أيتها الحياة ها أنا ذا
الأحد، 12 نوفمبر 2017 02:30 مإيمان فؤاد
وتأتى على كل منا تلك اللحظة، التى ينسحب فيها من واقع يحياه، حيث قضى فيه ومنه ومعه ما قضاه، من سنين وأشهر وثوانٍ، فى محاولات حثيثة، لا ليعيشوا لكن ليتعايش مع مخلوقاته، فيركض فرارا واختيارا لحيث عالمه المشتهى والمنتقى والمختار.
ذلك العالم، حيث زاوية قصية من أعماق ذاته، ينزوى فيها مرتبا لما تبعثر من أوراقه، مراجعا لحساباته ومضرما بسادية ضارية للنيران.
فيما يتوق حد الوله لتدميره من ذكرياته، تلك اللحظة ربما هى فى عمر الزمن دقائق معدوات، أو هى شهر، لكنها فى حقيقة الأمر، قد تناهز العام، كلا بل ربما هى دهر.
من عظمة تلك اللحظة. أن فيها ما قد يعيد خلقك من جديد، قد تكون حقا كالوليد، قد تكون فيها تاريخا، قد تصبح عيدا لميلادك الثانى، ففى ميلادك الأول لفظك رحم أمك.
أما ميلادك الثانى، فقد لفظك فيه رحم الحياة.
ولادتك الأولى كنت فيها غضا غريرا، لا تعى، لا تدرك، لا تتأتى لك القدرة على التعبير.
أما ولادتك الثانية، فأنت فيها قد خضت معترك الحياة، ونضجت فى أتونه الذى يغلى بمختلف الخبرات والتجارب، تلك التى كنت أنت صنيعتها ونتاجها.
من بوتقتها خرجت، ومن تلك اللحظة أيضا ستخرج، ولكن أكثر ثباتا وأعظم قوةوأقشد بأسا.
لحظتك قد ارتقت بعقلك، نقت روحك، صفت ذهنك، وجددت دماء الحياةوالعزم فى شرايينك وأوردتك.
لن تنفلت من لحظتك تلك إلا وأنت إنسان جديد، مقبل على الحياة، ومستعد لصراعاتها ومعاركها، التى ولابد فى انتظارك، فهذا دأبك ودأب كل مخلوق.
خلق الإنسان فى كبد، وقدرت عليه المعاناة والمقاساةوالمكابدة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
لذا حاذر أن تسلم للحياة أو تستسلم لها، وتعلن انهزامك.. ثق بقدراتك، آمن بذاتك، تيقن أنك دائما الأقوى، كما كنت وما زلت وأبدا ستبقى.
محامية