"عمارات البخت المايل".. أحلام المواطنين بين التنكيس والإزالة

السبت، 24 فبراير 2018 10:12 ص
"عمارات البخت المايل".. أحلام المواطنين بين التنكيس والإزالة
انهيار عقار قديم
علاء رضوان

«العمارات الأيلة للسقوط» أصبحت بمثابة الصداع المُزمن فى رأس الحكومات المتعاقبة بعيداَ عن حالات الزلازل والكوارث، وذلك نتيجة قدم تلك المبانى، أو لأنها غير مطابقة للمواصفات الإنشائية كالتعلية، أو بسبب عدم تنفيذ قرارات الإزالة أو التنكيس التى تصدر بشكل قانونى ورسمي، الأمر الذى جعل عدد من المراقبين يُطلق عليها «عمارات البخت المايل»

الخميس الماضى، إنهار عقار مكون من 5 طوابق بمنطقة منشية ناصر، الأمر الذى أدى إلى وفاة 10 أشخاص.

الإدارة العامة للحماية المدنية بالقاهرة، أكدت أن فرق الإغاثة استخرجت 10 جثامين حتى من تحت أنقاض عقار منشية ناصر المنهار، وأجرت تكثيف الجهود لإنقاذ باقى سكان العقار.

انهيار 3 عقارات بروض الفرج

فى غضون 12 ديسمبر 2017، لقيت ربة منزل وطفلة مصرعهما، وأصيب 4 آخرين، في انهيار 3 عقارات بمنطقة روض الفرج، حيث تبين أن انهيار أحد العقارات مكون من 5 طوابق تسبب في انهيار عقارين مجاورين، ونتج عن ذلك إصابة 4 وفاة سيدة وطفلة.

سقوط منزل بحدائق القبة

وفى  2 ديسمبر، تعرض عقار مكون من خمس طوابق بشارع الساقية، في حي حدائق القبة دون خسائر في الأرواح أو إصابات، حيث تبين من المعاينة أن العقار قديم ومكون من خمسة طوابق وصادر له قرار إزالة، وأن أجهزة الحي أخلته بشكل كامل قبل انهياره، وأمرت النيابة بإخلاء عقارين مجاورين للعقار المنهار لتعرضهما لتصدعات تأثرا بالانهيار.

عقار المزاريطة المائل
 

ولا يفوتنا أن نذكر، انهيار العقار المائل بمحافظة الإسكندرية عقب ميله على عقار آخر، بدون وقوع إصابات، في الواقعة المعروفة إعلامياَ بـ"عقار الأزرايطة المائل"، وذلك في الأول من يونيو الماضي.      

 

أزمات العقارات الآيلة للسقوط أو المنهارة عادة ما يصدر قرارات إزالة فورية من اللجان الفنية لها، إلا أن عملية التنفيذ غير مفعلة من قبل المسئولين، ما يُعرض حياة قاطنى تلك العقارات للخطر الدائم، وذلك على الرغم من أن جهاز التفتيش الفنى للمتابعة على أعمال البناء يطلب بشكل دائم ومستمر من الأحياء والوحدات المحلية بإعداد حصر أخير بالمبانى الآيلة للسقوط لاتخاذ قرار بشأنها دون استجابة من تلك الواحدات .   

إلا أن الجهاز لم يجد استجابة من هذه الوحدات والأحياء وذلك حسب تصريحات الدكتور حسن علام رئيس جهاز التفتيش الفنى للمتابعة على أعمال البناء الأسبق.

الإحصائيات الرسمية

 

أخر الإحصائيات الصادره عن وزارة الإسكان المصرية وعدد من الجهات الرسمية وغير الرسمية أن نسبة التجاوزات والمخالفات الواقعة على المبانى فى مصر تخطت٩٠ % من إجمالى العقارات الموجودة، و٤٠% من هذه العقارات فى حاجة لإعادة التجديد.    

