اللعنة تطارد المتبولين في الشارع.. وأقطاب السلفيين يبيحونه بدعوى أن النبي بال واقفا
الإثنين، 26 فبراير 2018 08:00 محسن الخطيب
انضمت مؤخرا لقائمة الأعمال الخادشة للحياة "التبول في الشارع"، حيث عدها القانون من الأعمال الفاضحة التي تخل بالحياء العام، مما جعل لها جريمة تستوجب العقوبة، حيث نصت المادة "278" من قانون العقوبات والتي تعاقب عملية التبول في الشارع، بأن كل من فعل علانية فعلاً فاضحًا مخلاً بالحياء يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر، وغرامة لا تقل عن ثلاثة آلاف جنيه، ولا تزيد على خمسة آلاف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين".
ولم تكن الشريعة الإسلامية بعيدة عن القانون الذي يجرم "التبول في الشارع"، فقد أجمع الفقهاء الأربعة على حرمة التبول في الشارع، وعدوه من اللعان، الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم، في حديث أبي هريرة "اتقوا اللعانين" قالوا: وما اللعانان، قال: الذي يتخلى في طريق الناس، أو ظلهم".
كما كره الفقهاء كراهية شديدة، من يتبول واقفا، معتبرين أنها جريمة تخل بأخلاق الرجال، وعدوها من الخصال التي تجرح شهادة الرجال، ولا تجعل لها شهادة مقبولة.
لعنة الطرطرة
اعتبرت الشريعة الإسلامية أن التبول في الطريق العام فعل يستوجب اللعنة، وذلك لما لما فيه من الأذى للناس، والمترتب على عملية التبول في الشارع، فقد ورد في السنن عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "اتقوا اللعانين" قالوا: وما اللعانان يارسول الله، قال: الذي يتخلى في طريق الناس، أو ظلهم"، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم التبول في الشارع وفي قارعة الطريق فعل ملعون، ويترتب عليه أضرار عديدة على الناس.
كما جاء النهي الواضح عن التبول في أماكن ثلاث في السنة النبوية، وجعل التبول فيها يوجب اللعنة على المتبول، فيقول صلى الله عليه وسلم "اتقوا الملاعن الثلاثة: البراز في الموارد، وقارعة الطريق" وزاد بعض رواة الحديث التبول في الماء الراكد.
أفعال خسيسة
عد الفقهاء في التبول بالشارع عدة أمور محذورة، مما جعل التبول في الشارع ملعون، وهي أن اللعنة جاءت في عدم الاستتار والتنزة عن البول، وذلك وفقا لما روي عن "أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بقبرين ، فقال : إنهما ليعذبان ، وما يعذبان في كبير ؛ أما أحدهما فكان لا يستتر من البول ، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة ، ثم أخذ جريدة رطبة فشقها نصفين ، فغرز في كل قبر واحدة . فقالوا : يا رسول الله لم فعلت هذا ؟ قال : لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا"، فوفقا للحديث فإن التبول في الشارع يورث عذاب القبر لمن كان يتبول على الطريق.
فيما جاء الأمر الثاني الذي يوجب اللعنة للمتبول في الشارع مخالفته لأوامر النبي صلى الله عليه و سلم، فيما يكون الأمر الثالث بعدم ستر العورة، وهو مايجعل كاشف العورة على الناس ملعون، أما الأمر الرابع ففي التبول في الشارع مجاهرة بالمعصية ومخالفة نواهي النبي، عملا بقوله صلى الله عليه و سلم "كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل العبد بالليل عملا، ثم يصبح قد ستره ربه، فيقول: يا فلان! قد عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه، ويصبح يكشف ستر الله عنه"
الطرطرة واقفا
كره الفقهاء التبول واقفا وجعلوها من العلامات التي تجعل شهادة الرجل المسلم مجروحة، معتبرين انه من الصفات والخصال التي تجرح المروءة والفضل عند الرجل المسلم، مثلها مثل الرجل الذي يأكل الطعام في الأسواق والشارع حيث لا ينبغي فعله لأهل الفضل والمروءة إذا كان مما كان يعرف بمروؤته.
وقد عد أهل الفقه والعلم أن التبول واقفا من جوارح المروءة، حيث يفسر المذهب المالكي، العدالة كشرط صحة في الرجل الذي تقبل شهادته، "أن العدل هو الذي يجتبب الذنوب الكبائر دائماً كالشرب والأكل في الطرقات والأسواق، والسرقة، والتبول في قارعة الطريق أو التبول واقفا، ويتقي أيضاً الذنوب الصغائر في غالب أحواله، ويتقي أيضاً الأمر المباح الذي يقدح في المروءة كالأكل في السوق والمشي حافياً، وكذلك صغائر الخسة كتطفيف حبة أو سرقة لقمة".
هل بال النبي واقفا؟
يدعي دعاة وأقطاب التيار السلفي ومنهم ابن باز وابن العثيمين، بأن النبي صلى الله عليه وسلم، قد بال واقفا، واستشهدوا بحديث حذيفة رضي الله عنه "أن النبي صلى الله عليه وسلم انتهى إلى سُبَاطة قوم فبال قائما"، وسباطة قوم أي جانب من جوانب الطريق الرخوة مملوك لقوم في المدينة، وقالوا بأن في هذا العمل دليل على جواز التبول قائماً بشرط أن يأمن من أراد فعل ذلك من ارتداد البول عليه كما ذكر ذلك بعض أهل العلم.
في المقابل يؤكد الإمام النووي في شرحه على صحيح مسلم أن الأحاديث الواردة عن بول النبي صلى الله عليه وسلم قائما، ضعيفة مستدلا بحديث عائشة رضي الله عنها الذي رواه أحمد وأهل السنن بأنها قالت "من حدثكم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بال قائماً فلا تصدقوه".