رغم ممارستها الرذيلة مع اثنين من المتهمين بقضية مجلس الدولة

سر براءة سيدة الرشوة الجنسية بقضية «مغارة علي بابا»

الخميس، 14 سبتمبر 2017 02:34 م
سر براءة سيدة الرشوة الجنسية بقضية «مغارة علي بابا»
رشوة - أرشيفية
أحمد سامي

شهدت الأونة الأخيرة حصول عدد من المتهمين في قضايا الرشوة علي حكم بالبراءة، بعد قيامهم بالاعتراف المفصل علي الفاعل الأصلي في جريمة تسهيل الاستيلاء على المال العام، أو الحصول علي ميزة من الدولة غير مستحقة مقابل الحصول علي مبلغ مالي، وتعد المادة 107 مكرر من قانون العقوبات كلمة السر في حصول بعض المتهمين علي حكم البراءة.
 
حصلت مؤخرا المتهمة «رباب. ع»، وزوجها «مدحت» المتهمان في قضية الرشوة الكبري بمجلس الدولة والتي عرفت إعلامياً بـ«مغارة علي بابا» علي البراءة، لتقديمهما اعترافاً كاملا علي مدير المشتريات بمجلس الدولة جمال اللبان، الذي حصل علي حكم بالمؤبد وعزله من وظيفته، ونرصد في هذا التقرير تفاصيل هذه المادة وكيفية استخدامها في حماية الوسيط والراشي وشروط  براءتهم.
 
يقول الدكتور أحمد مهران، أستاذ القانون العام، ورئيس مركز الدراسات السياسية والقانونية، إن المشرع وضع المادة 107 في عام 1952، لمواجهة فساد الموظف العمومي، ونصت على: «يعاقب الراشي والوسيط بالعقوبة المقررة للمرتشي ومع ذلك يعفي الراشي أو الوسيط من العقوبة إذا أخبر السلطات بالجريمة أو اعترف بها»،  وكان الهدف الأساسي تعقب الموظف العام وإقامة الدليل عليه من خلال وضع اعترافات كاملة عن قضية الرشوة أو الكشف عن متهمين آخرين لا تتوافر لجهات التحقيق معلومة عنهم.
 
وأضاف مهران، أن المشرع المصري حرص علي اكتشاف الجرائم التي تهدد المصلحة العامة، ولذلك جعل للوسيط  في جرائم الرشوة خصوصية، فقد اختار أن يعفي الوسيط من العقوبة بشروط محددة، علي الرغم من إن الوساطة جريمة مستقلة عن جريمة الرشوة ولكن يتم الإعفاء من عقوبتها في حالة تقديم الوسيط أو الراشي بالبلاغ عن الموظف العام، أو إذا قام بالإدلاء باعترافات تفصيلية تمكن جهات التحقيق من القبض علي كل المتهمين واستعادة أموال الرشوة كاملة.
 
وأوضح مهران، أن التطبيق العملي أسفر عن أن النص فيه عوار، ولم يحقق الغاية المقصودة حيث أثبت الواقع أن الراشي، هو الذي يسعى للمرتشي لارتكاب الجريمة، ولكن هذا الأمر لا يمكن تعديله فقضية الرشوة تتم في سرية تامة وتكن بين المتهمين وبعضهم وفي حالة وعد الوسيط أو الراشي بالإعفاء من العقوبة فأن ذلك يمكنه من الكشف عن باقي المتهمين والتفاصيل التي لم تكشفها جهات التحقيق. 
 
ومن جانبه أوضح المستشار عبد الستار إمام، رئيس نادي قضاة المنوفية السابق، أن جريمة الرشوة جريمة تتصف بالسرية، ويحاط ارتكابها بالكتمان، ويجتهد مرتكبوها في إخفاء أمرها، ويندر أن تترك آثارا تدل عليها، ومن ثم كان جهد السلطات العامة في تحقيقها وتعقب مرتكبيها ومحاكمتهم وإقامة الدليل عليهم أمرا عسيرا، ولذلك فان الراشي أو الوسيط يؤدى خدمة للمصلحة العامة بالكشف عن جريمة الرشوة بعد وقوعها، والتعريف عن الموظف الذي ارتكبها، وتسهيل إثبات الجريمة عليه، يستحق أن يكافأ عليها بالإعفاء من العقاب، ويتعين أن يتوافر في الاعتراف أن يكون صادقا، ومطابقا للحقيقة والواقع ومفصلا يدل على نية المعترف في مساعدة العدالة.
 
ويظل حق الاعتراف والتمتع بالإعفاء قائما حتى إقفال باب المرافعة أمام محكمة الموضوع، فلا يجوز إبداؤه أو التمسك به لأول مرة أمام محكمة النقض، وعلى هدى ما سلف يتضح أن المشرع الجنائي عندما منح الراشي أو الوسيط الإعفاء من العقوبة، في حالة الاعتراف بدور كل منهما في جريمة الرشوة التي وقعت فعلا، كان يحقق مصلحة عامة، هي الكشف عن الموظف الخائن للأمانة والثقة التي أودعت فيه، ومن ثم فإن إلغاء هذا الإعفاء أو تقييده سوف يؤدى بالقطع إلى إفلات العديد من الموظفين الفاسدين من العقاب، وهو ما يضر بالمصلحة العامة، كما وأن المشرع الجنائي لم يقصر الإعفاء من العقاب على جريمة الرشوة وحدها، بل إن هذا النهج اتبعه أيضا في جرائم إحراز وحيازة المواد المخدرة.
 
وأكد أن وقف الموظف أو المسئول عن العمل مؤقتا للبحث في مخالفة إدارية أو جنائية لا يحول دون مساءلته عن جريمة رشوة في حالة اقترافها أثناء أدائه وظيفته، موضحا أن الاستقالة لا تجعله يعامل كمواطن عادى لأن العبرة بوقت ارتكاب الجريمة، وبالتالي تنطبق مواصفات الجريمة عليه، مشيرا إلى أن القانون يشترط بالمنفعة أن تكون محددة فلا يمكن القبول بعرض الراشي منفعة على المرتشي دون تحديد لها، فيجب أن تكون معينة، وتدخل النقود والعقارات وكذلك المأكولات ضمن هذه المنافع، لإثبات الركن المادي لجريمة الرشوة، أما الركن المعنوي يتحقق بالعلم بغرض هذه العطية أو الرشوة. 
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق