يا وزير الثقافة.. أدعوك لإطلاق جائزة شخصية العام من القاهرة
الأحد، 31 ديسمبر 2017 02:32 م
منذ سنوات طويلة ومع رحيل عدد كبير من كبار فنانينا وأدباءنا ومفكرينا كنت دائما ما أتساءل.. "لماذا لا تطلق وزارة الثقافة جائزة سنوية لاختيار شخصية العام".. والآن أعيد السؤال، لماذا لا يتبنى الكاتب الصحفى الصديق حلمى النمنم وزير الثقافة الحالى هذه الفكرة والاقتراح، فمصر أولى أن يكون لديها جائزة تكرم فيها القامات الفكرية والفنية والصحفية في مصر سواء الذين على قيد الحياة منهم- أطال الله في أعمارهم- أو من رحل عنا.
اقترح على وزير الثقافة أن يدرس فكرة إطلاق جائزة شخصية العام كنوع من التكريم والتقدير حتى لو جاء متاخرا أو بعد الممات، ويمكن أن ترعى الجائزة الدولة أو جهات خاصة لديها اهتمام بالنشاط الثقافى والفنى. فليس مقبولا أو معقولا أن يأتى تكريم الشخصيات المصرية من الخارج حتى لو من جهات أو جوائز عربية ولا يتم تكريمهم في مصر وتغيب مثل هذه الجوائز عن القاهرة عاصمة الفن والثقافة والصحافة.
كل عام يمر يحمل لنا أحزانا كثيرة برحيل رموز الفن والأدب والفكر ثم نفكر بعد الرحيل في كيفية التكريم والطريقة المناسبة لتقدير هؤلاء. وكيف نحفظ تراثهم من الضياع حتى تطلع عليه الأجيال الحالية والقادمة. مثلما تفعل الدول المحترمة مع رموزها الأدبية والفنية والثقافية عموما.
آخر الراحلين كان الأستاذ صلاح عيسى. واحد من أهم اسطوات وصنايعية الصحافة المصرية منذ السبيعينات وواحد من أهم حراس التاريخ الشعبى في مصر والذى تتلمذ على يديه وتربى على كتاباته الراقية الكثير من الصحفيين وصار معلما لنا في مهنة البحث عن المتاعب وفي في أثناء تشييع جثمانه إلى مثواه الأخير دار الحديث عن ابداع صلاح عيسى وكيف أن المئات من الصحفيين نهلوا من خبراته حتى صار أستاذا حقيقيا لهم وكيف انه رغم كل هذا المشوار المهنى والفكرى لم يحصل على التقدير اللائق به ولم تكرمه الدولة بجائزة وهو الذي يستحق الكثير وقد ناله من جمهور قراءه العريض الذي كان ينتظر" اهباريته" في صحيفة الأهالى التي بلغ توزيعها في السبعينيات وبدايات الثمانينيات أكثر من 150 ألف نسخة أسبوعيا، فقد كان في ما يكتبه معلما في أسلوب النقد السياسى والاجتماعى بسخرية لاذعة غير جارحة.
في الصحافة كان أسطى ولا بد أن تجربة الأهالى سوف ترتبط كثيرا باسم صلاح عيسى ومعه حسين عبد الرازق وفريدة وأمينة النقاش وبعد ابتعاده عن رئاستها تأثرت كثيرا وفقدت الكثير من بريقها السياسى والصحفى. وكان من بين انجازاته تأسيس كتاب " الأهالى" الذي قدم مجموعة من الكتب المهمة مثل ترجمات كامب ديفيد ومذكرات وزراء الخارجية السابقين مثل محمد إبراهيم كامل والزيات.
وفي التنقيب عن التاريخ الشعبى انصف من ظلمتهم كتب التاريخ الرسمى وقدم صورة مغايرة لكثير من الشخصيات، فقد صدر له 20 كتابا أهمها كتابه عن الزعيم المصري أحمد عرابى ومثقفون وعسكر وتباريح جريح ورجال ريا وسكينة وحكايات من دفتر الوطن ودستور في صندوق القمامة وجلاد دنشواى وغيرها.
رغم مشاغباته ومعارضته لأنظمة سياسية سيبقى صاحب قلم رشيق في كل المنابر الصحفية وآخرها جريدة القاهرة وسيبقى رمزا من رموز الدفاع عن حرية الوطن والمواطن وحرية الابداع والكتابة، ولذلك فهو يستحق التكريم حتى بعد الممات ولذلك فأنا بهذه المناسبة أدعو الصديق حلمى النمنم وزير الثقافة أولا إلى تكريم صلاح عيسى في حفل يليق به. ثانيا التفكير بجدية في إطلاق جائزة لشخصية العام الثقافية والفنية من القاهرة للاحتفاء برموزنا الفنية والفكرية والصحفية التي رحلت عن عالمنا والتى مازالت تعيش بيننا وتثرى بوجودها حياتنا الثقافية والفنية والابداعية.