بعد تأييد الإعدام: هل يجوز قتل أحمد بدم سمعان؟.. معركة السلفيين والقانون

الإثنين، 12 فبراير 2018 04:24 م
بعد تأييد الإعدام: هل يجوز قتل أحمد بدم سمعان؟.. معركة السلفيين والقانون
القس سمعان شحاتة وقاتلة
علاء رضوان ومحمد إبراهيم

3 مراحل مرت عليها أوراق تأييد حكم الإعدام لأحمد سعيد السنباطى المتهم بقتل القس سمعان شحاتة بالمرج فى أكتوبر الماضى، بعدما أحالت المحكمة أوراقه فى ثانى جلسات محاكمته إلى فضيلة المفتى.

الحكم أثار لغطا كبيرا فى اروقة المحكمة قبل الشارع المصرى بين مؤيد ومعارض للحكم من الناحية الشرعية، حيث استدل البعض بالأراء الفقهيه التى قالت: «عدم جواز قتل المسلم بغير المسلم»، بينما رد البعض الأخر بقول الله تعالى: «النفس بالنفس»، ومن هنا بدى السؤال هل يجوز قتل المسلم بغير المسلم، أم لا؟

المراقبون يرون أن الواقعة وضعت دار الإفتاء فى وجه «المدفع»، بإعتبار أن الحكم صدر عقب المرور على 3 مراحل هى: «مرحلة الإحالة، ومرحلة الدراسة والتأصيل الشرعي، ثم مرحلة التكييف الشرعي والقانوني».

تتمثل فى تلك المرحلة، قيام دار الإفتاء بفحص القضية المحالة إليها ودراسة الأوراق منذ بدايتها، وذلك قبل النطق بالحكم. تأتي مرحلة الدراسة والتأصيل الشرعي، حيث تقوم دار الإفتاء بدراسة القضية والالتزام بعرض الواقعة والأدلة حسب ما تحمله أوراق القضية على الأدلة الشرعية المتعلقة بالفقه الإسلامي، وتكييف الواقعة ذاتها بأنها قتل عمد إذا تحققت فيها الأوصاف التي انتهى الفقه الإسلامي إلى تقريرها.

هذه المرحلة يعاون المفتي هيئة مكونة من ثلاثة من المستشارين من رؤساء محاكم الاستئناف، تكون مهمتها دراسة ملف القضية لبيان ما إذا كان الجُرم الذي اقترفه المدانون يستوجب إنزال عقوبة القصاص حدا أو تعزيرا أو قصاصا أو غير ذلك. 

مهمة المفتي والهيئة المعاونة له في هذه المرحلة أيضاَ النظر في سؤال حول هل يستحق المتهم الإعدام أم لا وفقا للنصوص الشرعية، حيث تهدف  هذة المرحلة لطمأنة القاضي إلى مشروعية حكمه، لأن هذه القضايا حساسة ويترتب عليها إزهاق روح، لذلك نصّ المشرع على أن يصدر حكم الإعدام بالإجماع، وذلك على عكس الأحكام الأخرى التي يمكن الاكتفاء فيها برأي الأغلبية فقط.    

رأى السلفيين

بينما ترى الآراء الفقهية رأياَ أخراَ بخصوص هذا الحكم، كما جاء على لسان الشيخ مصطفى العدوى، الدعية السلفي، الذي أكد أن الله تعالى هو الذي أمر بألا يُقتل المسلم بغير المسلم، وردد قائلاَ: «لا يجوز».   

 

 

وأضاف فى مقطع فيديو له، أن الله تعالى يقول «كتاب أنزل إليك فلا يكن في صدرك حرج منه لتنذر به وذكرى للمؤمنين»، وقال رسولنا صلى الله عليه وسلم: « من بدل دينه فاقتلوه»، وقال: « لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، إلا بإحدى ثلاث : الثيّب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة»، مؤكداَ أن هذا شرع الله الذى شرع ونحن مستسلمون لأمر الله تعالى غير منهزمين. 

شيخ أزهرى 

تأييد ذلك الرأى الفقهى لم يقتصر على السلفيين دون غيرهم من الشيوخ، حيث أن تأييد ذلك الرأى الفقهى إلى عدد من شيوخ الأزهر الشريف منارة العلم والعلماء من خلال تأكيد الشيخ سمير حشيش، بعدم إعدام قاتل المسيحيين.

