أمير الجماعة الإسلامية الكردستانية: استقلال كردستان مثل قميص عثمان.. ولا نريد دولة تعيش 11 شهرًا

الأحد، 11 يونيو 2017 03:19 م
أمير الجماعة الإسلامية الكردستانية: استقلال كردستان مثل قميص عثمان.. ولا نريد دولة تعيش 11 شهرًا
علي بابير أمير الجماعة الإسلامية في كردستان العراق
أجرى الحوار في أربيل: السيد عبد الفتاح

أكد علي بابير، أمير الجماعة الإسلامية في كردستان العراق، المشاركة في حكومة وبرلمان إقليم كردستان العراق ـ أن الشعب الكردي من حقه تقرير مصيره بنفسه وإعلان دولته كغيره من الشعوب العربية والتركية والفارسية، لكنه أكد كذلك أن الظروف الراهنة غير مناسبة لمثل هذه الخطوة، والتي تحتاج ـ في رأيه ـ إلى توفر انسجام داخلي وتوحيد الخطاب السياسي في إقليم كردستان، وأوضاع اقتصادية مناسبة، ومؤسسة عسكرية ودبلوماسية موحدة مركزية وليست حزبية كما هو الحال.

وحذر «بابير» في حواره مع «صوت الأمة» في مدينة أربيل، من تكرار تجربة جمهورية مهاباد الكردية، التي أعلنت منتصف القرن الماضي، ولم تستمر إلا  11 شهرًا، مشددًا على أن قرار إجراء الاستفتاء، وإعلان الدولة يجب أن يتم من خلال البرلمان، مطالبًا بإعادة تفعيل البرلمان وزيادة الشراكة السياسية بين مختلف القوى في الإقليم.

وطالب بابير الدول العربية بالتحرك لإنقاذ السُنة العرب في العراقيين، والذين قال إنهم يتعرضون للإبادة، متسائلًا: أين النخوة العربية مما يتعرضون له السُنة العرب في العراق؟ مؤكدًا أن الشيعة فشلوا فشلًا ذريعًا في حكم العراق.

· هل يمكن القول إن العد التنازلي لإعلان دولة كردستان بدأ؟

 إعلان الاستقلال لإقليم كردستان كدولة مستقلة بُحث كثيراً وجُعل كقميص عثمان من قبل بعض الأطراف، أنا أعتقد أنه يجب أن تكون لدينا نقاط واضحة في هذا المجال:

أولًا: للشعب الكردي حق تقرير مصيره كما لكل الشعوب، وهذا الحق أعطاه الله لكل الأقوام والشعوب عندما يقول سبحانه وتعالى في الآية الثالثة عشر في سورة الحجرات( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير). بهذه الآية المباركة يصرح الله ويعلن للبشر بأنه هو الذي جعلهم شعوبًا وقبائل ليتعارفوا، إذن كما للشعب العربي أن تكون له دولة وكيان سياسي وحق تقرير مصير، وكذلك الشعب التركي والفارسي والأفغاني، وذكرت في بعض كتبي منذ أكثر من 30 عامًا كما أن هناك عربستان وتركستان وأفغانستان فهناك كردستان، الله سبحانه وتعالى خلقنا على هذه البقعة من الأرض، إذن كما أن لغير الشعب الكردي الحق في أن يملك دولته وكيانه السياسي فإن للشعب الكردي أيضًا نفس الحق وحسب الآية المباركة وحسب روح الشريعة الإسلامية التي لا تفرق بين شعب وآخر ولا بين شخص وآخر. 

ثانيًا: وقع الظلم على الشعب الكردي من قبل الدول الكبرى وليس من الشعوب الإسلامية، الدول الكبرى عندما أبرمت اتفاقية سايكس بيكو بين روسيا وفرنسا وانجلترا وهي الدول العظمى وقتها، منذ هذا الوقت 1916 قُسمّت وجُزئّت كردستان إلى أجزاء وأُلحق كل جزء بإحدى الدول المجاورة. إذن هذا الظلم لم يكن بيد العرب والفرس والترك، ونحن نعتب على هذه الشعوب أنهم لم يعاملوا إخوانهم الكرد كما يعامل الاخوة والجيران، لكن الظلم الكبير والرسمي وقع من جانب الدول الكبرى وقتها.

ثالثًا: إذا أردنا تغيير هذا الواقع فإننا نحتاج إلى استعداد داخلي، ثم إلى تفاهم خارجي، استعداد داخلي بانسجام سياسي وتوحيد الخطاب السياسي ،الآن هو مفقود مع الأسف بين الأحزاب، تشاور وتباحث ولا قطيعة كما هو الآن، ثم أن تكون هناك بنية اقتصادية ومؤسسة عسكرية ودبلوماسية مركزية وليس كل حزب ينطلق من منطلقات وحسابات حزبية كما هو الآن.

وتفاهم خارجي مع الدول المجاورة خصوصًا تركيا وإيران، واللتان لهما الأن هيمنة على المنطقة، ثم الأمم المتحدة يجب أن يكون لها شئ من التفاهم.

لكن الأهم في الأمر هو الاستعداد الذاتي، يجب أن نحسب حساب إذا أعلنا دولة كردستان ربما ستُقاطع وتُحاسب فهل نحن مستعدون لهذا؟ أنا أرى أننا غير مستعدين في هذا الظرف الراهن، وهذا واقع يدخل في عين كل من ينكر هذا. لكن هناك مزايدات وأنا أرى إذا عزمنا على أن نعلن يجب أن نمهد ونأتي بمقدمات، لكن هذه المقدمات إلى الآن مفقودة.

  • ما موقف الجماعة من أزمة رفع العلم الكردي في كركوك؟ 

رفع العلم الكردي في كركوك وغيرها حق طبيعي ولكن للناس الموجودين فيها، وأعتقد أن هذه القضية تم تضخيمها أكثر من حجمها. لأن العلم الكردي كان مرفوعًا في كثير من الدوائر وكثير من المناطق التي تسمى المتنازع عليها وما ثارت ضجة ولا شئ، فكأن هذا الشئ مفتعل. وأنا سألت قيادة الحزبين ـ الديمقراطي والاتحاد الوطني ـ عندما زاروني قبل أيام فأنكروا أن يكون لديهم علم برفع العلم! فقلت: هل بهذا يُدار البلد؟ أن يقوم شخص برفع علم دون أن نتشاور فيه وأن نحدد له وقت وآلية بحيث لا نثير حفيظة الآخرين ولا نثير بلبلة نحن في غنى عنها، فقالوا: لا، فكأن هذا الأمر حدث بشكل فردي. وأعود فأكرر أن للشعب الكردي كامل الحق في أن تكون له دولته المستقلة سواء في إقليم كردستان أو في الأجزاء الأخرى من كردستان، هذا قلته مرارًا وتكرارًا، هذا كشئ مبدئي ولكن على أرض الواقع لابد من أن نمهد له بمقدمات كما يقول المثل العربي «ثبت العرش ثم انقشه». 

  •  تم تشكيل وقد من الحزبين الكبيرين في الإقليم زار العاصمة بغداد والتقى رؤساء الدولة والحكومة والبرلمان وتشاوروا، فهل تم إطلاعكم على هذه المشاورات؟

 لما زارونا أطلعونا عليها فقلت لهم: كيف تشكل الوفد؟ فقالوا: منا نحن الحزبين. فكأنهم أخبرونا، وأعتقد لو طلبوا منا ومن غيرنا ( الاتحاد الإسلامي وحركة التغيير) لما ذهب أحد معهم، لماذا؟ لأنه تم رفع دون علمنا، ورغم هذا النواب الكرد في البرلمان العراقي تضامنوا في موقف واحد، وأنا عتبت على الحزبين وقلت لهما: انظروا عندما يأتي تحمل النتائج نحن لا نتخلف، تضامن نوابنا مع نوابكم، لكن لماذا نُترك عندما يأتي وقت المشاورة؟ لن الحق في أن نُشاور ونُدلي برأينا. هم أقروا بهذا ولكن كما قلت هم قالوا إنهم حدث بون علمهم رفع العلم. على أي حال الوضع في الإقليم وبين الإقليم وبغداد ليس مستقرًا. لماذا قلت إننا لم نكن مستعدين للذهاب إلى هناك؟ لأنه يجب أن يحصل هنا انسجام ومصالحة ووئام ومشاورة وبعدها هنا نقرر إما أن نذهب إلى بغداد بدون أن يحدث هنا تصالح وأن يكون البرلمان معطل والحكومة شبه ذلك، في ظل هذه الأجواء لا يمكن أن نعمل كفريق منسجم مع بغداد وغير بغداد.

إذن الخطوة الأولى يجب أن نقوم بها هنا بوحدة الصف وتوحيد الخطاب السياسي وحل المشكلات العالقة وإعادة البرلمان وحل المشكلات الأخرى وخصوصًا الظروف المعيشية السيئة التي يعيشها الناس.

  • يبدو أن موقف الحزبين مستمر ويجرون مشاورات مع القناصل في الإقليم؟

ـ صحيح. وإذا أراد الحزبان الانفراد بالأمر كما في الماضي فإنهما يتحملان النتائج ولا أعتقد أن ستكون إيجابية، وأدعو الله أن يوفقها لما ينفع الناس، لكني أرى ذلك بعيدًا.

  • · هل تويد إجراء الاستفتاء ؟

ـ قلت لوفد الحزبين عندما زارني إذا تريدوا إجراء استفتاء يعقبه إعلان استقلال الإقليم كدولة هذا ليس أوانه هناك مقدمات يجب أن تكون موجودة أعيدوا الحياة إلى البرلمان لأنه معطل الآن وهذا القرار المصيري يجب أن يصدر من البرلمان. ثم يجب أن يكون مصالحة وانسجام سياسي ومشاورات جدية أساسية، وكذلك أن تكون هناك مؤسسة عسكرية فحتى الآن القوات العسكرية موزعة بين الحزبين، ومن ناحية الاقتصاد يجب أن نعيد النظر. وأنا لا أقول يجب أن نحل كل المشكلات وبعدها نخطو للاستقلال. لا. لكن هناك عراقيل أساسية ومقدمات أساسية يجب أن تكون موجودة، وإلا سيكون شعار الدولة الكردية أجوف، ثم لا ننسى جمهورية كردستان في مهاباد والتي أعلن عنها قبل نحو 70 عامًا لكنها لم تعش إلا 11 شهراً. إذن ليس بالضرورة أنه عندما نعلن الدولة أن تستمر، إذا لم تقم على أرضية صلبة وجذور راسخة ولم يُمهد لها تمهيدات جيدة.

  •  أشرت إلى أن العلاقات بين الإقليم ليست على ما يرام، في رأيك ما سبب ذلك وكيف ترى كيفية اصلاحها؟

هناك تراكم للمشكلات بين الإقليم وبغداد، ومع الأسف الحكم الآن في بغداد في يد طائفة، حكم طائفي بامتياز، الطائفة الشيعية، وهم لم يحسنوا التصرف وأنا قلت لهم هذا وقلته للإيرانيين الذين يساندوهم، هم لم ينجحوا فما زال الشيعة يعيشون في التاريخ ويتعاملون بعُقد نفسية، بعضهم يريد أن ينتقم ممن يسمون السنة العرب لما فعله أجدادهم أو ما يتخيلوا أنه فعله أجدادهم، وكثير من تصورات الشيعة أعتقد هي أوهام وخيالات، في زمن سيدنا علي رضي الله عنه، ومعاوية غفر الله له ورحمه لم تكن الشيعة موجودة بشكلها الحالي.

الشيعة فشلوا فشلًا ذريعًا في ادارة الحكم في العراق وحتى لم يستطيعوا أن يرضوا بني جلدتهم والتيار الصدري مظاهراته على قدم وساق في بغداد، وهم لم ينجحوا في تقديم الخدمات للناس، الآن إذا ما قسنا الأوضاع في محافظات إقليم كردستان والمحافظات الأخرى التي يسيطر عليها اخوتنا الشيعة، لأن أهل السنة تلاشوا ولم يبقوا لهم على شئ وخصوصًا جاء داعش وخرّب البلاد والعباد، الآن المحافظات الجنوبية الطرق غير مبلطة والخدمات مفقودة ولا ماء صالح للشرب، إذن هم فشلوا فشلًا ذريعًا. وهذا هو السبب الرئيسي لسوء العلاقة بين بغداد وأربيل، وأنا لا أبرئ الإقليم بحكومته وحزبيه الحاكمين المسيطرين من الأخطاء هم أيضًا لديهم أخطاء يجب أن نقول الحق، لكن الكرة في ملعب حكومة بغداد بروحها الطائفية والتي كما قلت ضاقت ذرعًا بأهل بغداد السنة وحتى بالشيعة من غير المقتنعين بالحكم مثل التيار الصدري وغيره.

  • كيف ترى مستقبل العراق إذا تم القضاء على داعش في ظل هذه الممارسات والفشل في الحكم،هل سيبقى موحدًا أم سنشهد استقلالات وانفصالات وربما فيدراليات أخرى من السنة؟

حقيقة هذا الأمر غيب يعلمه الله وحده، لكن العراق أبوابه في ظل هذه الأجواء، الراهنة مشرعة على كل الاحتمالات، من الممكن أن العراق يُقسم والذي هو الآن مقُسم واقعيًا، وبالإمكان أن يستطيع العراقيون أن يلملموا صفوفهم المبعثرة، الشيعة مثلا يكتفوا بحقهم الطبيعي ولا يتجاوزوا على حقوق غيرهم وخاصة العرب السنة، والدول العربية تحصل لديها الجرأة والشهامة الكافية بحيث يساندوا العرب السنة المظلومين المضطهدين الواقعين بين مطرقة الشيعة وسندان داعش والتنظيمات المتطرفة. أين النخوة الإسلامية والشهامة العربية أن ينظروا إلى اخوتهم سواء في العراق أو في سوريا، العرب السنة الآن يتعرضون للإبادة والإمحاء من الوجود، فعلى كل من لديه غيرة وشهامة أن يتصدى لما يتعرض له السنة وأي مظلوم آخر، لكن السنة أخذوا حصة الأسد من الاضطهاد والإبادة والإمحاء من الوجود .

  •  قراءتك للمتغيرات التي تشهدها المنطقة وهل نحن مقبلون على خريطة جديدة لها تضعها القوى الكبرى؟

ـ هذا أحد الاحتمالات، لكن لا أعتقد أنه من الأمور السهلة أن تتغير خريطة المنطقة وتتوزع، وقديما نسمع بالشرق الأوسط الكبير والجديد، هناك مخططات ولا اقول أنه مستحيل فكل شئ ممكن في عصرنا هذا. لكن لا أعتقد أنه من السهل أن تتغير خارطة المنطقة ككل لكن ربما تتغير خريطة سوريا والعراق ربما، لكن كل المنطقة كما تريد إسرائيل وبعض دول المنطقة لا أعتقد أن هذا سهل. لأن تغيير الخريطة بصورة كلية يضر بمصلحة الجميع وخصوصًا الدول الكبرى والتي على وشك التصادم بسبب نزاعهم على مناطق النفوذ.

  

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة