أكل الأرانب .. حرمه الشيعة والسلفيون وحلله الأزهر

الأربعاء، 14 فبراير 2018 11:00 م
أكل الأرانب .. حرمه الشيعة والسلفيون وحلله الأزهر
الملوخية بالأرانب
حسن الخطيب

القارئ في كتب الأحاديث، وكتب التفاسير، وكتب الفقه، يجد أن الشريعة جاءت في أوامرها ونواهيها بشكل صريح ومستتر، فالصريحة أجمع عليها العلماء بأنها تلك التي نص عليها القرآن الكريم والسنة النبوية وأجمعت عليها الأمة، أما المستترة فقد تركت لعلماء وفقهاء الأمة لتفسيرها، ومن تلك الأوامر والنواهي ما تناولته الشريعة من تحديد المحلل والمحرم أكله، فهناك أطعمة حرمها الله بطريقة واضحة ومباشرة في القرأن الكريم، وهناك أطعمة لم يرد نص صريح بتحريمها، وإنما تركت للعلماء والفقهاء لتوضيح الحكم الشرعي فيها، ومن تلك الأطعمة لحم "الأرانب".

الفقهاء الأربعة يحللونها
 
لحم "الأرانب" من أكثر الأطعمة التي كثر فيها الجدل بين الفقهاء، فمنهم من قال بأنها حرام، ومنهم من أكد أنها حلال، لكن الأكثر تداولا بين الفقهاء والعلماء بأن لحم الأرانب حلال، وهو ماذهب إليه الفقهاء الأربعة، مالك والشافعي وأبي حنيفة وابن حنبل، وعليه أصبح أكل لحم الأرانب من اللحوم الحلال التي أباحها الشرع، وفقا لما جاء بالمذاهب المشهورة بين أهل السنة.
 
في المقابل، فقد كان لبعض العلماء رأي آخر حول لحم الأرانب، حيث ذهبوا إلى أن أكل لحم الأرانب محرمة عند بعض الفقهاء كأبن حزم في الظاهرية، واستدلوا بما ذهب إليه عبد الله بن عمر بن العاص، حيث قال بأن لحم الأرانب لا يؤكل، واستدل بما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، حيث أنه لم يرد أن أكل لحم الأرنب مطلقا، فقد ورد في البخاري ومسلم (أن "أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أنه صاد أرنبا، وأتي بها أبا طلحة فَذَبَحَهَا فَبَعَثَ بِوَرِكِهَا وَفَخِذَيْهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَتَيْتُ بِهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَبِلَهُ ولم يأكله).
 

السلفيون يشبهون الأرانب بالمرأة الحائض
 
فيما ذهب بعض السلفيين إلى ذلك الرأي، معللين ذلك بأن النبي صلي الله عليه وسلم قبل هدية أنس بن مالك، ولكنه رفض أن يأكله وقال وقتها أنها  من الحيوانات التي تلد وتحيض، وقد خرجت "جبهة علماء الأزهر" التي كان يرأسها الشيخ البري وكانت تنتمي للتيار السلفي، في منتصف العام 2012، بفتوى ردا على سؤال سائل يقول : ما حكم الشرع فى أكل لحوم الأرانب علماً أنها تحيض ؟ وجاء الرد بما هو نصه "ثبت لدينا بالدليل القاطع أن هناك عدة ثدييات تحيض ، ومن بينها " الأرانب " ، ومعروف أن كل ما يحيض من الثدييات حرام ".
 
وتابعت فتوى جبهة علماء الأزهر، بأنه "تجب الإشارة إلى أن بعض العلماء قد أجاز أكل الأرانب على كراهة شديدة، إلا أنه الثابت لدينا والمرجح عقلا وشرعا أن أكل لحوم الثدييات الحائضة حرام، وذلك لتردى الحالة النفسية للحيوان أثناء الحيض، مما يؤثر فى سلامة الإنسان وصحته، وقياسا عليه وانطلاقاً من مبدأ " لا ضررر ولا ضرار " فإن القول الغالب هو حرمة أكل لحوم الأرانب.

الشيعة يرونها من الحشرات
 
أما الشيعة الإمامية فقد أجمع علماؤهم على أن لحم الأرانب حرام، ودليلهم في ذلك الأحاديث المروية عن أئمة أهل البيت الدالة على كون الأرنب من جملة الممسوخات والحشرات، مستدلين بما قاله الإمام علي بن أبي طالب بأنه سأل النبي صلَّى الله عليه و سلم عن المسوخ، فقال: هم ثلاثة عشر: الفيل ، و الدّب ، و الخنزير ، و القرد ، و الجِرِّيث 4 ، و الضّب ، و الوَطْواط 5 ، و الدَعموص 6 ، و العقرب ، و العنكبوت ، و الأرنب".
 
فيما يفتي إمامهم علي بن موسى الرضا بأنه "حرّ الأرنب لأنها بمنزلة السنور و لها مخاليب كمخاليب السنور و سباع الوحش ، فجرت مجراها مع قذرها في نفسها و ما يكون منها من الدم كما يكون من النساء لأنها مَسْخ ".


القول الصائب في أكل الآرانب
 
ويوضح الدكتور محمد الشحات الجندي عضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، حكم تناول لحم الأرانب، وفق ما اتفق واجمع عليه جمهور الفقهاء والعلماء، بأن لحوم الأرانب حلال أكلها، وهو الرأي الأرجح، ولا يصح القول بحرمتها، مشيرًا إلى حديث أنس بن مالك الذي اصطاد فيها أرنبا، وذهب بفخذيها إلى النبي عليه الصلاة والسلام، مؤكدا بأنه لو كان لحم الأرانب محرما لما قبله النبي، وفي رواية أنه أكله.
 
وتابع عضو مجمع البحوث الإسلامية، بأن من يقول بأن النبي لم يأكل لحم الأرانب مطلقا، فإن رفض النبي صلى الله عليه وسلم تناوله لا يجعلنا نحرمه، لأن عدم أكل النبي عليه الصلاة والسلام يحتمل أنه لا يميل له، وليس معني هذا أننا نحرم لحوم الأرانب، ويجب أن نفرق بين سلوك الرسول وتعامله كبشر وهو ما يحبه ويكرهه كبشر، وسلوكه وهو نبي أي يرشدنا للذي حرمه الله علينا، فلو كان محرما لقال صراحة لأنس بن مالك أن هذا حرام، ولكنه قبله وهذا يقطع التأويلات التي تقول بحرمته، وقد أكلوها  الصحابة رضوان الله عليهم، منهم سعد بن أبي وقاص، ورخص فيها أبو سعيد الخدري وعطاء وابن المسيب، وابن المنذر.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق