سرقات غرامية
الأحد، 07 مايو 2017 09:30 صد. نجاح أحمد عبد اللطيف
اعتدت كل عام أن أبدأ محاضرات الترجمة بقصة بسيطة، سهلة المفردات والتراكيب حتى لا يهاب التلاميذ المادة -هم يهابون كل المواد تقريبا- ويقبلون عليها بحب وحماس، ولم أجد أسهل من قصة لطيفة عنوانها «لم أكن أتوقع» لأبدأ بها. تقول القصة:
كان جالسا فى القطار يطالع جريدة حين امتدت يدان من خلفه وغطتا عينيه، أُخذ الرجل من المفاجأة وتساءل وهو يحاول أن يحرر عينيه من اليدين العابثتين: من؟ فجاءته ضحكة ناعمة فى حين ظلت اليدان فى مكانهما، وقالت صاحبتهما فى شقاوة: خمن.
كل ما استطاع أن يخمنه أن صاحبة اليدين الناعمتين والصوت الرقيق لا بد أنها شابة بارعة الجمال، سرت فى جسده نشوة جعلته يختلق عشرات الأسماء ليستبقى اليدين الناعمتين أطول وقت ممكن، وكان من الطبيعى ألا تجد الفتاة اسمها بين هذه الأسماء المختلقة، سألته فى دلال تشوبه غيرة: كل هؤلاء نساء عرفتهن يا وين تسونغ؟!
فلما سمعها تدعوه «وين تسونغ» أدرك على الفور أنها أخطأت الرجل المقصود، ووجد نفسه مضطرا لأن يطلب منها أن ترفع يديها عن عينيه قائلا لها إنه ليس الرجل الذى تحسبه.
عندئذ رفعت الفتاة يديها عنه فإذا بها كما توقعها حسناء رائعة الجمال، نظرت إليه واعتذرت فى خجل ورقة قائلة: آسفة للغاية ظننتك وين تسونغ.
فأجابها الرجل قائلا: لا عليك آنستى، وهو فى قرارة نفسه يشعر بالحقد على هذا المدعو وين تسونغ.
وسرعان ما وصل القطار إلى محطة، فنزلت الفتاة وظل الرجل يراقبها حتى اختفت عن ناظريه.
فجأة اكتشف أن حافظة نقوده قد اختفت. هكذا الأمر إذن، وأنا من ظننت أن بينها وبين وين تسونغ هذا مسألة عاطفية فإذا بالمسألة اقتصادية بحتة.
فى كل مرة أترجم هذه القصة مع تلاميذى أنتظر أن يسألنى أحدهم، كيف سرقته ويداها على عينيه، غير أن أحدا لم يفعل.
مدرسة بكلية الألسن جامعة عين شمس