هل ينتهي إرهاب داعش بتكفير أتباعه؟.. أستاذ عقيدة: لا يمكن تكفير مسلم .. شيخ الطريقة العزمية: إخراج الإرهابيين من الملة يقي الإسلام شرهم.. و"القصاص": موقف شيخ الأزهر سليم

الإثنين، 27 نوفمبر 2017 06:27 م
هل ينتهي إرهاب داعش بتكفير أتباعه؟.. أستاذ عقيدة: لا يمكن تكفير مسلم .. شيخ الطريقة العزمية: إخراج الإرهابيين من الملة يقي الإسلام شرهم.. و"القصاص": موقف شيخ الأزهر سليم
داعش - أرشيفية
هناء قنديل

هل ينتهي إرهاب داعش بتكفير عناصره وأتباعه؟ يوجز هذا السؤال حالة الجدل التي اندلعت، خلال الساعات التي تلت العملية الإرهابية الدنيئة، التي استهدفت مسجد الروضة بمدينة بئر العبد، وأسفرت عن استشهاد وإصابة أكثر من 400 شخص.

وترتبط حالة الجدل المتفجرة، منذ ذلك التوقيت، بتصريحات أصدرها وكيل الأزهر الشريف الدكتور عباس شومان، التي أكد فيها عدم جواز تكفير عناصر التنظيمات الإرهابية، مهما كانت ذنبوهم، وهو ما يمثل تجديد لموقف الأزهر الرافض لمبدأ تكفير أي مسلم، لارتكابه جرائم، مهما كانت فداحتها، مكتفياً بوصف الإرهابيين بأنهم "مفسدون في الأرض"، يستحقون تطبيق حد الحرابة.

خروج هذه التصريحات، وسط سخونة الأحداث، وقبل مرور ثلاثة أيام على الجريمة البشعة، التي هزت ضمير الإنسانية،  أطلق حالة من الجدل الشديد، بين مؤيد لموقف الأزهر، معتبراً أنه لا يجوز فتح الباب للتكفير، حتى لا يتحول الأمر إلى ذريعة يستخدمها المجتمع للهروب من مسؤولياته تجاه اتخاذ موقف حازم، ينقي البيئة الإسلامية من أصحاب الفكر المتطرف، الذين يرمون باتهامات التكفير جزافا تجاه كل من يخالف الرأي، وبين معارض لموقف المؤسسة الدينية، على اعتبار أن تكفير الدواعش، سينقذ الإسلام من انتسابهم إليه، وارتكاب مزيد من الجرائم في هذا الاتجاه.

وبين هذين الرأيين، خرج أحد أعضاء هيئة كبار العلماء، وهو الأستاذ الدكتور أحمد عمر هاشم، الرئيس الأسبق لجامعة الأزهر، بفتوى يؤكد من خلالها، "كفر الدواعش"، وخروجهم من ملة الإسلام؛ جرا جرائمهم التي يعتدون فيها على ثواب الدين، وأصوله، وأهله.

هذه الفتوى أعادت طرح السؤال مجددا، وهو: هل ينهي تكفير الدواعش، أعمالهم الإرهابية، ويقضي على وجود هذا التنظيم والأفكار التي ينتمي إليها أتباعه؟

التكفير فتنة

يؤكد الدكتور عبد الغني الغريب، أستاذ الفلسفة والعقيدة بجامعة الأزهر، فرع الزقازيق، أن التكفير فتنة، لا يجب أن يقع فيها الأزهر الشريف، مشددا على أنه لا يمكن مطلقا تكفير مسلم، مهما ارتكب من ذنوب.

وأضاف: لـ"صوت الأمة": "لو أفتينا بكفرهم لصرنا مثلهم، ووقعنا في فتنة التكفير، وهو ما لا يمكن للأزهر، أن يقدم عليه؛ حتى لا يهدر وسطيته واعتداله المشهورين".

وتابع: "الدواعش مفسدون في الأرض، وباغون، ويرتكبون أفعالا لا يأتيها مسلمون، لأن المسلم لا يقتل دون جريرة، ولا يهتك عرضا، لذا فهم مستحقون لعقاب أشد من عقاب الكافر الخارج من الملة، وهو حد الحرابة، بأن يصلبوا، أو يقتلوا، أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف، أو ينفوا من بلاد المسلمين،  إلى تكفير الأمة فتحقق فيهم الحرابة والبغي، فهم أشد من بدعة الخوارج، وقتال المسلم كفر، وقد قتلوا المسلمين، فقد حكموا على أنفسهم بالكفر بأفعالهم، وأتم الغريب بالتأكيد على قاعدة متفق عليها بين علماء الأمة وهي أنهم لا يُحكم على مؤمن بالكفر مهما بلغت سيئاته، لأنه لا يخرج العبد من الإيمان؛ إلا بجحد ما أدخله فيه، وهو الشهادة بالوحدانية، ونبوة محمد صلى الله عليه وسلم.

وقاية للإسلام

في المقابل أكد الشيخ علاء أبوالعزائم، شيخ عموم الطريقة العزمية، عضو المجلس الأعلى للطرق الصوفية، ضرورة أن يصدر الأزهر فتوى رسمية، بتكفير الدواعش، ومرتكبي الأعمال الإرهابية، مشددا على أن هذا الإجراء، سيسهم في حماية الإسلام، ووقايته من شرور انتساب أصحاب هذا الفكر الضال، إلى شريعته السمحة.

وأوضح لـ"صوت الأمة"، أن الجريمة الأخيرة، التي ارتكبها الإرهابيون، في مسجد الروضة، بمدينة بئر العبد؛ تخرج هؤلاء المسلمين من ملة الدين الحنيف، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "سباب المسلم فسوق وقتاله كفر"، داعيا إلى إنقاذ الإسلام، من هؤلاء المدعين الانتساب إليه، بتكفيرهم، وطردهم من حظيرة الدين الحنيف.

القصاص: موقف الأزهر سليم

وتعليقا على هذا الاختلاف، والجدل، وصف الكاتب الصحفي، أكرم القصاص، رئيس التحرير التنفيذي لصحيفة "اليوم السابع"، موقف الأزهر الرافض لتكفير الدواعش، بأنه موقف سليم، مضيفا: "من يتصور أن مشكلات الإرهاب سوف تنتهي، بمجرد صدور فتوى رسمية بتكفير المنتمين إليه، فهو مخطئ"، مشيرا إلى أن تبادل التكفير لن ينهي هذه الأزمة العميقة، التي تتشابك مع جميع عناصر الحياة في المجتمعات الإسلامية، فكريا، وسلوكيا. 

وأشار إلى أنه من الضروري أن يواصل الأزهر دوره الرامي إلى تجديد الخطاب الديني، ومقارعة حجج المتطرفين، بالردود الدينية السليمة، فضلا عن التمسك بدوره في التقريب بين الفرقاء في المذاهب المختلفة؛ حتى يجنح الجميع إلى السلم، وليس إلى التناحر جراء التكفير، والتكفير المضاد.

وشدد القصاص، على أن صدور فتاوى رسمية، من المؤسسات الدينية في الدول الإسلامية، بتكفير الإرهابيين، لن يثني هؤلاء عن استمرارهم في ارتكاب جرائمهم؛ لأنهم لا يقيمون وزنا لأي آراء تخالف فكرهم، ومذهبهم، وشيوخهم، مضيفا: "لو كانوا يهتمون بما يقال عنهم، لما وصلنا إلى هذا الحال".

ودعا القصاص إلى استمرار جهود مواجهة شريعة التطرف، التي يريد أن يلبسها الدواعش، ثوب الشرع الإسلامي الحنيف، زورا وبهتانا، وتكثيف جهود المواجهة الفكرية، عبر مراجعات علمية دقيقة للتراث الديني، وتنقيته من غبار الزمن، والأفكار التي لم تعد قابلة للتوافق مع الواقع الحياتي للمسلمين هذه الأيام.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق