منه بدأت وانتهت.. مآذن «النوري» تعلن نهاية «داعش»
الإثنين، 13 مارس 2017 09:17 م
لم يكن يعلم أمير تنظيم داعش الإرهابي، أن الأيام ستدور عليه سريعًا، بعدما أعلن تأسيس ما أسماه «الدولة الإسلامية في العراق والشام – داعش»، من منبر الجامع النوري الكبير، أحد مساجد العراق التاريخية، أنها ستنهار بعد مرور ما يقرب من 3 سنوات، رغم مزاعمه بأنها «باقية وتتمدد».
يقول الشاعر الراحل أمل دنقل: «وها أنا في مقعدي القانط .. وريقة .. و ريقة ..يسقط عمري من نتيجة الحائط.. والورق الساقط يطفو على بحيرة الذكرى، فتلتوي دوائرا وتختفي.. دائرة .. فدائرة».. تلك الكلمات انطبقت على الإرهابي صاحب العمامة السوداء أبو بكر البغدادي، بعدما أوشكت القوات العراقية «قادمون يا نينوى» على تحرير مسجد النوري الكبير الذي أعلن منه «البغدادي» دولته.
لم يعد يفصل الجامع عن الجنود العراقيين سوى بضعة أمتار حسب ما تداولت مواقع عراقية، الأمر الذي يمثل ضربة قاصمة للتنظيم الذي تعمد الإعلان عن نفسه من المسجد الذي بناه نور الدين زنكي في القرن السادس الهجري، بتاريخ 4 يونيو 2014، لتكون رمزيته الدينية.
الجامع الكبير – أحد مسمياته، عمره يناهز 9 قرون، يُعتبر الجامع ثاني جامع يبنى في الموصل بعد الجامع الأموي، أعيد إعماره عدة مرات كانت آخرها عام 1944، يشتهر بمنارته «المحدبة» نحو الشرق، وهي الجزء الوحيد المتبقي في مكانه من البناء الأصلي.
هنا بدأ داعش
بعمامة وجلباب أسودان، كان الظهور الأول لـ «إبراهيم عواد إبراهيم علي البدري»، في خطبة يوم «الجمعة» 4 يوليو 2014، التي ألقاها في مدينة الموصل العراقية، وقتها سمى نفسه بكنيته «أبو بكر البغدادي القرشي» في مظهر هو أقرب إلى ما ظهر فيه خلفاء دولة بني العباس قبل مئات السنين، بحسب مراجع تاريخية.
«البغدادي» قلد ما فعله أبناء «أبو العباس عبد الله بن محمد»، في الكوفة في العراق، الذين ارتدوا الأسود يوم الإعلان عن دولتهم حتى سموا بـ «المسوّدة» في كتب التاريخ، وطلب أيضًا البيعة من العراقيين كما فعل أبناء أبو العباس.
في تسجيل مصور بثته وكالة «أعماق»، منبر داعش الإعلامي وقتها، قال فيه «البغدادي»: ما جاء على لسان الصحابي الجليل أبي بكر الصديق، عند تنصيبه أول خليفة على المسلمين: «إنه ابتلي بأمانة ثقيلة تتمثل في تنصيبه، ولّيت عليكم ولست بخيركم ولا أفضل منكم، أطيعوني ما أطعت الله فيكم فإن عصيته فلا طاعة لي عليكم».
أمير داعش أعلن في خطبته الانفصال عن تنظيم القاعدة الإرهابي، قبلها كان أمير «دولة العراق الإسلامية» خلفًا لأبي مصعب الزرقاوي في 2006.
3 أعوام من العنف
3 أعوام شهدت خلالها دولتي العراق وسوريا الكثير من العنف، خاصة في الحدود المتاخمة بدأت بإعلان «البغدادي» إلغاء المنطقة الحدودية بين الدولتين وإقامة «داعش» بدأت جغرافيًا بين مدينتي «الموصل» و«الرقة» السورية، واعتبارهما عواصمًا لتنظيمه.
التنظيم الإرهابي حاول التمدد خلال 2014 و 2015 في مدن الدولتين، وبالفعل نجح في السيطرة على العديد من المدن بمحافظتي «نينوى وصلاح الدين» واقترب من «بغداد»، إلا أن القوات العراقية والمدعومة بضربات التحالف الدولي – تم الإعلان عنه لمحاربة داعش في سبتمبر 2014 للحد من تمدد التنظيم، كذلك الحال في سوريا.
في 2015 أعلن داعش عن عاصمته الثالثة «سرت» في ليبيا، لكن سرعان ما انهارت قواه فيها بعد ضربات الجيش الليبي في عمليته «البنيان المرصوص» في 2016، وأصبح العام الماضي بداية السقوط.
وأصبح التنظيم محاصرًا الآن في الموصل العراقية، وتخوض القوات العراقية عمليات موسعة أسمتها «قادمون يا نينوى» بدأتها في 17 أكتوبر 2016، وحققت في عملياتها نجاحات كبيرة أسفرت عن سقوط المئات من عناصر التنظيم وفرار القيادات إلى وجهات غير معلومة – رجحتها القوات العراقية إلى سوريا.
هنا النهاية
«من هنا بدأ التنظيم وهنا النهاية».. عبارة امتلأت بها مواقع التواصل الاجتماعي مع أول الأخبار التي أكدت اقتراب القوات العراقية من جامع النوري الكبير، وتضمنتها تصريحات رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الذي قال إن العراق يخوض حربًا للقضاء على تنظيم «داعش» الإرهابي التي ستكون نهايتها في الموصل، مؤكدا أن القوات المسلحة العراقية تواصل انتصاراتها في المعارك ضد التنظيم، وتحرص على أمن المدنيين وتراعى حقوق الإنسان.