هل تهدد غضبة ترامب بعد أزمة القدس مستقبل الأمم المتحدة؟
الأحد، 24 ديسمبر 2017 12:00 ص
هل يمكن نقل مقر الأمم المتحدة من أمريكا؟ وهل يمكن أن حل وإنتهاء وجود المنظمة الدولية الأهم في تاريخ العالم؟ قبل أيام قليلة كان مجرد إطلاق هذه الأسئلة دون بحث مدى واقعية تحققها، ضرب من الخيال، وربما من الجنون أيضا!! لكن لأن دوام الحال من المحال، فإن أزمة الولايات المتحدة الأخيرة بشأن قضية القدس، والعزلة التي وضعت إدارة الرئيس ترامب نفسها فيها، أمام العالم قربت هذه الأسئلة من الواقع.
تصويت دول العالم في الجمعية العامة للأمم المتحدة بالموافقة، التي تقترب من الإجماع، على القرار المصري، بشأن رفض نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، والاعتراف بها عاصمة لإسرائيل، كان السبب الرئيس في إطلاق التساؤلات حول مستقبل الأمم المتحدة، وبخاصة بعد الهجوم الذي شنته الإدارة الأمريكية، ممثلة في مندوبة الولايات المتحدة الدائمة، لدى الأمم المتحدة، نيكي هايلي، وتهديدها بأن هذا التصويت لن يمر مرور الكرام، وأن الأمم المتحدة، والدول التي صوتت لصالح القرار، ستلقى عقابا من واشنطن، ولن تنال المساعدات التي اعتادت أن تطلبها من البيت الأبيض.
وخلال حملة الهجوم الضارية، لمحت هايلي إلى أن البيت الأبيض سيعيد النظر في الحصة المالية التي تقدمها واشنطن للأمم المتحدة، والتي تعد الأكبر في العالم، وهو ما يدفع لتساؤلات حقيقية حول مستقبل المنظمة العالمية!!
مساعد وزير الخارجية الأسبق، السفير جمال بيومي، رئيس اتحاد المستثمرين العرب، يرى أن التطورات الحالية، لن يكون لها أثر كبير على موقف الولايات المتحدة الأمريكية من الأمم المتحدة؛ موضحا أن واشنطن تعلم يقينا أنها لن تكون قادرة على قيادة العالم، إذا تخلت عن دورها في الأمم المتحدة، أو سمحت بنقل مقرها، أو حتى قلصت المساعدة المالية التي تقدمها.
وأوضح لـ"صوت الأمة"، أن واشنطن أكثر المستفيدين من وجود الأمم المتحدة، إذ إنه دونها لن تتمكن من تمرير الكثير والكثير من القرارات السياسية، والاقتصادية، وأهمها العقوبات الدولية التي توقع ضد المناوئين للمفهو الأمريكي للسياسة الدولية.
ولفت إلى أن واشنطن تعتبر الأمم المتحدة منبرا تخاطب من خلاله العالم، وكذلك تستخدمه لتغطية قراراتها، التي تحقق مصالحها، كما أنها تعلم جيدا أن تراجع دور الأمم المتحدة يصب في صالح الصين، وروسيا؛ اللتان ستكونان قادرتان على استقطاب الدول، وإعادة إحياء الحلف الشرقي الذي انهار بانهيار الاتحاد السوفيتي، كما أنها ستفتح الباب لظهور عدد من الكيانات البديلة للمنظمة الدولية، والتي ستكون في معظمها إقليمية؛ بما يصعب معه السيطرة عليها، أو التجاوب مع مصالحها.
وعلى غرار الرأي السابق، أكد الدكتور إكرام بدر الدين، أستاذ العلاقات الدولية، أن الولايات المتحدة لا يمكن أن تتخلى عن الأمم المتحدة، كمنظمة تربط دول العالم بقوة معقولة، لكنها قد تلجأ إلى خفض مشاركتها فيها.
وأشار في تصريح لـ"صوت الأمة"، إلى أن التهديد الصريح من المندوبة الأمريكية، بمعاقبة الأمم المتحدة، يستدعي التحرك الدولي السريع؛ لمواجهة ما يمكن أن تقدم عليه إدارة ترامب.
ولفت إلى أن واشنطن تسدد وحدها 22 % من ميزانية الأمم المتحدة، وانسحابها إن حدث، فقد يقضي على هذه المنظمة، وهو ما يمكن استبعاد حدوثه في المنظور القريب.
وفي غضون ذلك قال السفير حسين هريدي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، لـ"صوت الأمة"، إن أمريكا في عهد ترامب تشكل خطرا على الأمم المتحدة؛ لأنه يريد إجبارها على السير في الاتجاه الذي يريده.
وأوضح أنه من المستبعد أن يصل الأمر إلى تدمير المنظمة؛ لكن ترامب قد يلجأ إلى وضع عقبات، تحمل رسائل إلى العالم، مفادها أن الأمم المتحدة دون الدعم الأمريكي لا يمكن أن تفعل شيئا.