نحن ضحايا أنفسنا
السبت، 30 ديسمبر 2017 02:12 م
في كثير من الأحيان والمواقف بل وأغلبها نتأكد من أننا ضحايا أنفسنا والآخرون مجرد حجة، وبرغم أن نظرية المؤامرة الخارجية مؤكدة وموجودة، إلا أن استهتارنا وتآمرنا الداخلي على أنفسنا أصعب وأقوى وأكبر تأثيرا.
فمع نهاية عام 2017، ومحاولات مضنية طوال الفترة الماضية للترويج للسياحة المصرية، وجذب السائحين من الخارج، نفاجأ بخبر سييء عن شحوط مراكب نيلية سياحية ليلة الكريسماس بين الأقصر وأسوان، وتعكير صفو السائحين الذين قرروا أن يقطعوا آلاف الكيلومترات كي يزوروا مصر، ويختموا عامهم وسط آثار وحضارة السبعة آلاف سنة، تلك الحضارة التي صدَّرت للعالم بأثره العلم والفن وكل ما هو ساحر وبديع، ولكن للأسف الورثة بددوا كل شيء.
لا أدري متى يتم اختيار الرجل المناسب في المكان المناسب؟ ومتى تكون المناصب القيادية للأشخاص ذوي الكفاءة وليس بسبب الرسوب الوظيفي والأقدمية؟ فحتى لو كان الأكفأ شابا صغيرا ولكن يمتلك الفكر المتطور، ولديه من الحمية والنشاط والابتكار ما يؤهله للنجاح في موقعه، وتطويره والارتقاء به فليكن هو صاحب المنصب، فالمناصب القيادية لا تقبل سوى الكفاءة ثم الكفاءة، لأن انعدامها يكون له أسوأ الأثر على الدولة كاملة وعلى مواردها الأساسية.
وكما توضع العينة تحت الميكروسكوب لفحصها يجب أن يضع المسئولون أنفسهم تحت الميكروسكوب أيضا لفحص آدائهم وهل هم راضون عما يقومون به، وهل هم بحق قادرون على شغل تلك المناصب؟ والأهم هو أن تفحصهم الدولة ومجلس الشعب ورئيس الجمهورية من آن لآخر بمنتهى العناية، كي نطهر الوطن من الميكروبات التي تؤدي لفشله، ويجب أن يكون هناك بتر لأي مسؤول يتسبب في كارثة من الكوارث التي تطل علينا يوميا، فالبعض لا يجدي معه العلاج بأنواعه.
فعندما نستمع لردود ومبررات المسؤولين حول الكارثة الأخيرة، نتوه في فكرة دوخيني يا ليمونة، وكيف أن كل منهم يحاول نفض يديه منها، وإلقاء المسؤولية على غيره، وكالعادة نجد تضاربا بين الجهات المختصة والوزارات المسؤولة، وفي النهاية تكون النتيجة الأخيرة هي الفشل التام.
إن النجاح لا يأتي إلا بترابط حلقات السلسلة حتى الوصول للنتيجة المرجوة، فالعمل في الدول المتقدمة لا يكون منفردا بل متشابكا ومترابطا.
ويأتي التساؤل الدائم وخاصة مع المصائب.. ما معنى كلمة "مجلس الوزراء" أليس المعنى أن جميع الوزراء يجلسون معا للتنسيق فيما يختص بالتعاون بين أعمال وزاراتهم وما يتبعها من إدارات؟ أو ليس رئيس الوزراء دوره الأساسي إدارة هذه الوزارات والتنسيق بينها وبين أعمالها، وترتيب أدوارها، وفض الاشتباكات، ووضع خطط متكاملة كي تكون النتيجة في النهاية النجاح؟ أم أن كل وزير ومسؤول يعمل في جزيرة منفصلة كي يلقي وقت الأزمات بالكرة في ملعب غيره، وتكون مهمته الأساسية تبرئة نفسه التي هي أهم عنده من مصلحة وطنه!
متى نجد أن المسؤولين عن المصائب حوسبوا حسابا رادعا وأقيلوا من مناصبهم؟ أو شعروا بتأنيب الضمير وعدم القدرة على البقاء مع الفشل وقدموا استقالاتهم بأنفسهم؟
وكما قال جان بول سارتر إن المرء مسؤول مسؤولية كاملة عن طبيعته واختياراته، فإن الدول أيضا هي المسؤولة عن اختياراتها وطبيعة من تختارهم لإدارة مواردها، ولا نستطيع هنا أن نلوم سوى أنفسنا.
ونتمنى أن يكون عام 2018 مختلفا على جميع الأصعدة، وأولها تطهير الجهاز الإداري للدولة وتغيير دمائه تماما.. بما يتواكب مع المرحلة الحالية التي تُبذَل فيها مجهودات قوية لتحسين الأحوال، ولكن يأتي شخص واحد وسط السلسلة ويدمر مجهودات الآخرين.
ويجب أن يعلم كل من يعمل في مجال السياحة أو له رابط من قريب أو بعيد بزائري مصر.. أن أهم المبادئ هو"لا يجب أن تترك أحدا يأتي إليك ثم يذهب دون ان يكون أكثر سعادة".