كبسولة قانونية.. هل جريمة السير عكس الاتجاه تجيز لرجل الضبط القضائي تفتيش المتهم؟
الخميس، 26 أبريل 2018 10:00 ص
عادة ما يتعرض السائقين لعملية التفتيش نتيجة ارتكابهم مخالفة السير عكس الاتجاه، الأمر الذى يطرح معه تساؤلاَ بشكل دائم.. هل جريمة السير عكس الاتجاه تجيز لرجل الضبط القضائي تفتيش المتهم..أو هل من الصواب تقرير أنه متى جاز القبض صح التفتيش؟.
وللإجابة على هذا السؤال، يقول ياسر فاروق الأمير، أستاذ القانون الجنائي، أنه استقر قضاء النقض منذ زمن علي أنه: «متي جاز القبض صح التفتيش بغض النظر عن سبب القبض أو الغرض منه»، ويؤيد معظم الفقهاء قضاء النقض بلا تحفظ ويورده مورد التطبيق السليم للقانون بحجة عموم نص المادة ٤٦ إجراءات التي أجازت لمأمور الضبط القضائي في الأحوال التي يجوز فيها القبض تفتيش المتهم.
وأضاف «الأمير» فى تصريح لـ«صوت الأمة» أنه لهذا قضت محكمة النقض في حكم حديث لها بأن: «جريمة السير عكس الاتجاه تجيز لرجل الضبط القضائي القبض على المتهم»، لأن القانون ربط لها عقوبة الحبس، ومن المقرر أنه متي جاز القبض صح التفتيش طبقا للمادة 46 إجراءات.
وأشار «الأمير» إلى أنه جاء بهذا الحكم انه: «لما كانت المادة 34 من قانون الإجراءات الجنائية قد أجازت لرجل الضبط القضائي القبض على المتهم في أحوال التلبس بالجنح بصفة عامة إذا كان القانون يعاقب عليها بالحبس مدة تزيد على ثلاثة أشهر»، مؤكداَ أن العبرة في تقدير العقوبة بما يرد النص عليها في القانون لا بما ينطق به القاضي في الحكم، وإذ كانت جريمة السير عكس الاتجاه والتي قارفها الطاعن – ولم ينازع في ذلك بأسباب طعنه – قد ربط لها القانون عقوبة الحبس وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تزيد على ثلاثة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين وذلك إعمالاً لنص المادة 76 مكرراً من القانون رقم 66 لسنة 1973 بإصدار قانون المرور المضافة بالقانون رقم 121 لسنة 2008، فإنه يسوغ لرجل الضبط القبض على المتهم فيها.
وأكد أستاذ القانون الجنائى، أنه لما كان قانون الإجراءات الجنائية قد نص بصفة عامة في المادة 46 منه على أنه في الأحوال التي يجوز فيها القبض على المتهم يجوز لمأمور الضبط القضائي أن يفتشه اعتباراً بأنه كلما كان القبض صحيحاً كان التفتيش الذي يجريه من خول إجرائه على المقبوض عليه صحيحاً أياً كان سبب القبض أو الغرض منه وذلك لعموم الصيغة التي ورد بها النص، فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى صحة إجراءات القبض والتفتيش يكون قد أصاب صحيح القانون .
(الطعن رقم 10137 لسنة 83 جلسة 2014/06/10)
وللتعليق عليه أوضح «الأمير» أن هذا القضاء معيب إذ انطلق من مقدمة فاسدة فليس صحيحا أن نص المادة 46 إجراءات لا يوجد في القانون ما يخصصه أو يقيده بل العكس صحيح لأن المادة 50 إجراءات فيما نصت عليه من عدم جواز التفتيش إلا للبحث عن الأشياء الجاري جمع الاستدلال أو حصول التحقيق بشأنها تخصص عموم المادة 46 إجراءات وتحد من إطلاقه، مما مفاده أنه: «متي كانت الجريمة محل القبض بحسب طبيعتها غير منتجه للدليل امتنع القبض»، وهذا هو حال جريمة السير عكس الاتجاه إذ لا أمل يرجي من أن تفتيش المتهم بارتكابها سوف يسفر عن دليل لإثباتها ضده.
وأشار أستاذ القانون الجنائى، أنه مما يؤكد هذا النظر أن وكيل النائب العام أو قاض التحقيق لا يستطيع الأمر بالتفتيش إلا إذا توافرت قرائن علي وجود أشياء تفيد في كشف الحقيقة بشأن الجريمة مع المتهم (المادة 94 إجراءات) فإن انتفت تلك القرائن بطل التفتيش، وإذا كان قاض التحقيق ذاته لا يملك الأمر بالتفتيش في جريمة السير عكس الاتجاه بحسبانها غير منتجه للدليل فكيف نخول لرجل الضبط القضائي سلطة تفوق سلطات قاضي التحقيق ؟ ثم أن التفتيش وفيه اعتداء علي حق الإنسان في السرية ليس إجراء عشوائيا وإنما هو إجراء هادف غايته الدليل أساسه ولهذا أجازه المشرع.
وأكد أن زعم النقض أن المشرع يجيز التفتيش في جريمة السير عكس الاتجاه يرمي المشرع بالتناقض إذ كيف يجيز التفتيش دون توافر شرطه؟ ومن الثوابت انه يجب تنزيه المشرع عن التناقض، وردد قائلاَ: « نأمل من محكمة النقض أن تعاود النظر في حكمها محل التعليق وإلا تكتفي بقراءة نص المادتين 34 و46 إجراءات بمعزل عن بقية نصوص القانون تحقيقا للتجانس ومنعا من التضارب وهو من بديهيات تأويل القانون».