6 سنوات على المذبحة.. كيف تورط الإخوان في حادث فبراير الأسود؟ (فيديو وصور)
الخميس، 01 فبراير 2018 12:26 م
لن ينسى التاريخ يوم 1 فبراير 2012، هذا اليوم الذي شهد أكبر كارثة فى تاريخ الرياضة المصرية وربما العالمية، حيث توفي على خلفية مباراة كرة قدم بين فريقي الأهلي والمصري 74 شهيدا.
حرص النادي الأهلي على إحياء ذكرى الـ74 من خيرة شباب أبناء جماهيره صباح اليوم، ووضع وفد من مسئولي النادي ولاعبيه في كل اللعبات الرياضية، يتقدمهم محمود الخطيب، رئيس مجلس الإدارة إكليل من الزهور على النصب التذكاري لأبناء الأهلي بمقر الجزيرة وقراءة الفاتحة ترحمًا على أرواحهم.
فى المقابل أصدر النادي المصري البورسعيدي، بيانًا رسميًا في ذكرى استشهاد 74 مشجعًا من جمهور النادي الأهلي في عام 2012، خلال مباراة أقيمت بين الفريقين على ستاد بورسعيد في بطولة الدوري العام.
قبل المباراة خرجت دعوات من الأهلى والمصرى للتهدئة وبادر حسام حسن المدير الفنى للمصرى وتوءمه إبراهيم مدير الكرة بمطالبة جمهور المصرى بحسن استقبال الضيوف، ولقيت الدعوة قبولا لدى الأهلى وخرج سيد عبد الحفيظ مدير الكرة يثمن مبادرة التوءم وطالب ألتراس الأهلى بالالتزام بالروح الرياضية فى التشجيع واعتقد الجميع أن الأجواء ستكون هادئة، لكنه كان الهدوء الذى يسبق الإعصار.
استقبال الحجارة
صباح يوم المباراة فوجئ ألتراس الأهلى برفض الأتوبيسات التحرك من القاهرة إلا بعد تسديد مبلغ مليون ونصف المليون جنيه كتأمين خشية تعرضها للاعتداء من جماهير بورسعيد، ويبدو أن أصحاب الأتوبيسات كانوا يشمون رائحة الغدر لذلك رفضوا التحرك.
اضطر ألتراس الأهلى لاستقلال أتوبيسات أخرى وبعضهم سافر عن طريق القطار، إلا أن الجزء الذى استقل القطار فوجئ بتعرضه للضرب بالحجارة فى مدينة الزقازيق، ولم يتوقف القطار فى مدينة الإسماعيلية كما كان مقررا حيث خشى السائق من وجود «كمين» فى انتظار مشجعى الأهلى لذلك سار دون توقف. وقبل مدينة بورسعيد بحوالى 30 كيلو مترا توقف القطار فجأة، ليطلب الأمن من الجماهير النزول وركوب الأتوبيسات والتوجه بها إلى استاد بورسعيد.
حظى جمهور الأهلى باستقبال سيئ من جماهير بورسعيد الذى قام بقذف الأتوبيس بالحجارة ناهيك عن الشتائم البشعة، والتوعد بالقتل، الأمر الذى لم يخطر ببال أحد أن يتحول إلى حقيقة عقب انتهاء المباراة، فيما وقف أفراد الأمن يشاهدون ما يحدث دون التدخل بحزم لمنع المعتدين.
صواريخ وشماريخ
استقبل جمهور بورسعيد لاعبى الأهلى وجماهيره كأسوأ ما يكون عندما هتفوا ضد الجهاز واللاعبين والجمهور، وكان الغريب حقا أن يقوم جمهور المصرى بضرب لاعبى الأهلى أثناء الإحماء قبل المباراة بالصواريخ والشماريخ التى كادت تصيبهم بالفعل، دون أن يتحرك أحد سواء من الأمن أو من مسئولى الاستاد.
يتحمل الحكم فهيم عمر جزءا كبيرا من المسئولية عما حدث فى كارثة بورسعيد بسبب عجزه عن إخلاء الملعب بعد تعدد حالات نزول الجماهير والصبية للمستطيل الأخضر قبل وأثناء المباراة، وكان أقل ما يمكن لفهيم القيام به هو طلب إخلاء الملعب تماما من الجمهور قبل استكمال المباراة.
وتعرض فهيم لانتقادات شديدة باعتباره مسئولا عن حالة الفوضى العارمة التى شهدتها المباراة ولم يتدخل لفرض قراره على الجميع. الغريب أن «فهيم» الذى ظهر بعد الكارثة ببضعة أيام عبر قناة الأهلى متأثرا، وأكد أنه كان يخشى على حياته فى حالة اتخاذه قرارا بإلغاء المباراة لذلك فضل استكمالها رغم الفوضى الكبيرة التى شهدتها. الأكثر غرابة أن عبدالحميد رضوان مراقب المباراة المشئومة أكد أن «فهيم» كان بطلا لأنه استكمل المباراة، فلو أُلغيت، لحدثت كارثة حقيقية فى جميع أنحاء بورسعيد وليس فى ملعب المباراة فقط.
