معركة قانون تنظيم الأوقاف بين الأزهر والبرلمان.. أسباب رفض المشيخة لشروط الوقف
الخميس، 29 مارس 2018 04:00 مكتب:حسن الخطيب
في نهاية العام الماضي، أعلن مجلس النواب اعتزامه تقديم مشروع قانون جديد لإدارة الأوقاف الإسلامية المملوكة لوزارة الأوقاف المصرية، في الداخل والخارج، تحت مسمى "مشروع قانون إعادة تنظيم هيئة الأوقاف المصرية"، على أن تقدم نصوص المشروع اللجنة الدينية بمجلس النواب.
وأنجزت اللجنة الدينية المشروع في فترة وجيزة، وناقشته مع وزارة الأوقاف، وأبدت الاخيرة موافقتها عليه، كما تم عرض مشروع القانون على الازهر الشريف، فأصدر الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر قرارا بتشكيل لجنة من كبار العلماء ومجمع البحوث الاسلامية لدراسة مشروع القانون بالتفصيل، وإبداء الرأي النهائي في مشروع القانون، وظلت اللجنة تدرس المشروع في اجتماعات لها بمشيخة الازهر ومجمع البحوث، حتى انتهت منه، وحددت جلسة لإبداء الرأي النهائي في القانون.
وعرضت اللجنة الدينية مشروع القانون على مجلس الوزراء، وأعلن المجلس موافقته، ووصف القانون بأنه يضمن كافة الجوانب الإجرائية والتنظيمية لتمكين هيئة الأوقاف من الحفاظ على مال الوقف، وإزالة ما يقع عليه من تعد، وضمان حسن استثماره في ضوء ما يضمنه الاستثمار الأمثل لصالح الوقف وخدمة المجتمع معا.
وصرح وزير الأوقاف في مؤتمر صحفي عقد بشكل خاص من أجل مشروع القانون، بأن المشروع يهدف إلى التمكن من مال الوقف وإزالة أي تعديات عليه فورا، والعمل على الاستثمار الأمثل للأصول والأموال السائلة، وقد تم الانتهاء من إعداد قاعدة دقيقة لحصر الأوقاف، ووضع رؤية استثمارية طموحة تضمن حسن الاستثمار المالي الذي بدأ يؤتي ثماره من خلال مشاركة الأوقاف في العديد من جوانب المجتمع، وتخصيص جانب من الريع يصل لنحو 600 مليون جنيه، للقيام بأعمال تتضمن إحلال وتجديد وفرش المساجد، والإسهام في نشر الفكر الوسطي داخل مصر وخارجها، ومشروعات البر، وتقديم القرض الحسن دون فوائد أو مصروفات إدارية.
في المقابل، عقدت هيئة كبار العلماء بالازهر جلستها الدورية منتصف هذا الشهر، وناقشت هيئة خلال الاجتماع الذي عقد برئاسة الأمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف، تقرير اللجنة التي شكلت لدراسة مشروع قانون الأوقاف، وبعض القوانين الأخرى الخاصة بالأحوال الشخصية.
واعتمدت هيئة كبار العلماء، خلال اجتماعها، القرار النهائي للجنة التي تم تشكيلها، من جانب كبار العلماء وأعضاء مجمع البحوث الاسلامية، الخاص بشأن مدى مشروعية نص المادة الأولى من مشروع القانون المقترح والوارد للأزهر من اللجنة الدينية بمجلس النواب لبيان الرأى الشرعى في النص التالى "يجوز لرئيس مجلس الوزراء – وذلك في الوقف الخيرى- تغيير شروط الواقف إلى ما هو أصلح، وذلك تحقيقًا لمصلحة عامة تقتضيها ظروف المجتمع".
تمت مناقشة القانون ودراسته، وانتهى إلى أنه "لا يجوز شرعا تغيير شرط الواقف، فشرط الواقف كنص الشارع، وعلى ذلك اتفقت كلمة الفقهاء قديمًا وحديثًا، ومن ثم لا يجوز بأى ذريعة مخالفة شرط الواقف، أو التصرف في الوقف على غير ما شرطه، وبناء على ذلك لا يوافق مجمع البحوث الإسلامية على مشروع النص المقترح على خلاف هذه القواعد الشرعية المتفق عليها".
ويبين الدكتور سيد مهران أستاذ الفقه بجامعة الأزهر، سبب رفض الازهر الشريف لمشروع قانون الأوقاف المقدم من مجلس النواب، مؤكدا بأن الفقهاء وضعوا شروطا للوقف الاسلامي بالإجماع، ولا يصح مخالفتها، لأن الوقف في تعريفه هو تحبيس ذات معينة من أجل منفعة عامة.
وبين أستاذ الفقه بجامعة الازهر، أن أركان وشروط الوقف التي اتفق عليها الأئمة بالإجماع، مقسمة إلى أركان وشروط في الوقف، وأركان وشروط في الموقوف، واركان وشروط في الواقف، مبينا أن الفرق بين الركن والشرط، فالركن هو ما يتوقف عليه وجود الشيء وكان جزءا داخلا في حقيقة كالقراءة للصلاة، أما الشرط فهو ما يتوقف عليه وجود الشيء ويكون جزءا خارجا عن حقيقته كالوضوء للصلاة.
وتابع أستاذ الفقه، بأن سبب الرفض أن القانون أخل بركن من أركان الوقف ذاته، أي محل الوقف، لأن أركان الوقف أولها أن يكون الموقوف مالا متقوما، أي مباحا يجوز الانتفاع به شرعا، والثاني أن يكون الموقوف معلوما علما يزيل الجهالة عنه، أن يكون هذا الوقف معروف أنه وقف، والثالث، أن يكون الموقوف ملكا للواقف، والواقف هنا الدولة، وقد اشترط الفقهاء هذا الشرط لأن الوقف تصرف يلحق رقبة محل الوقف، فلابد أن يكون الواقف يملك حق التصرف إما بالأصالة بأن يكون الموقوف ملكا تاما له، أو بالإنابة بأن يكون الموقوف ملكا للغير ولكن له حق التصرف فيه بالوكالة، فلا يجوز الوقف على من لا يملك، وان يكون محل الوقف قابل للوقف.
وأوضح أستاذ الفقه، أنه في ضوء ذلك، فإن الوقف منفعة عامة بإجماع الفقهاء، لايجوز التصرف فيها، ولهذا جاء قرار الأزهر، بعدم الموافقة على قانون تغيير نشاط الوقف، فقال أنه "لا يجوز شرعا تغيير شرط الواقف، فشرط الواقف كنص الشارع، وعلى ذلك اتفقت كلمة الفقهاء قديمًا وحديثًا، ومن ثم لا يجوز بأى ذريعة مخالفة شرط الواقف، أو التصرف في الوقف على غير ما شرطه".