الإحصائيات كشفت أن محافظتى القاهرة والجيزة من أكثر المناطق التى بها عقارات آيلة للسقوط تقدر بنسبة ٦٠ %، حيث أن الدولة تفقد فى كل ساعة ما يقرب من 3 ونصف فدان من الأرض الزراعية منذ قيام ثورة 25 يناير، وأن ما يقرب من  حوالى 300 ألف فدان تم التعدى عليها، فضلاَ عن أن ما يقرب من 500 ألف عقار بدون ترخيص، بخلاف التعدى على أراض زراعية بالبناء على مساحة نحو120 ألف فدان فى الفترة نفسها-حسب مركز بحوث الصحراء-  

الثغرة القانونية

وكشفت الإحصائيات أن هناك ثغرات فى تلك الأزمة حيث أن المادة "59" فى القانون119 لسنة2008 والخاصة بالإعلان الإدارى والتى تحتاج إلى تعديل فوري، ويتم إعلان المخالف إعلانا إداريا قد يرفض تسلمه أو لم يستدل على العنوان، وبالتالى يحضر المخالف أمام المحكمة نموذج 6 مراسلات بريد والذى يفيد بأنه لم يستلم إشعارات محاضر المخالفة، وبالتالى يحكم القضاء له بالبراءة وإدخال المرافق.   

غل يد وزير الزراعة

كما أن بعض الأحكام الصادرة عن مجلس الدولة تغل يد وزير الزراعة فى إصدار قرارات إزالة وتنفيذها للمبانى على الأراضى الزراعية طبقا لقانون الزراعة استنادا إلى أن القانون منح وزير الزراعة سلطة منع تبوير الأراضى وإقامة المنشآت على الأراضى وغل يده عن منع إقامة المباني.  

وكشف علام فى تصريحات صحفيه، أن هناك ما يقرب من 300 عقار يتم بناؤه دون ترخيص كل يوم، وعلى رأس تلك المحافظات التى تتصدر قائمة المخالفات الخاصة بالمبانى  هى الشرقية والبحيرة والغربية والمنوفية والقليوبية، حيث أن الإسكندرية تأتى فى المرتبة التاسعة من حيث المحافظات الأعلى فى مخالفات المبانى، وأن هناك حوالي نصف مليون عقار مهددة بالإنهيار فى مصر، منهم 14 الف عقار بمحافظة الاسكندرية، وذلك يرجع لضعف التربة بها، وعدم اعتماد المواطنين على المهندسين فى التصميم أو الإشراف لأن العقار مخالف،  ويوجد أكثر من 20 ألف عقار مخالف فى محافظة الإسكندرية  .

وأوضح "علام" أن حجم بيزنس الاستثمارات العقارية المخالفة فى مصر منذ ثورة 25  يناير حتى الآن تخطى الـ500 مليار جنيه، مطالباَ بضرورة تفعيل قانون البناء الموحد واتحاد الشاغلين لمواجهة العقارات المخالفة، حيث أن هناك 21 الف قانون من أيام عصر محمد علي  جميعها تتعلق بعمليات البناء ويجب جمعهم في قانون واحد.    

حل الشقق المغلقة

وفى سياق أخر، يقول المحامى شريف الجعار، رئيس لحنة الدفاع القانونية عن المستأجرين، إن الشقق المغلقة هى الحل الأمثل لحلول مثل هذه المشاكل التى تهدد أن المجتمع حيث وصلت عددها فى مصر إلى أكثر من ١٠ مليون شقة وفق أخر تعداد بينات للسكان، وهذه الشقق فى الواقع بغلقها وحبسها قد حرمت المستأجر  من كثرة المعروض، وبالتالى أدى ذالك الى زيادة عالية فى أجرة الشقق فى الايجارات الجديدة بشكل غير طبيعى ولا يتناسب مع الحالة الإجتماعية والمعيشية لأفراد المجتمع وأيضا لا يتماشى مع الحالة الإقتصادية للبلاد.

