نهلة عبدالسلام تكتب: حسبة قردة
الأحد، 15 أكتوبر 2017 04:00 م
«لم يسبق أن تلقى أحدكم إشارة منا تعلن عن رغبتنا فى مشاركتكم عالمكم، وإن صادف وحدث مع أيٍ منكم فليتفضل ويعلمنا وليذعن لأوامرنا للأبد».
قالتها ذات العشرة أعوام بحسم وجدية، وقد رفعت رأسها وألصقت كفها بخصرها، وبرغم نوبة الضحك التى أستغرقت الجمع وتندرهم بالكارتون الذى أنطق الصغار «بالفصيح» إلا إنى لم أستطع إنكار صحة حسبة هذه القردة، تذكرت لمعة عينيها وهى تتابع مشهد لنجمتها الأثيره فى انتظار نتيجة اختبار حياة، وما تلاه من فرح وصخب وشكر لله أن أنقذها من الهلاك.. هذا بعد أن نجح تضافرت قوى المخرج والسيناريست وعلى مدار حلقات فى احمرار عيوننا وتضخم أنوفنا وتعالى شهقاتنا، ناهيك عن الفواصل والحلم «الماستر» الذى سينقلك فى غمضة من خانة الجحيم إلى خانة النعيم إذ إنك وبعد بضعة أشهر فقط ستحتضن كنزك البالغ من الوزن ثلاثة كيلوجرامات، وستضحى من مشاهدى قنوات البراعم والزهرات ومتابعى عروض الحفاضات وحملات التطعيمات، وستقضى جل وقتك فى «الهايبرات» مجاوراً لأرفف الوجبات المعدة فى عبوات، والتى يخيل لك من سعرها إنها خلاصة الخلاصة وقد خُصصت لتغذية الأبطال لا الأطفال، ورافعى الأثقال لا رافعى أجفانهم المثقلة بالنعاس فى مقاومة مستميتة للاستسلام للنوم ومنحك لحظة استرخاء، وأخيرا وحين اصطحبتها وشقيقتها لزيارة إحداهن والتى تحسبها تسكن «جاليرى» فما من ركن إلا وشغلته قطعة صنعها فنان، وبالطبع هالهما كم المعروضات وجدب الدار فكانت فرصتهما إن عاثتا فساداً.. عبثاً حاولت منعهما بالهمسات بالنظرات باللفتات وهيهات أن تستجيبا، لعنت ظنونى بأنهما ستستراننى وحين أوشكت الصغيرة على كسر مزهرية ثمينة أثناء ركضها فاض الكيل فعلا صياحى ليفزع جدرانا طالما ألتفت بالصمت الرهيب.. هممت بضربها لأشفى غليلى فأسرعت مضيفتنا لتحول بيننا: «سيبيها والله نفسنا حد يكسر»، نفذت كلماتها لسمع فتاتى فانتشت وأقبلت تحملها بعيداً عنى تهدهدها وتقبلها، لذا من الأحرى أن نتلقى نحن الإشارة فى وقتها لا بعد فوات أوانها.. فلا تكذب ولا تكذبى.. وكفى مكابرة وشكوى من صداع نسأل الله دوماً ألا نبرأ منه أبداً، وأظننى تلقيت وحدث وأن أنصعت وصدقت، طأطأت رأسى وأفلت يدى من خصرى.. نطقتها بانهزامية وحميمية: «شوفوا الفيلم وكملوا لعب النهارده فرى».
مهندسة اتصالات