قبل أن يعزف الأطباء عن علاج المرضى.. "لجنة صحة بالنواب" توافق مبدئيا على قانون المسئولية الطبية.. وحملة "مصيرنا واحد" تطالب بسرعة إقراره للفصل في قضايا الأخطاء
الأربعاء، 08 نوفمبر 2017 02:00 ص
مع إعلان النقابة العامة للأطباء، موافقة لجنة الصحة بمجلس النواب، بشكل مبدئي على مشروع قانون المسئولية الطبية الذي تقدمت به النقابة، لضمان محاسبة عادلة للأطباء في القضايا المتعلقة بممارسة المهنة، أطلق عددا من الأطباء حملة "مصيرنا واحد"، وذلك للمطالبة بسرعة إقرار مشروع القانون حفاظا على حق المريض والطبيب معا، حال وجود أخطاء أو مضاعفات طبية، وذلك بعد تكرار وقائع حبس الأطباء ومحاسبتهم جنائيا.
عزوف الأطباء عن الحالات الحرجة
لم تأت الحملة لدعم إقرار القانون فحسب، بل جائت لإطلاق إنذار للحكومة عما قد يترتب حال استمرار المحاسبة بقانون العقوبات للأطباء، والتي بدأت تظهر نتائجها في تخصصات تخصصات الجراحة والتخدير، حيث بدأ الأطباء يشعرون بالخوف من العمل فى بعض التخصصات و الحالات، وهو ما أكده الدكتور أحمد حسين أمين الصندوق المساعد لنقابة الأطباء، مشيرا إلى أن اختيار اسم الحملة جاء نتيجة أن العاملين فى القطاع الطبي ومتلقى الخدمة الطبية مصيرهم واحد.
وأضاف حسين، فى تصريحات خاصة لـ"صوت الأمة"، أن أعداد نواب تخصص الجراحة قلت بشكل ملحوظ، موضحا أن مستشفى سوهاج العام بها 2 و"نصف" نائب جراحة عامة، لوجود نائب منتدب بنصف وقته، رغم أن هذا القسم كان يعانى من كثرة الأطباء، فى مقابل حوالى 90 نائب للباطنة، لافتا إلى أن الأطباء فى الأقسام التى تواجه ضغط كبير في العمل بدأ بعض الأطباء فى تحويل حالات الطوارئ بدلا من الدخول في مشاكل إلى مستشفى أكبر من العاملين بها، أو إجراء فحوصات بحرص زائد، مما قد يؤدي إلى زيادة الإجراءات الروتينية فى التعامل مع تلك الحالات، بجانب أن بعض الفحوصات غير موجودة فى مصر من الأساس، مشيرا إلى أن بعض الأهالي قد يستغلون الأمر سواء في الحق أو الباطل للحصول على تعويضات من الطبيب.
آلية عادلة لمحاسبة الأطباء
وأشار إلى أن قانون المسئولية الطبية، يضع آلية عادلة لمحاسبة الطبيب حال إثبات خطأه وإقرار تعويضات تناسب حالة الإهمال، موضحا أن القانون ينص على تشكيل هيئة المسئولية الطبية، تضم 8 أعضاء من يقف فى صف الطبيب منهم عضو واحد فقط، مقابل تمثيل لرجال القانون والمجتمع المدني، ووزارة الصحة والطب الشرعي وكليات الطب والجمعيات العلمية، مما ينفى فكرة محاباة الأطباء لبعضهم البعض، كما ينفي وجود تمثيل قوي للجانب العلمي احتمال الإدانة السريعة غير العلمية، مما يجعل القانون يضمن محاسبة عادلة ودقيقة و علمية، تضمن حق المرضى والأطباء في نفس الوقت.
لا قانون يجبر الطبيب على علاج حالة
في سياق متصل، قال الدكتور حسام كمال عضو مجلس نقابة الأطباء السابق، لـ"صوت الأمة"، إن العلاقة بين الطبيب والمريض في مصر غير منظمة، فأحيانا الطبيب يكون جانى وأخري مجني عليه، وهو الوضع نفسه مع المرضي، فلا يوجد آلية محددة لمنح كل طرف حقه كاملا، لذا لابد أن يكون هناك تفرقة محددة بين المضاعفات الطبية الواردة، والمضاعفات الناتجة عن الإهمال، أو المضاعفات الناتجة عن تعمد الإيذاء".
وأكد كمال، أن حاليا يتم شكوي الطبيب للنقابة، مما يقلل من مصداقيتها أمام الجميع، وفى المقابل يجد المرضي السلك القضائي أفضل لهم، مما يهدد مستقبل الطبيب خاصة فى ظل عدم اختصاص القضاة في تلك الأمور، ففي حال كانت مضاعفات طبيعية لا يمكن محاسبة الطبيب طالما التزم بقواعد مهنته، لافتا إلى أن القانون ينظم ويوضح الخطوات التي يسلكها المريض حال تعرضه للظلم من الطبيب أو واجه تقصير فى تقديم الخدمة، وفى الوقت نفسه مسائلة عادلة للطبيب.
وتابع:"الأطباء أحيانا تعزف عن قبول الحالات خوفا من المسائلة، خاصة في الحالات الدقيقة، فلا يوجد قانون يجبر الطبيب على قبول علاج أي حالة، وبالتالي نجد أن الطبيب يطالب أهل المريض بالتوقيع على إقرار عالي الخطورة لحماية نفسه، ونظرا لأنه من غير المقبول أن يظل الطبيب مهدد بشكل دائم، فأن قانون المسئولية الطبية يمنح الطبيب مساحة للعمل، ونؤكد أن هدف القانون ليس حماية الأطباء، فهو يشمل المستشفيات أيضا، والتي قد تتسبب في حدوث خطأ طبي لضعف إمكانياتها، وبالتالي المستشفيات الحكومية ستتحمل مسئولية التعويض للمرضي الحكومة نفسها".
لا حبس احتياطي للأطباء فى الخارج
الدكتور خالد سمير، أمين صندوق نقابة الأطباء الأسبق، أكد أن الولايات المتحدة الأمريكية، وكندا واستراليا، ليس لديهم قانون المسئولية الطبية، لكن قانون العقوبات والقانون المدني فى كل منهم تضمن مواد تمنع حبس الأطباء أثناء محاولتهم إنقاذ المرضي، قائلا:"فلا يمكن أن يكون الطبيب قاصد إيذاء المريض، وبالتالي لا يمكن اتهام الطبيب بالقتل، ونيته فى الأساس محاولة إنقاذ المريض، هو فقط يمكن أن يتهم بالتقصير أو الإهمال، وحتى فى حال اتهامه بهما، لا يوجد حبس احتياطى لطبيب بالخارج، فإذا مات المريض لإهمال يتم دفع دية لأهله".
وتابع: "هناك تخصصات دقيقة لا نجد من يتقدم لها، كجراحة القلب والمخ والأعصاب، مما أدي إلي قبول أطباء بتقديرات أقل من امتياز، ورغم ذلك يتقدموا باستقالتهم، نتيجة لوجود مخاطر كبيرة حال عملهم بها، بالإضافة إلى ما يبذلونه من جهد كبير بمقابل مادي ضعيف، وبالتالي أصبح الأطباء يقبلوا على التخصصات مثل الجلدية والأشعة".
وأوضح سمير، أن قانون المسئولية الطبية الذي تقدمت به النقابة، يحمل الطبيب كامل المسئولية ولا يذكر مسئولة المؤسسة أو المريض، لافتا إلى ضرورة التفرقة بين مسئولية المستشفي، والمريض، والطبيب، قائلا:" المستشفى مسئوليتها عن اختيارها للطبيب، والامكانيات التي تتحيها له، وبالتالي إذا حدث خطأ يتم رفع القضية ضد المستشفى، خاصة أنه لا يوجد علاقة تعاقدية بين الطبيب والمريض، أما مسئولية المريض، فقد يكون مدمن ولا يخبر الطبيب، أو مريض بالإيدز ويخفي ذلك، أو مريض لا يستجيب لإرشادات الطبيب ولا يتلزم بالعلاج، وبالتالي لا يمكن تحميل الطبيب مسئولية كل ذلك، الإهمال من الطبيب جريمة يحاسب عليها، لكن الخطأ له نسبة عالمية لا يمكن تجنبها".