سلوك القطيع والخلاص
الثلاثاء، 06 فبراير 2018 06:29 م
سلوك القطيع (herd behavior) أو بالعامية "الظياط" هو مصطلح في علم الإجتماع بيطلق على سلوك الأشخاص الذين يتصرفون بسلوك الجماعة التي ينتمون لها دون التفكير في تصرفهم أو التخطيط المسبق.
سلوك القطيع ده بيظهر جدًا في لحظات الخوف، زي مواقف الخطر لما يحصل مثلًا صوت إنفجار ونلاقي الناس بتجري في إتجاه ونلاقي نفسنا تلقائيًا بنجري وراهم، مش عارفين بنجري من ايه ورايحين على فين.
السلوك ده لما بيسيطر علينا، بنتحول من مجموعة عقول مستقلة، إلي العقل الجمعي، واحد بس هو الي بيفكر للكل وياخد لهم القرار، زي حالات الفوضى مثلًا، لكن اللحظات دي هيا الي بتفرز القائد، الي بيكون عقله مستقل وقادر على انه يأخد بزمام العقل الجمعي، لكن ده مش محور كلامنا.
علماء نفس كثيرون اتكلموا عن السلوك ده واطلقوا عليه مسميات مختلفة، زي سيكولوجية الجماهير، والمحرك الكُلي، وعقلية القطيع وحاجات تانية كتير كلها نفس الشئ لكن مسميات متعددة.
إهتمام المختصين بالموضوع ده جاء بسبب أننا بنمارسه كل يوم دون أن ندري، ومن النماذج الحياتية الي بنعيشها كل لحظة وبنكون فيها فرد وسط القطيع، التمسك بـ«العادات والتقاليد»، يعني حضرتك بتتعامل بقوانين وأسس اجتماعية، لا تعرف مين وضعها أو على أساس أو في أي ظروف، لكنك خاضع لها بكل خنوع وسكينة، ومجرد تفكيرك في الخروج عنها بيكهربك ويسبب لك توتر داخلي ومع القطيع المحيط، وقوة جذب المركز بتكون أقوي من الطرد المركزية، يعني كل ما تيجي تخرج تلاقي مغناطيس بيشدك.
على الجانب الأخر نجد أشخاص تتخيل أن الإختلاف المذهبي المطلق عن البيئة المحيطة، هو دليل على الخروج عن القطيع، فتبدأ في التعامل بنظرية خالف تعرف، ودي بتحولك من باحث عن الاستقلال العقلي والتحرر من القطيع، إلى سلوك شاذ عن الطبيعة البشرية.
يعني حضرتك مش هينفع تقول إن العلاقة الزوجية بين الرجل والمرأة ده سلوك قطيع، وتفكر أنك تقيمها مع رجل مثلك أو كلب بلدي مثلًا.
أول خطوة حقيقية في الخلاص من القطيع، هي أنك تلاقي نفسك مشفق عليهم مش ناقم ولا ساخط، في البداية هتشوف القطيع لا يستحق المساعدة للتحرر من التبعية –أحد صفات سلوك القطيع- وممكن كمان تلاقي نفسك ناقم عليهم أو متعالي عنهم، لكن مع نضوجك الاستقلالي، هتحاول بطرق سلسلة وبسيطة وغير تصادمية إنك تنزع عنهم أغلال القطيع.
الجميل في الأمر إن مع مرور الوقت وزيادة قدرتك على تحليل تحركات القطيع ومراقبته في صمت، هتلاقي نفسك بتتوقع تحركات القطيع المحيط بك، لأنها في أغلب الوقت تحركات مبنيه على الغرائز الأولية أو البدائية، زي القوة والقيادة والجنس والاستحواذ، وقتها هتقدر تتحول من عسكري على رقعة الشطرنج إلي لاعب بيحرك خطوات على الرقعة.