وهم يضحكون ويسخرون من السجين رجلا كان أو امرأة، كما كان الجنود يستخدمون طريقة أخرى أخطر من سابقتها والمتمثلة فى الحرق بواسطة المشعل المستعمل فى تلحيم المعادن «شاليمو» فيحرق جسم السجين لتترك آثارا وحروقا بكامل الجسم، إضافة إلى ذلك كان المستعمر يلجأ إلى الاغتصاب الجنسى للرجال والنساء، حيث يقوم بتعرية السجين أو السجينة التى جند زوجها أو ابنها أو حتى أخيها ولم تستطع قوات العدو مسكه، فتنتقم من ذويه بهتك أعراضهم.
الأغرب أن الفرنسيين لم يكتفوا بهذه المجازر اللاإنسانية، بل إنهم قاموا باستخدام 42 ألف جزائرى كفئران تجارب نووية وهو ما ذكره فى دراسته الباحث الفرنسى المتخصص فى التجارب النووية الفرنسية برينو باريلو، الذى قال إن سلطات الاستعمار الفرنسية استخدمت 42 ألف جزائرى «فئران تجارب» فى تفجير أولى قنابلها النووية فى صحراء الجزائر فى 13 أكتوبر 1960 و27 ديسمبر من العام نفسه.
مجازر فى تونس
رصد المؤرخ التونسى عبدالجليل التميمى، وقائع المجازر التى قام بها الفرنسيين فى تونس، حيث سقط عدد من الضحايا طوال 75 عاما من الاستعمار، حيث رصدت إحصائية تقريبية تفيد بسقوط ما بين 8 و10 آلاف شهيد.
وأبرز التميمى، أن أصعب الفترات التى كان فيها المستعمر الفرنسى شرسا وأسقط فيها عددا كبيرا من الشهداء هى فترة ما قبل اغتيال الزعيم النقابى فرحات حشاد، وخلال الفترة التى امتدت ما بين 1952 و1955، عندما اشتدت مقاومة المناضلين فى كامل جهات البلاد، وعندما تعمم النضال الوطنى تحركت الآليات الفرنسية ونفذت عمليات اغتيال، حيث قام الثوار بخوض معارك كبرى، ليشن الفرنسيون حربا ضارية على المتظاهرين العُزل ليسقط عدد كبير من الضحايا فى مجزرة لا تقل بشاعة عما حدث فى الجزائر.