قبر "الأربعين حرامى" بالسيدة نفيسة يُعيد أسطورة "على بابا" إلى الواقع (صور)
السبت، 30 سبتمبر 2017 10:00 م
على بُعد 200 متر من ميدان السيدة عائشة، فى نهاية شارع الزرائب، يقع مبنى أثرى مُكعب، محت السنوات الحروف العربية المُزخرفة التى زَينت بوابة المبنى لتكشف عما بداخله، فتركت كلمة «الأربعين» ظاهرة للجميع، لتفتح المجال لإطلاق الشائعات بين أبناء الشارع، وفتحت مجال الخيال لإحياء أساطير القصص إلى الواقع، لتُدفن حقيقة هذا المبنى تحت أتربة التاريخ، الذى اندثرت أسفله حقيقة عشرات المبانى الأثرية بحى الخليفة.
«ده قبر الأربعين حرامى».. جملة يرددها أبناء المنطقة مُستعيدين بها أحد أساطير قصص الأطفال على بابا والأربعين حرامى، التى تم ترجمتها إلى أعمال سينمائية للفنان الراحل على الكسار، ودرامية للفنان يحيى الفخرانى، فلم يكن الأمر مجرد رواية تداولها أبناء المنطقة لأقناع أنفسهم بهذه الخُرافة، وإنما أصبحت يقيناً بالنسبة لهم، يحكون عنها كما لو كانت قصة حقيقية حدثت على أرض مصر فى الوقت الذى عاشت فيه السيدة نفيسة «نفيسة العلم».
«افتح يا سمسم»، ثلاثة كلمات تخطر بذهنك كلما تحدثت إلى أحد المٌسنين الذين عاشوا فى هذه المنطقة على مدار عشرات السنوات، فتُفتح أمامك المغارة التى تحوى مئات الكيلوهات من الذهب واللؤلؤ والكنوز، وترى أمامك على بابا ومساعده مرجان، وهم يختلسون بضع دقائق لأخذ ما يمكن أخذه من ذهب اللصوص، قبل وصول الأربعين حرامى بعد أحد عمليات السرقة الشهيرة التى اشتهروا بها.
محمد زكى الشهير بـ «إى إى»، صاحب محل «سنترال» يبعد عن مبنى «الأربعين حرامى» ببضع مترات يقول: «منذ أن عرفت الدنيا، وأنا أعرف أن هذا قبر الأربعين حرامى، وسمعت من آبى وجدى أن هؤلاء الأربعين، هم من أصحاب الكنوز الذين عاصروا على بابا، وعرفت منهم أيضاً أنهم كانوا مُسافرين إلى مصر فى إحدى مغامراتهم ومكثوا فى هذه المنطقة وماتوا وتم دفنهم بنفس المكان الذين ماتوا فيه».
استكمل زكى حديثه قائلاً: «هذه القصة هى الشائعة بين أبناء المنطقة، فمنذ عشرات السنوات، وهذه المبنى على حالته لم يتغير منذ أن كنت ألعب مع أصحابي بالشارع وأمام منزلى الذي يبعد عن المحل وضريح الأربعين حرامى بمترات قليلة، مع العلم أن الجميع يعلم أنه تابع لوزارة الآثار، ولكن الوزارة لم تبعث بأحد العاملين فيها لفتح المكان أو تطويره أو حتى إزالة القمامة من حوله».
«المبنى كان مقر للحزب الوطنى قبل ثورة يناير»، بتلك الكلمات استهل مجدى حسين الشهير بـ«كوكو» حديثه عن ضريح الأربعين حرامى، فقال: «ظل المبنى مُغلق لعشرات السنوات، حتى تم فتحه قبل ثورة يناير بعامين تقريباً، وأصبح مقراً للحزب الوطنى طوال هذه المُدة، وبعد اندلاع الثورة، تم نهب كل محتوياته الخاصة بالحزب من أجهزة كمبيوتر ومكتب وكراسى جلدية غالية الثمن، وتركه اللصوص خالياً تماماً من محتوياته وتم غلقه ولم يُفتح مرة ثانية».
وأضاف كوكو، أن الأهالى منعوا أكثر من مرة محاولات البعض لفتح هذا المبنى باستمامة، مشيراً إلى أن أهالى المنطقة يقفون دائما أمام أى محاولة لالحاق الأذى بهذه الأماكن الأثرية، كما أن معظم الناس يؤمنون بحُرمانية العبث فى المقابر، ولابد من احترام الموتى، ومن ثم لم يجد اللصوص لهذا المكان طريقاً خاصة وأن الشارع يتواجد فيه ناس طوال الـ 24 ساعة، قائلاً: «مش بننام».
رواية جديدة قصها «عم عطية»، خادم مسجد سيدى محمد المعرف، أحد خُدام السيدة نفسية والمُخلصين لها وقت انشغالها بالتعبد فى مُصلاها بالجبل، فنفى "عم عطية" ما قيل عن حقيقة أسطورة على بابا والأربعين حرامى التى شاعت بين كبار وصغار المنطقة، فيقول: «كل ما قيل كان غير صحيح، فهذا القبر كان لأربعين شخص أطلقوا عليهم لقب الشهداء، فهم من آمنوا بالله على يد السيدة نفيسة، وعندما ماتوا تم دفنهم فى هذا المكان».
واستكمل عم عطية حديثه: «هناك رواية أخرى حول حقيقة هذا الضريح، فكلمة الأربعين المنقوشة فوق بوابة الضريح، دفع البعض لإطلاق قصة جديدة حول حقيقة المدفونين به، وهى أن هناك 40 شخص حاولوا سرقة وقتل السيدة نفيسة أثناء تعبدها فى الجبل، ولكن الله أنزل لعنته عليهم فماتوا قبل وصولهم إليها، وتم دفنهم بهذا لمكان، مكان موتهم».
وأضاف: «أبلغ من العمر 72 عام، وعندما كنت صغيبر السن ألعب مع أصدقائى بالشارع، كنت أرى هذا المكان مركزا للأمن، فكان يضن اثنين من العساكر، أحدها يستقر داخل المبنى، والثانى يتجول بالشوارع لضبط الأمن، وتم غلقه لعشرات السنوات، ثم فُتح على يد الحزب الوطنى ةوتم غلقه بعد عامين، ومن حينها لم يدخل يفتحه أى شخص».
فيما أكدت دراسة أثرية للدكتور محسن نجم الدين، أستاذ الآثار المصرية القديمة بكلية الآثار جامعة القاهرة، عنوانها «المباغتة وإعمال عنصر المفاجأة فى الحروب فى مصر القديمة»، ألقاها ضمن فعاليات أحد نسخ مؤتمر الاتحاد العام للآثريين العرب الذى انعقد بمقر الاتحاد بمدينة الشيخ زايد، أن قصة على بابا والأربعين حرامى الشهيرة أصلها مصرى قديم.