عبد المنعم إيلي أبو الفتوح كوهين.. لقد وقع في الفخ!
الإثنين، 12 فبراير 2018 04:28 م
تستهويني دائما مثل كثيرين من أبناء جيلي، قصص الجاسوسية، ومغامراتها، ودهاليزها، لكن تستوقفني أكثر من غيرها قصة إيلي كوهين ذاك الجاسوس الإسرائيلي الذي كاد أن يكون رئيسا لسوريا نفسها.
رتبت له المخابرات الإسرائيلية قصة ملفقة يبدو بها مسلما ويحب العرب أكثر من أي شيء، يحمل اسم (كامل أمين ثابت) هاجر وعائلته إلى الإسكندرية ثم سافر مع عمه إلى الأرجنتين عام 1946، ومنها إلى دمشق، ومنذ الشهور الأولى تمكن كوهين أو كامل من إقامة شبكة واسعة من العلاقات المهمة مع مسؤولين حربيين. وكان من الأمور المعتادة أن يقوم بزيارة أصدقائه في مقار عملهم، ولم يكن مستهجنا أن يتحدثوا معه بحرية عن تكتيكاتهم في حالة نشوب الحرب مع إسرائيل، وأن يجيبوا بدقة على أي سؤال فني يتعلق بطائرات الميج أو السوخوي، أو الغواصات التي وصلت حديثا من الاتحاد السوفيتي أو الفرق بين الدبابة تي ـ 52 وتي ـ 54، إلخ.
المهم ازداد نجاح إيلي كوهين في سوريا خاصة مع إغداقه الأموال على حزب البعث وتجمعت حوله السلطة واقترب من أن يُرشح رئيسا للحزب أو للوزراء!، رغم معرفة كثيرين بحقيقته الأولى وهي الجاسوسية منذ القبض عليه وترحيله من الإسكندرية.
لا أعلم لماذا ترتبط قصة إيلي كوهين دائما في ذهني بعبد المنعم أبو الفتوح وعلاقته بالإخوان، ربما لارتباطها بالفكرة نفسها "نزرع واحدا منا وسطهم ويلعب دور المعارضة ليستهوي الناس وندعمه حتى يصل إلى الهدف، دون أن يكون محسوبا علينا".
أبو الفتوح يعد أكثر قيادات جماعة الإخوان المثيرة للجدل خلال السنوات الماضية، خاصة منذ انشقاقه عن التنظيم في 2011، بعد عدة شهور من اندلاع أحداث يناير، وتأسيس حزب "مصر القوية"، حاول إضفاء صبغة مدنية على حزبه، وقرر خوض انتخابات الرئاسة في 2012 أمام مرشح الإخوان آنذاك محمد مرسي!!
بالأمس استضافت قناة "الجزيرة" عبد المنعم أبو الفتوح، حمل الرجل على عاتقه منذ بداية ظهوره تصدير صورة الشخص المعتدل.
صورة المعتدل لم تدم كثيرا، ولم يتستطع إخفاء ما يردده الإخوان عن ثورة 30 يونيو، بعد حديثه في وقت لاحق عن شعوره بالفخر للمشاركة في تلك الثورة التي شارك فيها ملايين المصريين.
انفصال أبو الفتوح عن الجماعة كان نتيجة لأزمة الصراع التي شهدتها لسنوات طويلة، خاصة وأنه يحظى بشخصية قيادية، جعلته لا يلتزم بالكثير من مباديء الانصياع، والمعروفه باسم "مبدأ السمع والطاعة"، وضع أبو الفتوح في مكتب الإرشاد كانت محاولة لاحتوائه، إلا أنها فشلت مما أدى حدوث صدع كبير بينه وجناح "الصقور" داخل الجماعة.
من انفصال أبو الفتوح عن الجماعة في عام 2011، إلا أنه في الواقع لم ينفصل عن أفكارها، ولذلك فهو يحاول دائما أن يضع نفسه في المنطقة الرمادية الوسط، بحكم علاقاته الواسعة داخل جماعة الإخوان الإرهابية، وبالتالي فيمكنه القيام بدور لخدمة الجماعة في المستقبل.
ظهور أبو الفتوح في قناة الجزيرة في التوقيت الحالي، بالتزامن مع العمليات العسكرية التي تشهدها سيناء، لتطهيرها من البؤر الإرهابية، وكذلك مع اقتراب الانتخابات الرئاسية، ربما يفتح الباب أمام تساؤلات أمام أهداف القناة القطرية، وطبيعة الرسائل التي تسعى إلى تقديمها من خلال هذا الحوار.
أبو الفتوح أحد الوجوه الراغبة في العودة للعمل السياسي، بينما يحظى بتأييد قطاع كبير داخل الجماعة، خاصة من جيل الشباب الذي يرى أن القيادات الأخرى تتحمل مسئولية سقوط نظام الإخوان، ومن ثم فهو يحاول أن يقدم نفسه في صورة الشخص الذي يقبل بالتعايش مع النظام الحالي في المرحلة الراهنة.