الإرهابي مريض يجب معالجته.. كيف تعرف الشخصية المتطرفة؟
الخميس، 12 أبريل 2018 10:00 مكتب: حسن الخطيب
على غرار مرضى الإدمان، الذين يتعاطون المواد المخدرة، ويتناولونها في سبيل التخلص من أعراض آلام الإدمان الجسدية، والهروب من الواقع الذي يعيشونه، وبمجرد عدم وجود جرع المخدر، يظهرون كمن أصابه السعار، فهل يعتبر الإرهاب مرض مثل مرض الإددمان، وهل الإرهابيين الذين ينضمون للتنظيمات الإرهابية تجمعهم سمات معينة؟.
نسعى خلال تقريرنا التالي تشريح شخصية الإرهابي، ومال الدوافع التي دفعته نحو الإرهاب والانضمام إلى التنظيمات الإرهابية، للتعرف عن قرب على شخصية الإرهابي نفسيا وسيكولوجيا.
ففي دراسة جديدة كشف عنها مرصد الأزهر الشريف لمكافحة التطرف، أكدت أن الإرهاب والتطرف مرض مثله مثل الإدمان، وأن الإرهابيين من مختلف الطوائف والأطياف، تجمعهم مجموعة من السمات المشتركة.
وكانت صحيفة الجارديان، عرضت دراسة لمدير مركز الرجولة والذكورة بجامعة "ستوني بروك في نيويورك" والذي سعى من خلالها إلى تحليل أثر النوع أو الذكورية على تشكيل العقلية المتطرفة من كافة التوجهات سواء أكانوا بيض متعصبون ضد السود، أو جهاديون متطرفون أو معادون للإسلام أو كارهون للتعدد الثقافي.
وكشفت الدراسة أن الحاجة إلى تعويض الذكورية أو الرجولة المفقودة هي من أهم الأسباب التي تدفع المتطرف إلى الانخراط في جماعات إرهابية لاستعادة ما فقده في صغره أو بين مجتمعه، حيث أن الدراسة أجريت على متطرفين من كافة التوجهات، ولم تقتصر على طائفة محددة من المتطرفين.
كما كشفت الدراسة عن أن النشأةَ السلبية للعديد من المتطرفين من العوامل التي تقودهم إلى الالتحاق بهذه الجماعات، فعلى سبيل المثال التعذيب أو ممارسة العنف ضد الأطفال من قبل معلميهم في المدارس أو من قبل الوالدين في البيوت أو عدم احتواء الاطفال في المجتمعات أو في المدارس أو النوادي، والتي تؤدي الى تشويه شخصية الطفل وشعوره الدائم بالنقص والعجز.
بالإضافة إلى الشعور بالنقصِ والعجز الذي يكتنف الشخص منذ صغره وحالة العزلة الفكرية التي يعيشها بعيدا عن مجتمعه تجعله يفكر في الانتقام من هذا المجتمع الذي عامله بهذه الطريقة، وكذالك يحاول الإثبات لنفسه ولمن حوله أنَّه مكتمل الرجولة فيتجند ضمن هذه الجماعات الإرهابية بهدف التأكيد على هذا الشعور، أو لاستعادة النقص الذي عاشه في مجتمعه، فهم يرون أن التجنيد في ظل هذه الجماعات المتطرفة هو إثبات الرجولة والذكورية لمن حوله.
وتترجم الدراسة صفة "إثبات الرجولة والذكورية" في الإرهابي إلى أنها مجموعة أسباب تتكرر بصفة يومية في مدارسنا ومجتمعاتنا وبيوتنا مع الأطفال عن طريق ممارسات غير سوية من شأنها خلق أفراد تكره مجتمعاتِها وأفراد تكن الحقدَ للمختلف معها وأفراد مستعده في أي لحظة لإثبات ذاتها بأي طريقة حتى ولو بتفجير نفسها، والانتحار من أجل تحقيق هذا الهدف.
وأن عمليات التنمر التي تحدث للأطفال في المدارس من قبل زملائهم، والعزلة التي يعيشها العديد من طلاب المدارس والعنف الممارس من قبل بعض الطلاب تجاه زملائهم، والعنف الاسري مع الأبناء والأطفال وسوء معاملة الأولاد في البيوت؛ كل هذه ممارسات لا بد أن تخلق شخصية غير سوية تحمل كل هذا الكره والبغض والتطرف بداخلها ناحية المجتمع الذي تعيش فيه.
وبعد أن كشف مرصد الأزهر عن تلك الدراسة، علق عليها قائلا أن هذه الدراسة تقول إن التطرف ينحصر فقط في الذكور، بل يتفق الجميع أن هناك متطرفات من النساء أيضًا، بيد أن الملاحظ أن المجندين لدى الجماعات المتطرفة بكافة أطيافها من الذكور، الأمر الذي يستدعي تحليل الأسباب الكامنة وراء هذا من أجل معرفة الحوافز الدافعة لهذا الجنس نحو التطرف ومن ثم الوقوف على طرق المواجهة المناسبة التي يمكن من خلالها منع وقوعهم في براثن تلك الجماعات.
كما أكد المرصد على أن الأسباب السابقة التي دفعت الإهابي لأن يكون إرهابيا ليست سوية تماما، فليس بالضرورة أن كل من عانى فى فترة الطفولة من شعورُ النقصِ أوالعجز أوحالة العزلة الفكرية بعيدا عن مجتمعه، فكر في الانتقام من هذا المجتمع الذي عامله بهذه القسوة أو شب متطرفا، مطالبا بضرورة إخضاع المتطرفين للتحليل النفسي وتتبع سيرهم الذاتية للكشف عن مزيد من الأسباب الحقيقة الدافعة لارتكاب عمليات إرهابية ضد أوطانهم.
ويعلق الدكتور نبيل السمالوطي استاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة الأزهر، قائلا إن الإرهاب ذاته مرض مزمن، وكل عناصره مرضى، وتجمعهم صفات نفسية وسيكولوجيه، مبينا أن الدراسة السابقة كشفت نوعا ما من تلك الصفات ليست كلها، فهناك صفات أخرى ودوافع مختلفة أخرى أيضا تدفع الإرهابي لأن يكون إرهابيا.
وعن أبرز الصفات التي لم تذكرها الدراسة، في الإرهابي، قال استاذ علم الإجتماع، إن البيئة والتنشئة الاجتماعية قد تكون سببا من الإسباب، إضافة إلى التركيبة الشخصية للإرهابي من حيث سماته ودوافعه، فبعض الأشخاص يولدون ومعهم نوازع الشر وحب السيطرة والتمكّن، بل وحب القتل والترهيب.