 

 

وأشار «حشيش» في خطبة له، بمسجد الخلفاء الراشدين في مدينة 6 أكتوبر، إلى أنه إذا قام شخصا بالدخول إلى كنيسة واعتدى على الموجودين يتم معاقبته ولكن ليس بعقوبة الإعدام، نظرًا لوجود حديث «صحيح» يقول «لا يؤخذ مؤمن بكافر».

وقال «حشيش»: «مسلم يقتل غير مسلم بدون وجه حق، غلطان ولا مش غلطان؟ غلطان.. يعاقب ولا مش يعاقب؟؟ يعاقب.. بس بدون القتل.. ليه؟.. لأن دم المسلم أعلى شأنًا.. قول بقى عنصرية قول اللي عايز تقوله».

التراث الفقهى

فيما ختلف الفقهاء في هذه القضية حسب فهمهم للنصوص الشرعية حول هذه المسألة: قتل المسلم بالكافر، حيث أن المقصود بالكافر؟ فالكافر طبقاً لمنظومة فقهاء الإسلام هو غير المسلم؛ والكافر إما أن يكون حربياً أو غير حربي، فإن كان حربياً فالإجماع منعقد على أنه لا يقتل به مسلم، وإن لم يكن حربياً فلا يخلو إما أن يكون ذمياً أو معاهداً.   

لا يقتل مسلم بدم غير المسلم

قال بهذا الرأي الشافعية والحنابلة وبعض المالكية والظاهرية والإمامية سواء كان هذا الرأي على وجه الغيلة أو على غير هذا الوجه. وحجة القائلين بعدم قتل المسلم بالكافر بعض النصوص التالية:

1- ساق البخاري بسنده: عن مطرف سمعت الشعبي يحدث قال: سمعت أبا جُحيفة قال: سألت علياً رضي الله عنه هل عندكم شئ مما ليس في القرآن؟ وقال ابن عيينة: مرة ما ليس عند الناس. فقال: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، ما عندنا إلا ما في القرآن، إلا فهماً يعطى رجلٌ في كتابه، وما في الصحيفة. قلت: وما في الصحيفة قال: العقلُ، وفكاك الأسير وأن لا يقتل مسلم بكافر»

2- وفي سنن أبي داود: «عن علي رضي الله عنه أن النبي قال: المؤمنون تتكافأ دماؤهم وهم يد على من سواهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، لا يُقتل مؤمنٌ بكافر، ولا ذو عهد في عهده».  

 

يقتل المسلم بالذمي

وبه قال أبو حنيفة وأصحابه، والشعبي والنخعي، وابن أبي ليلى.. قال في بداية المجتهد: «أما أصحاب أبي حنيفة فاعتمدوا في ذلك آثاراً منها: حديث يرويه ربيعة بن عبد الرحمن، عن عبد الرحمن البيلماني قال: «قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً من أهل القبلة برجل من أهل الذمة، وقال: (أنا أحق من وفى بعهده).

 وروى ذلك عن عمر، قالوا: وهذا مخصص لعموم قوله عليه الصلاة والسلام: (لا يقتل مؤمن بكافر) أي أنه أريد به الكافر الحربي دون الكافر المعاهد.

 وضعف أهل الحديث حديث عبد الرحمن البيلماني، وما روي عن عمر، وأما طريق القياس: فإنهم اعتمدوا على إجماع المسلمين في أن يد المسلم تقطع إذا سرق من مال الذمي، قالوا: فإذا كانت حرمة ماله كحرمة مال المسلم فحرمة دمه كحرمة دمه، فسبب الخلاف: تعارض الآثار والقياس».

 أما الكاساني فقد رد على أدلة الشافعي بقوله: «ولنا عمومات القصاص من نحو قوله تبارك وتعالى (كتب عليكم القصاص في القتلى) وقوله سبحانه وتعالى (وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس) وقوله جلت عظمته (ومن قتل مظلوماً فقد جعلنا لوليه سلطاناً) من غير فصل بين قتيل وقتيل ونفس ونفس ومظلوم ومظلوم فمن ادعى التخصيص والتقييد فعليه الدليل وقوله سبحانه وتعالى عز من قائل (ولكم في القصاص حياة) وتحقيق معنى الحياة في قتل المسلم بالذمي أبلغ منه في قتل المسلم بالمسلم لأن العداوة الدينية تحمله على القتل خصوصاً عند الغضب ويجب عليه قتله لغرمائه فكانت الحاجة إلى الزاجر أمس فكان في شرع القصاص فيه في تحقيق معنى الحياة أبلغ».

 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة