تجريم استخدام الانترنت بين المراهقة التشريعية ومواجهة الفتنة
الأحد، 18 مارس 2018 08:00 م
حالة من الجدل المستمرة بين خبراء القانون والدستوريين حول موافقة لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في مجلس النواب، برئاسة النائب نضال السعيد على مشروع قانون مكافحة الجرائم الالكترونية، المقدم من الحكومة، على اعتبار أن المشروع لا يتضمن أي نص لتقييد الحريات.
الجدل وصل إلى مرحلة كانت بمثابة المفاجأة عند البعض، حينما طالب السيد عتيق، أستاذ ورئيس قسم القانون الجنائي بكلية حقوق جامعة حلوان مجلس النواب بضرورة إجراء تعديل على مشروع قانون مكافحة الجرائم الالكترونية المعروض عليهم قبل إقراره بالجلسة العامة للمجلس.
مواجهة الفتنة
«عتيق» أكد على ضرورة إضافة مواد قانونية تجرم استخدام شبكة الانترنت في أعمال أو منشورات التحريض ضد الدولة أو الحكومة فضلا عن وضع نص قانوني صريح يسمح من خلاله لوزارة الاتصالات بغلق أي موقع أو صفحة محرضة أو تنشر الفتنة أو الإرهاب فوار دون انتظار صدور أي قرار قضائي .
وأشار إلى أستاذ ورئيس قسم القانون الجنائي، انه بإجراء تلك التعديلات على مشروع القانون المعروض حاليا على المجلس و الذي وافقت عليه لجنة الاتصالات خلال أيام قليلة ماضية لن تمثل أي تقييد لحرية المواطنين أو حرية تبادل المعلومات بل ستكون بمثابة حماية لكل بيت في مصر لحماية شبابنا من براثن الإرهاب الذي يتنكر ويتخذ عدة وسائل لتنفيذ أغراضه .
المراهقة التشريعية
ورداَ على ما جاء على لسان «عتيق» أكد المحامي والحقوقي عمرو عبدالسلام، نائب رئيس منظمة الحق الدولية لحقوق الإنسان على المطالبات التي تدعو إلى إضافة تعديلات على مشروع القانون المعروض على مجلس النواب المقدم من لجنة الاتصالات والخاص بمكافحة تقنية المعلومات أن الداعون إلى ذلك يجهلون تماما وجود نصوص قانونية موجودة بالفعل في قانون العقوبات تجرم كافة صور التحريض سواء بالقول أو بالكتابة أو بالصور ضد مؤسسات الدولة.
«عبد السلام» أكد في تصريح لـ«صوت الأمة» أن النائب العام المستشار نبيل صادق بدأ بالفعل في إصدار قراراته بالتصدي لتلك الصفحات والمواقع الإلكترونية التي تهدد أمن وسلامه الوطن عن طريق التحريض أو نشر الأخبار الكاذبة التي تهدف إلى تكدير الأمن القومي المصري، مشيراَ إلى أنه فيما يتعلق بالمطالبة بمنح وزارة الاتصالات السلطة في حجب وغلق المواقع الإلكترونية دون الانتظار إلى صدور قرار من القضاء يعد اعتداء صارخ على أعمال السلطة القضائية وهو ما يتعارض مع مبدأ الفصل بين السلطات والمخالفة صريحة للدستور المصري.
وأشار إلى أن القضاء كان ومازال في ظل كافة الأنظمة القانونية حول العالم هو الحكم بين الفرد ومؤسسات الدولة فلا يجوز أن تكون جهة الإدارة هي الخصم والحكم في نفس الوقت لأن ذلك يعتبر نوع من أنواع العبث والمراهقة التشريعية والجهل المضجع بأذني القواعد القانونية في سن التشريعات وتنم عن جهل أصحاب هذه المطالبات.
نصوص القانون
فيما كشف الخبير القانونى والمحامى بالنقض، وائل نجم، حزمة القوانين التى تُجرم التحريض عبر مواقع التواصل الإجتماعى والشبكة العنكبوتية، حيث أكد أن قانون العقوبات المصري يجرم كل قول موجه إلى شخص من شأنه وصفه بفعل يجرمه القانون أو يؤدي إلى احتقاره في المجتمع، وذلك بصرف النظر عن مدى صحة الوصف، فحتى لو كان الوصف صحيحًا، فإن قائله يقع تحت طائلة القانون إلا إذا كان المُشهر به موظفًا عامًا.
وأضاف «نجم» فى تصريح خاص أن هنا يبيح القانون القذف أو التشهير بشرط أن يقدم قائل التعبير إلى المحكمة ما يثبت صحة المعلومات التي أدلى بها، ويعتبر هذا الشرط قيدًا مرهقًا على حرية التعبير خاصة في البلدان التي لا يتمتع فيها الأفراد بالحق في الحصول على المعلومات، فمثلًا تجرم التشريعات المصرية نشر أية معلومات «عن القوات المسلحة وتشكيلاتها، وتحركاتها وعددها، وأفرادها، وبصفة عامة كل ما يتعلق بالنواحي العسكرية والإستراتيجية إلا بعد الحصول على موافقة كتابية من مدير إدارة المخابرات الحربية، أو من يقوم بعمله في حالة غيابه؛ سواء بالنسبة لمؤلف أو واضع المادة المنشورة أو المذاعة، أو بالنسبة للمسئول عن نشرها أو إذاعتها».
وأكد الخبير القانوني أن الأمر ينطبق ذاته على المخابرات العامة، إذا يحظر نشر أو إذاعة أو إفشاء أي أخبار أو معلومات أو بيانات أو وثائق تتعلق بالمخابرات العامة إلا بعد الحصول مقدمًا على إذن كتابي من رئيسها، مُعتبراَ أن هذه القيود المطاطية تحصن هذه الجهات الحكومية ضد النقد وتفرض قيودًا جسيمة على حرية التعبير، ويمكن استخدامها في سياق محاكمة الأشخاص الذين يتم اتهامهم في قضايا التشهير بمثل هذه المؤسسات الحكومية.