ننشر الترجمة الكاملة للرواية الفرنسية «سحر الحب»
الإثنين، 30 أبريل 2018 02:02 مترجمة: طارق الغرورى
طارق الغرورى
كان جابي يقود سيارته في هذا الجو العاصف مضطرا للذهاب إلى البلدة القريبة لشراء بعض المستلزمات، خاصة وأن العاصفة ستستمر أكثر من 3 أيام، وكان الطريق الجبلي الذي يربطه بالمدينة قد غطى بالكامل بالثلوج، مما يدفع امهر السائقين لتجنب السرعة .
وبرغم عدم مرور سيارات أمامه منذ أكثر من نصف ساعة، إلا انه كان حذرا يقود ببطء شديد
400 متر فقط على وصوله لمنزله، وفجأة رأى سيارة يبدو أن سائقها فقد السيطرة عليها، فهي تقطع الطريق بالعرض ذهابا وإيابا، وكادت تصطدم به، ولكنه ليتجنب الاصطدام بها واصطدم بتل من الثلج أوقفه، ونزل من السيارة ليطمئن على السيارة الأخرى، وكانت دهشته أن وجد قائدها سيده في العشرينات من عمرها، فتحت زجاج السيارة وكأنها تريد أن تعتذر له.
سألها جابي: هل أنت بخير؟.
أجابت: بخير ولكن يبدوا أن السيارة لن تتحرك من مكانها.
تردد أن يقدم لها عرضه أن تأتى إلى منزله، حتى يتم إرسال احد بعد العاصفة، ولكنة سرعان ما تراجع عن تردده.
تشجع وعرض أن تأتى معه إلى منزله الذي يقرب من 400 متر، ترددت أن توافق ولكن الذهاب معه أفضل من أن تموت في هذا البرد بمفردها، رأته يبتسم ابتسامه بريئة كي يكسر من حده التوتر، ويطمئنها قائلا: أنا من سكان المنطقة و لست من المجرمين الذين يختبئون في الأماكن البعيدة، ابتسمت وأومأت بإشارة الموافقة، طلبت منه أن يساعدها في إحضار حقيبتها من الخلف.
وافق وكأنه يلوم نفسه أن يكون قد تورط في المساعدة، كانت دهشته أكثر عندما نزلت و بدا أنها حامل في الأشهر الأخيرة، أسرع أمامها يفتح باب المنزل و ليضع مشترواته بالداخل المنزل، الذي هو عبارة عن شاليه بحديقة، و يبدوا انه يعيش بمفرده، وكأنه منزل لأحد الرسامين، الألوان مبعثره هنا وهناك، ولوحات مكدسة على الجدران، ولوحه لم تكتمل .
أراد أن يزيل دهشتها عندما ذكر لها أن اسمه "جابي برادلى" وهو رسام، أسرعت تبدى معرفتها بهذا الاسم، وأنها تحب رسوماته، ولم تكن تتخيل أن يكون لقائها به في هذه الظروف.
قدم لها كوب من الشاي الساخن كان قد أعده وهو يرتب مشترياته.
وسألها: هل تعتادين على السفر في هذه الظروف خاصة وأنك و"نظر إلى بطنها المنتفخ أمامها" حامل.
ردت علية بإيجاز: أنا "لورا" أردت أن أصل إلى المدينة قبل أن تزداد العاصفة.
دفع الفضول جابي أن يسألها، كيف يتركك زوجك في هذه الظروف، وكأنه يستدرجها لتسترسل في إجابتها.
قالت له: لست متزوجة، ارجوا أن اتصل بأحد الورش لتأتى لتصليح السيارة.
قال لها: ولكن العاصفة قد قطعت خطوط التليفونات.
سرحت وهى تفكر فيما سيحدث حتى تنقشع العاصفة، لكن جابي رد على تفكيرها قائلا: أنت في أمان حتى تهدأ العاصفة، ثقي أنني لن أزعجك، يوجد غرف بالشاليه كي تستريحى، وسأعد لك العشاء الآن.
لورا: دعنى أساعدك.
بدأت لورا تستعيد قوتها وتهدأ من تشوش أفكارها، أحست بأنه شخص يبدوا عليه الارتياح والطيبة.
لايزال فضول جابي يشاغله، خاصة وأنها جميلة، ومع تلاطم الأفكار والعشاء الدافئ، شرحت له أنها أرملة وأنها تحاول أن تلجأ لمكان بعيد عن محل إقامتها كي تبدأ من جديد مع طفلها.
كان جابي كلما سمعها تتحدث ذادت دقات قلبه بالخفقان، وكأنه لا يريدها أن تتوقف، ليس لمعرفة قصتها، ولكن لأنه استحسن وجهها الملائكي، وصوتها العذب، والأكثر أن لها روحا عمت المنزل بالدفء والارتياح.
طلب منها أن تستريح وقد أعد لها إحدى الغرف، وأنه سيكون في الطابق الأرضى حيث مرسمه.
شكرته وصعدت، كانت الرحلة شاقة والتوتر من الحادثة جعلها تنام نوما عميقا.
وفى الصباح وجدت أنه أعد لها إفطار، وطلب أن تقاسمه تناوله.
إن جابي من النوع الذي يعتني ويحنوا على من معه، حتى وإن كانوا أغراب، وكان ذلك سبب كافي أن تجيب لورا على أسئلة جابي، وإن كان بالقدر البسيط،
جابي: لماذا تريدين الهروب مع طفلك؟ هل تخافين من أحد؟
لورا: أنا أهرب من عائلة زوجي، فهم يريدون أن يأخذوا طفلي منى مقابل المال.
جابي: لا يستطيع أحد أن يأخذ منك طفلك.
لورا : أنت لا تعرفهم، إنهم ذو سلطة ونفوذ ولن استطيع أن أقف أمامهم.
جابي: إن الدولة بها قانون.
لورا: هذه كلمات تدرس، ولكن الحق أن من معه السلطة والنفوذ فالقانون يخضع له وليس العكس .
بدأ جابي ينصت إليها وكأن ذات العشرين محملة بأثقال من تجاوز الخمسين.
جابى : هل لي أن أعرف ماذا حدث؟.
وقبل أن تجيب سمع الاثنين صوت سيارة الشرطة تقف أمام الشاليه، خرج جابي ليقابل ضابط الشرطة.
جابي: مرحبا يا سيدي، هل من شيء استطيع أن أقدمه لك.
وأجابه الضابط: إن هناك سيارة معطلة بالقرب من منزلك، وأننا نريد أن نعرف إن كانت تخصكم، أو أن هناك مصابين.
جابي: بالفعل أنها سيارة زوجتي وقد تعطلت بالأمس، وأنها بخير، كانت لورا تسمع الحوار من خلف الباب وهى مندهشة من كلام جابي، وكيف يكذب على ضابط الشرطة كى يحميها، فأسرعت وخرجت من تراس الشاليه، وألقت التحية على الضابط، ودعته لكوب من القهوة في هذا البرد، شكرها ودعا لها ولمولودها القادم بالسلامة، وطلب من جابي أن يتصل به في أى وقت إن أراد المساعدة، وغادر وهو مستريح لأداء عمله.
دخل جابي إلى الشاليه وكأن شيء لم يحدث، استمرت العاصفة أسبوع كامل، تعرف كلا منهما على الأخر، وتعايشا معا، فذاد تعلق جابي بلورا، وهى أيضا رأت فيه حماية لها.
وخلال أمسية انقطعت فيها الكهرباء عن المنزل، وعلى ضوء نار المدفئة وحرارتها، وضوء الشموع وتمايلها، ذادت حرارة الشجن عند جابي وتمايلت أفكاره بين مؤيد ومعارض أن يبوح لها بحبه أم يكتمه كي لا تشعر أن هذا مقابل استضافتها خلال تلك الفترة.
وانتصر نداء القلب على العقل، وجنون الحب على الرصانة، وأعرب لها عن حبه، كانت المشكلة الأكبر أمام لورا هى الخوف من أن ينتزع أحد منها ابنها.
جابي: إن الحل الوحيد الذي لن يستطيعوا أن يأخذوا طفلك هو أن نتزوج ويكتب الطفل باسمي، وأريدك أن تعلمي أنه سيكون طفلي وسأكون له نعم الأب.
حاولت لورا أن تثنيه عن طلبه، كانت تخشى من تجربة جديدة، وكذلك تخشى من أن يكون ذلك شفقه وعطف من جابي، ولكن بعد مرور أسبوعين كانت لورا تزداد يقينا أن جابي يحبها، وأخيرا وافقت.
أسرع جابي إلى المدينة لكي يحضر القس لإتمام الزواج، وما أن تم حتى بدات أوجاع الولادة تزداد على لورا.
وجاء المولود الجديد، وكانت رغبه جابي أن يتم تسميه الطفل بـ "مايكل" كان جابي فرحا بمايكل أشد الفرح وكأنه ابنه، وكثيرا ما يأخذه بين زراعيه ويهدهده ويداعبه، وكان الطفل يستجيب لجابي وكأنه أحب مداعباته له، وهكذا نشأت علاقة التعاطف بين جابي ومايكل، لاحظتها لورا، والحق أنها كانت أشد فرحا.
كان جابي كلما نظر إلى مايكل تدمع عيناه، وكثيرا ما كان مايكل يمسك بقبضته الصغيرة إصبع جابي، فتنتقل شرارة الحنان كلا منهما إلى الأخر، فيحتضنه في عناق طويل، وكان جابي يجد متعة في أن يقوم بنفسه بتغير حفاضات مايكل.
انتهز جابي فرصة سكون العاصفة، وقرر مع لورا الذهاب إلى مقر إقامة أبويه، حيث أعدت الأسرة حفل استقبال لهما، يحضره أفراد العائلة وشخصيات من المجتمع الراقي.
استقبلت ولده جابي ابنها وزوجته لورا قبل الحفل، حيث اثنت والدته على لورا، مشيرة أنها سوف تدعمها وتساندها في مواجهة عائلة زوجها السابق، نظرا لما أحدثته لورا من تغير في جابي، حيث ثقلت عليه الكآبه والحزن بعد وفاة أخيه الصغير "مايكل" في حادثة، وفشلت كل المحاولات لإخراجه من هذه الحالة، وهنا عرفت لورا سر إصرار جابي على تسمية الطفل بـ "مايكل".
أحست لورا أن الدنيا قد فتحت زراعيها لها، حتى أقبلت عليها "ماريون" مديرة أعمال جابي، لتوضح لها امرأ كانت لورا تخشى أن يظهر على حياتها، ألا وهو كابوس عائلة زوجها السابق، أنها تعرف قصتها مع "تونى" وأن عائلة تونى لن تقف صامتة، كان هذا هو الكابوس الذي طالما أرادت لورا أن تنساه.
ويبدوا أن عائلة تونى قد عرفت بأمرها، وهاهي والدة تونى تزور لورا في منزلها، وتعيد عليها الكرة مرة أخرى، بأن تأخذ الطفل مقابل المال، وهو الأمر الذي رفضته لورا أيضا، فهددتها والدة تونى بأنها ستقيم دعوى بأحقية الطفل إلى جدته، مستندة لماضي لورا، وأنها تستطيع أن تشترى شهودا على ذلك، وأنه ليس من مصلحتها أن ترفض هذا العرض .
أبلغت لورا جابي بزيارة والدة تونى لها، وطلبت منه أن يرشح لها محام حتى يقف معها بالمحكمة، وافق جابي، ولكنها طلبت منه أولا أن تذهب هي لمقابلة غريمتها في عقر دارها، قبل مواجهتها بالمحكمة، الأمر الذي جعل جابي يذهب معها.
حاولت والدة تونى أن تنحى جابي من التواجد بحجة أن تلك مشكلة عائليه، إلا انه أصر أن ما يخص لورا ومايكل يخصه، فوافقت على تواجده، الأمر الذي أعطى لورا قوة.
الجدة: يبدوا أنك فكرت في العرض الذي قدمته لك، وأن هذا مناسب لك ولطفلك.
لورا: نعم فكرت، وأنا هنا لأقول لك أنك ستخسرين هذه القضية وأننى وكلت أحد المحامين لهذه القضية.
اندهشت الجدة من قوة رد لورا عليها وارادت أن تتكلم، إلا أن لورا كانت الأسرع في جعلها تستكين وتهدأ.
لورا: سوف أقوم بإبلاغ الصحف ووسائل الإعلام عما كان يقوم به ابنك تجاهي من ضرب، وكان ذلك تحت سمعكم ونظركم، وكما أنه كان من مدمني الكحوليات، كما أن هناك أشياء أخرى سوف تقرئيها بنفسك.
أرادت الجدة أن تتكلم للمرة الثانية، ولكن لورا لم تعطيها هذه الفرصة واستكملت.
لورا: كيف تريدين حضانة طفل أنت تتشككى في سلوك أمه، من ادراكى أن هذا ابن تونى، وإن كان ابن تونى فإنك تناقضين نفسك.
استطاعت الجدة أن توقف لورا عن الاسترسال في الكلام.
الجدة: اسمعي لورا، لن يثنيى شيء عن أن أخذ الطفل منك، وأرى أنك غير موافقة على العرض، فليكن موعدنا في المحكمة.
لورا: فليكن، ولكنني أردتك أن تعرفي أننى لن أخسر شيء بعد إذا خسرت ابني، أما أنت، ففكري في سمعة عائلتك التي سعت أن لا تدنس بسوء طوال حياتك.
وخرجت لورا حتى لا يكون هناك مجال للمناقشة، وأسرع جابي خلفها وكأنه يرى لورا أخرى غير التي يعرفها.
جابي موجها كلامه إلى لورا: إنك مدهشة وجرئيه، لقد أعجبت بقوتك، ولو أنني مكانها لتراجعت عن موقفي.
مرت 3 أيام ولورا تنتظر المحامى لكى يذهبا لرفع قضيتها.
ويدق جرس الباب وكان القادم هو المحامى، وأسرعت لورا بالنزول إليه.
لورا : مرحبا ياسيدي، خلال تناولك الشاي سأكون قد انتهيت من تغير حفاضات مايكل.
المحامى : لا داعي للعجلة، عندي لك خبر جيد.
وبدأت لورا تقف صامته وكأنها تنتظر مفاجأة.
المحامى لقد جائنى اليوم مندوب من والدة تونى، يبلغنا بعدم قيامهم برفع القضية، وأنهم يريدون التصالح، على أن يكون لهم الحق في رؤية الطفل كل فترة.
وتنفست لورا الصعداء، وقالت: والآن جاء دوري لأعوض زوجي ما مر به من أيام مليئة بالتوتر والانزعاج معي منذ بداية ارتباطي به.