في فضائل الانتماء
الإثنين، 23 أكتوبر 2017 07:25 م
استعرضنا في المقال السابق أهمية حياد الدولة وكيف أنه صِمَام أمان لأمنها واستقرارها السياسي والاقتصادي والاجتماعي؛ موضوع اليوم وثيق الصِّلة بحياديّة الدولة، ذلك أن الدولة بحياديتها ووقوفها على مسافة واحدة من جميع مواطنيها، بصرف النظر عن لونهم البشري أو الديني أو السياسي أو الاجتماعي، إنما يعمّق في الواقع من الانتماء إلى الدولة، إذ يستشعر كل فرد في المجتمع بأنها دولته، وبيته الذي يأويه، وملاذه من الظلم، للانتماء أشكال عدّة وصور متعددة، لعل أهمها على الإطلاق الانتماء إلى دين سماوي، والانتماء إلى وطن.
فعندما يستحضر الإنسان تعاليم دينه الذي ينتمي إليه، فإنه يخجل من أن يخالفها أو يعصي ربه، وهنا يكون الانتماء للدين فضيلة عظيمة، إذ يحفظ على المجتمع أمنه واستقراره، ويصونه من العبث والدنس.
كما أن الانتماء لوطن يأتي في مرتبة تالية للانتماء لدين سماوي، هذا الانتماء الذي يجعل المواطن يضحي بكل غالٍ ونفيس في مقابل إعلاء شأن وطنه حتى لو كلّفه الأمر حياته، الانتماء الوطني بهذا المفهوم يأتي مرادفًا للانتماء الأُسَري، فما الوطن إلا أسرة كبيرة، يتقاسم فيها كافة أفراد المجتمع الذكريات والحلم والأمل.
لكن هل هناك تعارض بين الانتماء للوطن والانتماء لدين سماوي؟ والإجابة بالقطع لا، حتى مع تعدد الأديان السماوية في وطن واحد، فلا تعارض على الإطلاق، إذ إن جميع الأديان متحدة المصدر، ومتفقة التعاليم، والقاعدة الحاكمة في هذا الشأن أن الدين لله والوطن للجميع.
تتعاظم فوائد الانتماء باجتماع الانتماءات، هذا ما يفسر لنا العقيدة القتالية لجيشنا، حماه والله وحفظه، وكيف أننا انتصرنا في أكتوبر المجيد؟، ورأينا ونرى يوميًّا كيف أن الجندي المصري حتى بدون سلاح هو أسد في عرينه، يدافع عن الأرض والعرض؟.
إن الشهداء الأبرار الذين يتساقطون يوميًّا من أبنائنا وإخوتنا من الجيش والشرطة لخير مثال على الانتماء إلى هذا الوطن العزيز الغالي؛ فهم يحاربون من أجل أهلهم وذويهم، حلمهم وأملهم، بفضل انتمائهم لمصر.
تمتد رقعة الانتماء ويتسع مداها لتشمل الانتماء السياسي والكروي والاجتماعي، ولعل كل صور الانتماءات الأخرى إنما هي تدور في فلك الانتماء للوطن ولدين سماوي، فما شاهدناه من ملحمة المنتخب الوطني في ستاد برج العرب وتأهله إلى كأس العالم بروسيا لهو خير دليل على ما نقول، ففوق كونه انتماء رياضي، هو انتماء وطني.
حمى الله مصر والمصريين، وزاد من قوة ومتانة انتماء المصريين لمصر.