وأضاف «الجعار» فى تصريحات لـ«صوت الأمة» أن غلق هذه الشقق آثار اتهامات كثيرة حول مستأجرى الإيجار القديم بأنهم هم من يغلقون الشقق ولكن فى الواقع أن معظم هذه الشقق مغلق بواسطة مالكيها للتسقيع وتعطيش السوق وإن كان عدد من هذه الشقق مستأجره بالايجار القديم، ولكن الأكثرية منهم مغلقة بواسطة الملاك وغلق هذه الشقق سواء من المستأجرين أو الملاك فهو فى حد ذاته تعطيل لثروة عقاريه هائلة وفتح هذه الشقق وعرضها للايجار سيحل نصف المشكلة تقريبا ويسكت صراخ المؤجرين الذين يتشدقون بأن المستأجر القديم غالق هذه الشقق ولم يستفيد منها، وردد قائلاَ: «وانا شخصيا لا أؤيد غلق الشقق من قبل مستأجر عنده عقار ملك أو عنده فيلا فى المدن الجديدة».

وأشار «الجعار» إلى أن مجلس النواب تعهد فى أكثر من تصريح له أنه سيناقش حل هذه المشكلة حيث تقدم المستشار بهاء أبو سقه بمقترح قانون لفرض ضريبة عالية على الشقق المغلقة، مؤكداَ أن هذا المقترح سيساهم بنسبة كبيرة فى حل المشكلة ولكن يجب أن تراعى أثناء الحلول ونفرق بين الشقق المغلقة وليست لها استعمال نهائى وبين الشقق المغلقة ولكن اصحابها يترددون عليها بمعنى أنها مغلقة غلق متقطع مثل شقق المصايف وشقق المسافرين للعمل فى الخارج فهذه لا تعتبر من الشقق المغلقة ولكن ما نتحدث عنه هو الشقق الذى يغلقها ملاكها للإحتكار أو شقق المستأجرين الذين اغلقوها نهائيا ولم يعد لى حاجة لها مطلقا.

وأوضح أنه نظرا لأن هذه المشكله متداولة فى أورقة مجلس النواب بين مقترح لفرض ضريبة وبين معارض لهذا بدعوى أنها تتعارض مع حق الملكية ولكن الرد عليهم بأن الملكية مقيده بحق الدولة والمواطنين إذ أن حق الملكيه لا يجب أن يسبب إحتكار لشقق وغلقها مما يؤدى إلى قلة المعروض أمام المستأجر وبالتالى سترتفع قيمه الإيجارات الجديدة بنسب لا تتماشى مع الظروف الإقتصادية للبلاد ومن هنا نؤيد كل رأى يجبر من يغلق شقته وليس له حاجة بها أن يفتح هذه الشقة ويعرضها للسوق او يتركها من أجل الآخرين للاستفاده بها وهنا ستقابلنا مشكلة أخرى وهى أن هناك من المستأجرين اغلق شقته وليس له حاجه بها ولكنه دفع فيها مبلغ مجمد وهو خلو الرجل وهذا المبلغ كان يساوى تقريبا ثمن الشقة تمليك ولكن فى هذا الوقت الذى استأجر فيه الشقه لم يكن معروض شقق للتمليك اصلا مما اضطره لدفع مبلغ خلو رجل والحصول على ايجار مدى الحياه واعتبره فى هذه الحاله مثل التمليك وهذا الامر يحتاج الى دراسه لرد الحقوق لاصحابها

وتابع: «نرى أنه يجب دراسة الموضوع دراسة وافيه من حيث الحالة الإقتصادية للدولة والحالة الاجتماعية للمواطنين ومرعاه الحقوق والإلتزامات المقيده لهذه الشقق سواء كانت ايجار قديم مغلقة إغلاق دائم ولا حاجة للمستأجر لها أو كانت مغلقة إغلاق متقطع كشقق المصايف والمسافرين للخارج للعمل على سبيل المثال وسواء كانت شقق مغلقة على يد ملاك مقاولين للتسقيع وبعد الدراسه يجب وضع تقنين نهائى لحل هذه الأزمة. 

  لا تصالح مع المالك

 

 وفى هذا الشأن، يقول ياسر سيد أحمد، المحامى بالنقض، إن عمليات المباني المخالفة لا تصالح فيها مع المالك خاصة إذا كان آيلة للسقوط أو الصادر لها قرار إزالة أوالمملوكة للدولة حسب الجهة، مضيفاَ أنه طبقاَ للقانون المصري، لابد أن تتم الإزالة للمباني أو الأدوار المخالفة في أسابيع بقرار رسمي من الحي أو المجلس المحلي  

وأوضح "ياسر" فى تصريح خاص لـ"صوت الأمة" أنه عقب صدور قرار الإزالة يمكن تقديم الطعن عليه للجهة الإدارية التى تبحثه لمدة شهور، مطالباَ بأن يباشر فحص المنزل أو المباني لجنتان منعاً للتلاعب، وهما لجنة للمنشآت الآيلة للسقوط ولجنة المحافظة، مضيفاَ : "العمارات التي ظهرت بلا ترخيص عقب ثورة يناير، عادة يقوم ملاكها بإدخال عداد ممارسة لغير المرخص" .

ووجه "أحمد" رسالة نصح وإرشاد إلى المستأجر بتقديم طلب عبارة عن استعلام للحي أو الجهاز في حال استئجار العين على أن يتم توثيق العقد بالشهر العقاري والشرطة لتحديد تاريخه ويسلم العقد رقم محضر إداري ويختم بختم النسر حتى يحصل المستأجر على تعويض مدني من المالك والمحافظة حال الضرر.

 

وأكد أن الفساد بكافة أشكاله "الرشوة، والمحسوبية، والمجاملات، والغش" هو المسؤول الأول والأخير عن كارثة سقوط مئات المنازل فوق أصحابها في مصر سنويا، متعجبا من أنه "لا أحد يُعاقَب من هؤلاء المسؤولين الفاسدين، وإنما يُحال دائما مالك العقار المنهار وحده للمُحاكمة، دون أن يُحَاسَب المسؤول الذي سمح بتمرير هذه المُخالفة والسكوت عليها حتى حدثت المصيبة وانهار العقار .

تشريعات مؤقتة

بينما يرى الدكتور أحمد الجنزوري، أستاذ القانون الجنائي بكلية الحقوق جامعة عين شمس، أن مسألة قانون التصالح مع مخالفات المبانى يعتبر تشريع وقتى فى مدة لا تتجاوز 6 أشهر، حيث أن القانون ينص على إمكانية التصالح مع المخالفة التى تقع نظير تحصيل الغرامات بشرط أن يكون المبنى آمنا .

وأضاف "الجنزورى" فى تصريحات خاصة، أن الحل فى تلك الأزمة تتمثل فى ضرورة وجود حزمة من الشروط والقيود يجب أن تتناولها اللوائح التنفيذية للقانون، بغرض التأكد من أن المباني المخالفة آمنة لإيقاف الكوارث وعدم فتح باب التصالح فى مخالفات قد تضر مستقبلا بالبناء وتشكل خطرا على الأرواح .

وكشف أن السبب فى البناءات العشوائية دون الإلتزام بالمواصفات الهندسية، يتمثل فى غياب الإشراف والرَّقابة من المهندسين المتخصِّصين على أعمال التصميم والتنفيذ، وانعدام الصيانة الدورية للمباني، تدهْـوُر حالة المرافق من مياه وصرف صحي، وهو ما يؤثر بالسلب على صِحة المبنى، وسوء استخدام العقارات في غير الغرض السّكني، إهمال المسؤولين في المحليات للدّور المنوط بهم، فضلاً عن التكدّس السكاني في العقارات

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق