لماذا سيناء 2018 الآن؟
الإثنين، 19 فبراير 2018 03:43 م
حسناً فعلت قواتنا المسلحة حين قررت أن تكتب الفصل الأخير، وأن تنهي تحرشات العناصر الإرهابية عبر عملية شاملة ستكون حتماً نهاية داعش، ونهاية العناصر الإرهابية في سيناء كافة، لكنها ليست بالضرورة أن تتمكن من القضاء على الفكر المتطرف نهائياً فهذه قصة أخرى، ومهمة مؤسسات أخرى ننتظر أن تُقتحم بجرأة وفدائية وتضحية هذا الملف الشائك والخطير مثلما تفعل قوتنا المسلحة..
لكن، هنا يأتي السؤال لماذا سيناء 2018 الآن؟ وقبل الخوض في الإجابة يهمني أن أشير هنا إلى كل العمليات العسكرية التي قامت بها الأجهزة الأمنية، في مواجهة الإرهاب، وإلى كل الدماء الطاهرة النقية التي سالت في سبيل حماية مصر والمصريين..
إذن، لماذا سيناء 2018 الآن؟ الإجابة على هذا السؤال تنطوي على عدة محاور؛ ففي الوقت الذي تقود فيه الدولة ثورة تصحيح في كل قطاعتها المختلفة بغرض إنعاش البلاد اقتصاديا وإعادتها إلى المسار الصحيح، كان لزامآ عليها أن تتخلص نهائيا من التهديدات الإرهابية خاصة تلك المدعومة خارجيا، بعد التحسن الكبير الذي شهده الاقتصاد المصري، إذ أن العملية العسكرية قد يكون مهمتها الأولى حماية النجاحات..
ولأنه بدون أمن لن يكون هناك استثمار خاصة وأن الدول والكيانات المعادية للقاهرة ظلت طوال السنوات الأخيرة تتاجر بالعمليات الإرهابية لتخويف المستثمرين ومحاولة خلق بيئة ومناخ غير صالح للاستثمار، الذي تحسنت معدلات نموه، وتحسن معه تصنيف مصر الإتماني من سلبي إلى مستقر، ثم آمن ثم إيجابي، وهو على ما يبدو أثار حفيظة أعداء هذا الوطن، وبدأوا يخططون لإفشاله فكان القرار الصحيح والجريئ يهدف للقضاء على تلك الفزاعة إلى الأبد، خاصة وأن السياحة التي كانت أحد أهم دعائم الاقتصاد القومي، فيما يخص النقد الأجنبي، الذي قفز إلى 12 مليار دولار في 2010، أصبحت من أكبر ضحايا الدعاية السيئة والمغرضة لكل أعداء بلاد النيل..
قولنا إن الاستثمار يتطلب بيئة صالحة وخالية من الإرهاب، والتهديد الذي يشكله الاٍرهاب في سيناء على عملية التنمية كان طول الوقت يأخذ أكبر من حجمه على مستوى الإعلام العالمي، وما تتقول به الصحافة الأجنبية حول عدم سيطرة الدولة على شبه جزيرة سيناء، كل هذا دفع الدولة إلى الرد والقيام بما هو أكبر من التقولات والأكاذيب؛ فحشود القوات المشاركة في العملية كفيلة بخرس الألسنة كافة، والتأكيد على أن مصر تسيطر على كل شبر من أراضيها وليس شبه جزيرة سيناء فقط..
لكن أحد المحاور المهمة أيضاً إن لم تكن الأهم والرئيسية أيضاً في عملية سيناء 2018، كانت القضاء على محاولات بعض الدول الراعية للإرهاب في المنطقة، توطين عناصر داعش الهاربة من سوريا في سيناء، خاصة بعد ظهور ما سمي بالخروج الآمن للدواعش، وتبني هذه الدول الترويج لتلك الفكرة في محاولة لخلق تهديد دائم للدولة المصرية..
تلك الدول رصدت مليارات الدولارات لزعزة الاستقرار في مصر، وهو ما تأكد بحسب خبراء عسكريون الذين قالوا إن تكلفة وقيمة الأسلحة التي استخدمها الأرهابيون في سيناء عام 2016 فقط، تخطى حاجز نصف مليار دولار، مايقرب من 10 مليارات جنيه مصري، بالإضافة إلى اكثر من 100 مليون دولار، أي ما يقرب من 2 مليار جنيه أجور لمرتزقة الدواعش، وهو ماتم زيادته بشكل كبير في 2017 بهدف إيقاع الدولة، فكانت سيناء 2018، هي أبلغ رد، وتأكيد لا يقبل الشك أن كل العناصر المسلحة الهاربة من جحيم سوريا، لن تطأ أقدامها سيناء، وهذه الرسالة كان حتمياً أن تكون بالفعل لا بالقول، لذا كانت سيناء 2018 واضحة وحاسمة: مصر لن تسمح لعناصر داعش أياً ماكان داعميهم في التسلل إلى أرض الفيروز..
ليس هذا فحسب، بل أن كل اكتشافات الغاز الجديدة في المتوسط وبدء حقل ظهر رسمياً في الإنتاج، دفع الدولة إلى التأكيد على أنها قادرة على حماية كل المواقع من أي عدوان أو أي عمليات تخريب محتملة، خاصة وأن الجميع يعلم الأطماع التركية في الثروات المصرية خاصة البحرية ورفضها اتفاقية الحدود البحرية وتحديدا «المصرية القبرصية»..
وطبعا لم تكن انتخابات الرئاسة المصرية بعيدة من المشهد فهي ضمن المحاور الرئيسة وربما أخطرها، وربما دفع هذا الدولة المصرية في بدء عملية اقتلاع جذور الاٍرهاب؛ فكل العمليات الإرهابية والتخريبية كان يحدد لتنفيذها تزامناً مع الانتخابات الرئاسية 2018، لإحراج الدولة ومحاولة زعزعة استقرارها والأخطر هو محاولة تخويف وتفزيع المصريين من النزول للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات، وتهديدهم حال نزولهم للانتخابات وهي محاولة رخيصة لإظهارها بموقف حرج كما لو كانت لا تستطيع حماية مواطنيها وتنظيم انتخابات رئاسية كدولة كبيرة؛ فكان من المهم مهاجمة كل الأوكار الإرهابية التي ينطلق منها العناصر الإرهابية.