وقعت الواقعة، فبمجرد إطلاق الحكم فهيم عمر صافرة النهاية معلنا نهاية المباراة بفوز المصرى (وليس الأهلى) 3/1، اندفع مئات المجرمين والبلطجية بأقصى سرعة صوب لاعبى الأهلى الذين سارعوا بالفرار مستفيدين من لياقتهم البدنية العالية، فيما كاد سيد عبد الحفيظ مدير الكرة بالأهلى يلقى مصرعه لولا شهامة إبراهيم حسن الذى حماه بجسده، فيما تعرض الحارس شريف إكرامى لإصابة قوية فى وجهه قبل أن يتم إنقاذه من جانب لاعبى المصرى.
بعدما تحول الملعب إلى ساحة قتال وسط رغبة محمومة فى قتل وتدمير كل ما هو أهلاوى اختفى البرتغالى العجوز مانويل جوزيه ولم يتمكن من اللحاق بلاعبيه إلى غرفة خلع الملابس، وسرت شائعة قوية حول خطفه من جانب بلطجية بورسعيد قبل أن يطمأن الجميع عليه حيث اتضح فيما بعد أن كامل أبوعلى رئيس النادى المصرى ساهم بشكل كبير فى إنقاذه وتأمينه بعيدا عن القتلة.
بدأت الحقائق تتكشف شيئا فشيئا، وتظهر بوادر، فالأنباء القادمة من ملعب بورسعيد بدأت تتحدث عن سقوط قتيل واحد، لم تأت تأكيدات رسمية، فتكذيب هنا، وتأكيد هناك، حتى تم الإعلان عن سقوط أول ضحية داخل غرفة خلع ملابس الأهلى، ثم اثنين، فثلاثة، قبل أن يزداد العدد فجأة ويقفز إلى 40، حتى وصل الرقم إلى 74 فى كارثة غير مسبوقة بمصر وسط حالة من الذهول وعدم التصديق. وكشف اللحام الحديث لبوابات مدرج الأهلى عن وجود مؤامرة معدة مسبقا للإجهاز على جميع مشجعى الأهلى لا سيما من الألتراس حيث كان يتم قتلهم بصورة بشعة سواء من خلال الخنق أو الضرب بالسكاكين والسيوف والمطاوى وغيرها من أدوات القتل البشعة، والأكثر بشاعة كان إلقاء الضحايا قبل أن يلفظوا أنفاسم الأخيرة من ارتفاع يصل إلى ما يقارب العشرة أدوار.
سبق الإصرار والترصد
وضح من خلال رواية شهود العيان والناجين من المذبحة أن أسلوب القتل تم بشكل ممنهج ومنظم ولم يأت بشكل عشوائى حيث ارتكز على الخنق والضرب بالأسلحة البيضاء فى الرقبة لإنهاء الحياة بأسرع وقت ممكن، فضلا عن إلقاء الضحايا وهم على قيد الحياة من مكان شديد الارتفاع.
وجاءت أحداث بورسعيد لتنذر بانتشار حالة من الفوضى والانفلات الأمنى تمثلت فى سلسلة غير مسبوقة من هجمات السطو على بنوك ومكاتب صرافة فى توقيتات متزامنة ومتقاربة شهدتها البلاد مؤخرا.
سريعا أعلن التوأم حسام وإبراهيم حسن استقالتهما من تدريب المصرى عقب المذبحة وقررا عدم التدريب مجددا حتى يتم القبض على الجناة، فيما تقدم كامل أبوعلى رئيس النادى المصرى باستقالته مع أعضاء مجلسه احتجاجا على ما حدث.
كان المشير محمد حسين طنطاوى رئيس المجلس العسكرى على رأس مستقبلى فريق الأهلى فى ساعة مبكرة من صباح الخميس واجتمع باللاعبين فى حضور حسن حمدى رئيس النادى وأكد أنه أعطى أوامره بالقبض السريع على الجناة وتقديمهم للمحاكمة العاجلة. وقرر المشير إعلان حالة الحداد العام لثلاثة أيام، فى محاولة لامتصاص الغضب العارم بين جماهير الأهلى، وقال طنطاوى فى تصريحات مقتضبة أنه أمر بتشكيل لجنة تقصى حقائق، وطلب من النائب العام فتح تحقيق فورى فى الأحداث.
إقالة اتحاد الكرة
جاءت قرارت كمال الجنزورى رئيس الحكومة سريعة بإقالة سمير زاهر رئيس اتحاد الكرة باعتباره مسئولا عن جزء كبير مما حدث، كما تمت إقالة محافظ بورسعيد ومدير الأمن وإحالتهم للمحاكمة. كما أمر النائب العام بالتحفظ على القيادات الأمنية فى بورسعيد والتحقيق معها.
ورغم قرارات رئيس الوزراء، إلا أنه تمسك بوزير الداخلية محمد إبراهيم رغم ما تعرض له من انتقادات، وهو ما دفع الكثيرين إلى المطالبة بتغيير الحكومة.
تحول النادى الأهلى إلى سرادق عزاء واستقبل المعزين على مدار ثلاثة ايام، كما أعلن النادى الحداد لمدة 40 يوما وحرصت أطياف مختلفة من الشعب المصرى على تقديم واجب العزاء، كما تقاطرت وفود من الدول العربية على مقر النادى الأهلى بالجزيرة للمواساة.
لاتزال كثير من جثث ضحايا المذبحة مجهولة الهوية ولا تجد من يتعرف عليها، فيما لايزال البعض من جمهور الألتراس مختفيا ولا يعلم ذووهم مصيرهم حتى الآن ولايزال البحث جاريا عن هؤلاء. وقامت مستشفيات الحميات والأميرى والمبرة ببورسعيد بتسليم جثث ضحايا أحداث بورسعيد إلى ذويهم، فيما قررت مديرية الصحة إرسال الجثث المجهولة إلى مشرحة زينهم بالقاهرة.
حكاية محمود سليمان
رغم كثرة الحكايات المأساوية للضحايا، إلا أن قصة محمود سليمان أحد مشجعى ألتراس أهلاوى تبدو مؤثرة للغاية، فكأنه كان يشعر بدنو أجله، وأنه ذاهب إلى بورسعيد على قدميه وفى كامل صحته، ليعود منها محمولا داخل كفنه.
وقبل أن يتوجه إلى نهايته، وضع محمود على حسابه عبر موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» صورة سوداء وعليها شريط حداد، وكتب العبارة التالية «علشان لو مت ماتضيعوش وقت فى عمل صورة زى دى.. أهو جاهز أهوه».
عقب المذبحة أصبحت بورسعيد فى عزلة بعدما أخذ أهالى وشعب المدينة الباسلة بذنب القتلة الذين تورطوا فى اغتيال جماهير ألتراس الأهلى العزل وقتلهم بأبشع الطرق. وسارع المجلس العسكرى بإرسال طائرات إغاثة تحمل أغذية وأدوية بعدما أحجم الجميع عن التوجه إلى المدينة الحرة بعد المذبحة.
سارع العديد من المؤسسات والأفراد للإعلان عن تبرعهم لصالح أسر الضحايا وقدرت التبرعات بملايين الجنيهات، إلا أن مسئولى الأهلى أكدوا أن التبرعات لم تتجاوز النصف مليون جنيه. وكان الأهلى قد فتح حسابا فى بنك مصر وقرر افتتاحه بالتبرع بمبلغ مليون جنيه وناشد من يرغب فى التبرع بوضع المبالغ فى هذا الحساب لتوزيعه على أهالى الضحايا.
وكان الاتحاد الدولى لكرة القدم «فيفا» قد اعلن التبرع بمبلغ 250 ألف دولار، والاتحاد الأفريقى «كاف» بمبلغ 150 ألف دولار، وأعلن نجم الزمالك محمود عبدالرازق شيكابالا عن تبرعه بمبلغ مليون جنيه، والبرتغالى مانويل جوزيه بملبغ 375 ألف جنيه، فيما لم يكشف الأمريكى بوب برادلى المدير الفنى للمنتخب عن المبلغ الذى سيتبرع به.
أعرب جوزيف بلاتر رئيس الاتحاد الدولى لكرة القدم (فيفا) عن صدمته حيال أعمال الشغب التى أودت بحياة العشرات وإصابة حوالى ألف من جماهير ألتراس الأهلى وقال بلاتر فى بيان نشر على موقع الفيفا: «أشعر بصدمة شديدة وحزن عميق بعد علمى أن عددا كبيرا من مشجعى كرة القدم قد لقوا حتفهم أو تعرضوا للإصابة هذا المساء بعد مباراة أقيمت فى مدينة بورسعيد بمصر».
وأضاف فى بيانه: «إنه يوم أسود لكرة القدم. هذه الأحداث الكارثية تفوق الخيال ويجب ألا تحدث أبدا». وأعلن الاتحاد الدولى لكرة القدم (الفيفا) أنه طلب الحصول على تقرير كامل عما حدث من أعمال شغب فى بورسعيد بمصر مما تسبب فى سقوط أكثر من 70 قتيلا أمس الأربعاء.