من الجاني؟.. «أسوار القاهرة التاريخية» تختفي خلف تلال القمامة والإهمال (صو)
السبت، 24 فبراير 2018 10:00 م إسراء سرحان
مدينة «القاهرة» صاحبة الألف عام، التى يشهد كل ركن فيها على ملحمة تاريخية، فعند النظر إلى جدرانها تشعر أنها تكاد تنطق من عظمة ما شهدت عليه من تاريخ، وبين توالى السنين وذهاب عصر وإتيان آخر، أصبحت المدينة التى دائمًا ما نبضت بالحياة لنا، تصارع الظروف المحية بها الآن لتظل على قيد الحياة فقط.
بدأت قصة مدينة القاهرة فى العصر الفاطمى، والتى زينها الفاطميون بأبواب سميت « أبواب سور القاهرة»، أحاطتها من جميع الجهات، وحمتها من الغزاة، فى محاولة لتوثيق عصر الفاطميين فى ذاكرة التاريخ، إلا أن الحال لم يكن هكذا بالمرة فى وقتنا هذا، بعد أن اختفت هذه الاسوار خلف تلال القمامة وفضلات الحيوانات التى احاطت بها من كل جانب، حتى أن المار من امامها لا يكاد يرى ملامح السور الذى كان يبلغ طوله أكثر من 30 مترا، وكان بجانبه طريق سكة حديد لنقل والى مصر «محمد على» إلى المقابر آنذاك وحتى وقتنا هذا مازالت «الفلنكات» الخاصة بها متواجدة بجانب السور، وتعتليها هى الأخرى أكوام «القمامة» التى لا يمكن اعتبارها فى حال أفضل عنه.
هكذا كان الحال بالنسبة لسور القاهرة المتواجد فى منطقة السيدة عائشة، والذى قام محمد على بإدخال بعض التعديلات عليه، وكان هناك ما يسمى بـ«حرم القلعة»، وكان جزءا من السور أيضا، إلا أنها انتهى بها الحال إلى هدمه وإعادة تشكيله مرة آخرى وبنيت مبان خدمية وسكنية فى أماكن التراث، كما قطعها العديد من طرق المواصلات.
أكثر ما لفت النظر خلال هذه الجولة حول أسوار القاهرة الفاطمية، كان السور المجاور لحديقة الأزهر المتواجدة فى صلاح سالم، بمنطقة الدرب الأحمر بمحافظة القاهرة، أثناء التنقيب فى الحديقة من الخلف من ناحية الدرب الأحمر تجد العديد من المبانى المعمارية الأثرية التى تم ترميمها وإدماجها فى تصميم الحديقة، لينتهى الحال بالجدار الأيوبى، الذى إذا نطق شهد على ازهى عصور التاريخ والحروب، كأحد جدران الحديقة الذى يقسم جزءا منها عن المنطقة المحيطة بها، إلا أن الاهمال صار سيد الموقف مرة اخرى.
من ناحيته قال «أسامة طلعت» أستاذ العمارة بكلية الآثار: إن سور القاهرة بشكل عام يوجد جزء منه فاطمى، والجزء الاخر بناه وجدده ورممه صلاح الدين الأيوبى، مشيرا إلى أن أكثر ما تعرض للإهمال هو سور صلاح الدين، بعد التعديات التى تعرضت لها اجزاؤه، إلا أن هذه التعديات لم تكن وليدة العصر الحديث فقط، بل إنها ممتدة منذ العصر العثمانى، ففى هذا العصر حدثت العديد من التعديات على بعض مبانى الآثار، وتغيير ملامحها.
وأضاف «طلعت» أن ما يحدث من إهمال لهذه المبانى التاريخية والأثرية، أكبر من قدرة وزارة الاثار على اصلاحه وإعادته كما كان عليه، مشيرًا إلى أن هناك العديد من المشروعات التاريخية التى تم ترميمها على أعلى مستوى، إلا ان السلوك السيئ للبشر كان له أثر كبير فيما وصلت إليه هذه الآثار.
فيما قال دكتور حجاجى إبراهيم رئيس قسم الآثار فى جامعة طنطا، «إن سور القاهرة بنى على ثلاث مراحل، أول مرحلة عندما قام جوهر الصقلى ببناء السور، بينما تعود المرحلة الثانية إلى بدر الدين الجمالى والذى بناها بالطوب باللبن، أما المرحلة الأخير فتعود إلى صلاح الدين الأيوبى، الذى أكملها وجددها وأعاد ترميمها وبناها، مشيرًا إلى أن السور المجاور لحديقة الأزهر «سور صلاح الدين»، تم اكتشافه بمحض الصدفة من قبل مؤسسة أغاخان التى شاركت فى بناء حديقة الأزهر، عندما كانوا يبحثون عن رفات الأجداد.
وتابع «حجاجى» قائلًا إنه بعد اكتشاف سور القاهرة «سور صلاح الدين» بالصدفة، قامت المؤسسة بتجديده وترميمه وأنفقت عليه أموالا طائلة لإظهاره، ولكن نتيجة الإهمال وأخطاء الترميم، وردمها وسط مخلفات وقمامة رواد الحديقة أو السكان تعرضت للإهمال مرة أخرى».
وأشار «حجاجى» إلى أنه دائمًا ما يلاحظ أن الجميع فيما يخص القاهرة التاريخية أو الفاطمية، يطالب بترميم المبانى والآثار التاريخية، التى قد تم تجديدها وترميمها من قبل، على سبيل المثال قصر الأمير طاز، متناسين ان هناك جانبا أكثر يحتاج إلى المطالبة بترميمه مثل الأبراج التى تقع على طريق صلاح سالم، والتى اصبحت آيلة للسقوط بين لحظة وأخرى».