فى ذكرى اغتياله.. أين ذهبت زوجة جون كينيدى؟
الخميس، 23 نوفمبر 2017 05:00 ص
منذ 54 عاما تحل علينا ذكرى اغتيال الرئيس الأمريكى جون كينيدى، حيث كان ترتيبه بين الرؤساء الذين تعاقبوا على رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية "الخامس والثلاثون"، فقد تولى الرئاسة منذ ١٩٦١ وحتى اغتياله في ٢٢ نوفمبر ١٩٦٣، وكان عمره آنذاك ٤٦ عاما، وهو مولود في ٢٩ مايو ١٩١٧، في بروكلين، وقد جاء خلفًا للرئيس دوايت أيزنهاور، والجميع منا قد إطلع على مشهد اعتياله بين حرسه، إلا أن المشهد أبرز هروب زوجته من جواره لتفادى حياتها بعد رؤية زوجها مغريقا فى دمائه.
والجميع يتوقع أن يتم رصد المشاهد الكاملة فى اغتيال الرئيس الأمريكى الأسبق، إلا أنه هذا التقرير سيتناول مصير زوجة الرئيس الأمريكى جاكلين كينيدى عقب اغتيال زوجها، وأين اختفت حتى وفاتها.
ففى 12 سبتمبر 1953، وبحضور 1200 ضيف في حفلة استقبال أقيمت في "همرسميث فارم" زفت جاكلين بوفييه 24 عاماً الى جون فيتزجيرالد كينيدي في "عرس العام"، حيث كانت بالنسبة إلى جون امرأة من غير عالمه، فنساؤه كن من أصناف نجوم السينما والنوادي الليلية، ووالده لم يكن يخفي عشيقاته، ووالدته روز كانت تدير ظهرها لكل ما يقال عن زوجها، وتهرب الى الكنيسة والأعمال الخيرية، لتربي أولادها، بادية بمظهر الزوجة الوفية المثالية.
ووجد جون في زوجته المرأة المثالية التي يستطيع الاعتماد عليها، وبثها لواعج صدره وأسراره، أما هي فلم تكن تعتبره كذلك، لأنها كانت تعتقد بأن الرجال كلهم سواسية، ووجدت نفسها أنها لا تستطيع الاعتماد على جون كما كان يعتمد عليها لأنها لم تتعلم منذ صغرها معنى العطاء، لكنها كانت تجد لذة في الجلوس إلى والد زوجها جون كينيدي حيث كانت تشعر بارتياح، كما كانت تهرب الى الجلوس مع الرجال المتقدمين في السن لتعوض عما فاتها من حنان الوالد يوم كانت طفلة.
وخلال السنوات المتعاقبة التي تلت هذه الفترة، وصلت الخلافات بين جون وجاكي إلى أوجها، وبعض التقارير الصحافية أشار يومها الى أن جون كينيدي دفع مليون دولار لجاكي كي لا تطلب الطلاق، ولم تشر الصحف إلى أي علاقة نسائية لجون لأن الشؤون الخاصة في حينه لم تكن تهم أهل الصحافة بقدر ما كان يهمهم قدرته في عالم السياسة والشأن العام، وقد لاحظ يومها أكثر المقربين من آل كينيدي مسحة الحزن والأسى التي كانت تلف وجه جاكي، إلا أنها لم تفتح قلبها حتى وفاتها لأحد منهم.
حاولت جاكي ابعاد ولديها عن وسائل الاعلام، لكن جون كان له رأي آخر في الأمر، فهو يعلم مدى تأثير صورة ولده جون الصغير وهو يجلس على مكتبه، بخاصة أن اشاعات عدة انتشرت تروي أن حياة الرئيس العائلية ليست على ما يرام، فزوجته كانت تقضي ثلاثة أيام في الأسبوع في منزلها الريفي بفرجينيا، حيث وضعت أحصنتها، وفي كل الأحوال، لم تكن تقضي أيامها وحيدة فوالدة الرئيس وبناتها كن رفيقاتها الدائمات.
وحملت جاكي للمرة الثالثة، إلا أنها فقدته بعد انجابه بساعات قليلة، وأثرت الحادثة عليها كثيراً، وجعلتها في حزن دائم، وعلمت بالأمر شقيقتها "لي" التي كانت تربطها علاقة صداقة بأرسطو أوناسيس الذي وضع يخته "كريستينا" بتصرف جاكي ساعة تريد، حيث أبدى "كينيدى" في البداية قلقه من دعوة أوناسيس، بخاصة أنه كان حكم من قبل الدولة الأميركية لتهربه من دفع الضرائب بمبلغ 7 ملايين دولار، إلا أن حالة جاكي وإلحاح شقيقتها جعله يرضى لزوجته بتلبية الدعوة.
وفى "دالاس" في 22 نوفمبر 1963، اغتيل جون كينيدي. وعاشت جاكي بعده تعض على جراحها، وتشرب الكحول حتى صارت الذكريات أكثر من قدرتها على التحمل، فتركت واشنطن الى مانهاتن حيث مرابع الطفولة والصبا، واشترت شقة مؤلفة من خمس غرف نوم.
لقد كان دخلها أقل مما اعتقد البعض: 10 آلاف دولار في السنة من الكونغرس كأرملة رئيس متقاعدة، 50 ألف دولار في السنة من استثمارات كينيدي و10 ملايين دولار تركها جون باسم العائلة وكانت تدر عليها سنوياً 200 ألف دولار. وعرض عليها ليندون جونسون مركز سفيرة في باريس لكنها رفضت العرض، وفضلت أن تعيش حياة حرة مع ولديها بعيدة عن كل الأضواء على الرغم من وضع مجلة "ويمنز نيوز ديلي" مصوراً خاصاً يلاحقها ويصورها كيفما ذهبت.
في هذه الأثناء كان أرسطو أوناسيس يتقرب منها، محاولاً في البداية استمالة الولدين، ليحصل في ما بعد على أشهر امرأة في العالم، إلا أن شقيق جون السيناتور روبرت كينيدي كان يكره هذا المليونير اليوناني، ولكن بعد اغتياله في 5 حزيران يونيو 1968، زالت كل العوائق التي كانت تمنع زواج جاكي من أوناسيس، ومع وفاة روبرت شعرت الأرملة الشابة بأنها غير محمية، وكما تقول كيتي كيلي، كاتبة قصة حياة جاكلين: لقد صارت خائفة وقلقة على مستقبل ولديها اذ قالت: "اني أكره هذه البلاد... اني احتقر أميركا، ولا أريد أن يعيش أولادي فيها.
وفي 20 اكتوبر 1968، وعلى أرض جزيرة أوناسيس الخاصة "سكوربيوس"، تحولت جاكلين بوفييه كينيدي الى جاكلين بوفييه أوناسيس وسط دهشة العالم والأصدقاء، حيث قالت احداهن: "لقد كانت متزوجة الى رئيس فكيف تستطيع أن ترضى بهذه الضفدعة؟". وكتبت صحيفة "فرانس سوار": "انه زواج مخجل وحقير".
خلال السنوات الثلاث الأولى، اهدى أوناسيس جاكي مجوهرات بقيمة ثلاثة ملايين دولار، وفي المقابل طلب منها أشياء قليلة، وكان باستطاعتها قضاء وقت طويل مع ولديها في نيويورك.
في 15 مايو 1975، وفي المستشفى الأميركي في باريس، توفي أرسطو أوناسيس، وجاكي بعيدة عنه بالقرب من ولديها في نيويورك، وخلال الجنازة قالت: "أرسطو خلصني في لحظة كانت حياتي فيها مليئة بالأسى والأحزان، كان بالنسبة إلي انساناً عالياً، لقد حملني الى عالم استطيع فيه ايجاد السعادة والحب لقد عشنا تجارب جميلة معاً لا استطيع نسيانها أبداً".
بعد ستة أشهر على وفاته، قبلت جاكي العمل رئيسة تحرير في "فايكنغ برس" مقابل 20 ألف دولار في الاسبوع، وفي اكتوبر 1977، بعد اللغط الذي أثير حول كتاب جيفري آرشر الذي نشرته "فايكنغ برس" والذي يتخيل مصرع الرئيس ادوارد كينيدي، انتقلت الى دار نشر أخرى هي "دابلداي" لتعمل فيها رئيسة للتحرير أيضاً حيث بقيت فيها حتى وفاتها.
ويبقى أن صورة جاكلين كينيدي ما زالت معلقة في البيت الأبيض، مغلفة بكل الأسرار والسحر حيث توحي لناظرها بألف فكرة وفكرة، أما هي فقد رحلت باقية حتى آخر يوم في حياتها لنفسها الفتاة الصغيرة الأبدية الصامتة التي واجهت كل الكلام والاشاعات من دون أن تقول كلمتها حيث اجتازت تقريباً الطريق الذي تريد مع حادثة أو حادثتين مؤلمتين بالصمت والإرادة والعزيمة القوية.