«صوت الأمة» على خط النار بالعريش.. 14 ساعة في مواجهة الإرهاب
الجمعة، 10 مارس 2017 05:36 مكتب- دينا الحسيني
ساحة حرب حقيقية.. فما بين فوارغ طلقات الرصاص الملقاة على الأرض، والعبوات الناسفة و«الدشم الحربية»، والعمارات المتهالكة من أثار الرصاصات وطلقات «الآر.بي.جي»، تغرق محافظة شمال سيناء، في حربها ضد الإرهاب.
9 ساعات.. هي مدة جولة المعاناة التي خاضتها مراسلة «صوت الأمة»، حتى تصل إلى ساحة الحرب في العريش، حيث بدأت الرحلة في الخامسة صباحًا، وكانت رحلة الشقاء من موقف «الترجمان»، حيث كان من المقرر أن تبدأ الجولة في تمام الساعة الخامسة صباحًا، إلا أنه تم تأجيلها حتى الساعة 7:30 صباحًا، بسبب إلغاء كافة الرحالات إلى سيناء وتخصيص رحلة واحدة كل يوم.
عقب جولة طويلة من الانتظار.. كانت أصوات «البولمان» كفيلة بأن تجذب أنظار المنتظرين.. ما بين 3 إلى 4 أشخاص يتهامسون: «متى تأتي وسيلة النقل؟».. وما بين الفرح بوصول «البولمان»، والخوف من المجهول، ركب الجميع منتظرون تحرك الرحلة.. 15 دقيقة كانت فترة الانتظار قبل أن تتحرك السيارة وتتوجه إلى «موقف النزهة»، لتستكمل باقي ركابها.. 5 دقائق وتحركت السيارة وعلى مقاعدها «15 شخصًا»، 4 سيدة، و11 رجلًا، معظمهم من أبناء العاصمة إلا أن عملهم في مدينتي «رفح، والشيخ زويد».
كان من اللافت للنظر انتظار السيارة على الرغم من تأكيد السائق أن السيارة جمعت كل المغادرين إلى «محافظة الحرب».. لحظات ودخل 3 أشخاص إلى السيارة، يمتلكون هيئة رسمية، توقفوا في وسط «البولمان».. ينظرون إلى الجميع ثم بدأوا يقتربون ويسألون كل شخص على حدا «بطاقتك أنت رايح العريش ليه؟»، كانت تلك هي الأسئلة التي وجهت إلى الجميع في 20 كمينا مر عليهم «البولمان» خلال رحلته إلى مدينة العريش، حيث كان من المقرر أن تستهلك الرحلة 3 ساعات ونصف، إلا أن إجراءات التفتيش جعلتها تمتد 9 ساعات كاملة.
4:20 عصرًا.. «سما العريش» كان أخر الأكمنة الأمنية التي تراها عين مراسل «صوت الأمة»، قبل أن تصل إلى مقر مديرية أمن شمال سيناء، بالإضافة إلى أنه المكان الوحيد الذي لا يزال يحظى بشكله الآدمي، حيث تعمل قوات الأمن على تأمينه من كافة الاتجاهات لضمان خروج جيلًا جديد قادرًا على أعمار العريش مرة أخرى.. 11 دقيقة حتى عبور أخر كمين قبل الجامعة، وقبل أن ترى عيناك مديرية الأمن ترى الحطام وأكوام كبيرة من السيارات التي تعرضت للتفجير على جانبي الطريق.
«عمارات محطمة.. فوارغ طلقات ملقاة على الأرض.. دشم حربية.. وهياكل عبواة ناسفة».. كانت أرض سيناء غارقة في مخلفات الحرب، ومن بعيد ترى مديرية الأمن يحيط بها حواجز أمنية خرسانية تجذب العين من على بعد قد يتجاوز الـ 100 متر.
«الغضب يملأ وجوه رجال الأمن لعدم نيلهم الشهادة».. ربما كانت تلك هي الانطباعات الأولى التي تلحظها علاوة على الجاهزية والاستعداد للتصدي إلى كل أعمال الإرهاب كافة وتطهير سيناء من كل الأعداء.
يقول أحد ضباط مديرية أمن شمال سيناء: «أنا لم أتمكن من رؤية أطفالي منذ شهرين، وعلى الرغم من أني أحد سكان سيناء إلا أنني حين أرغب في رؤيتهم أطالبهم بالذهاب إلى القاهرة، ثم ألحق بهم». واستكمل ضابط أخر أنه قال لزوجته: «أنا كده كده شهيد في سينا لازم إبني يطلع ضابط وقولي له بابا بيقولك لازم تخدم في شمال سينا»، مشيرًا إلى انه استكمل عمله في سيناء على الرغم من انتهاء فترة خدمته بها والتي تبلغ 3 سنوات، لافتًا إلى أن هذا هو حال معظم الضباط بالمديرية.
ما دفع «صوت الأمة»، للسفر إلى سيناء هو رصد الحالة الأمنية، وتأمين المقيمين في «ساحة الحرب»، من مسلمين وأقباط، ومن اللافت للنظر، هو أنه عقب دخول مراسل الجريدة إلى مقر مديرية الأمن علمت بخروج حملة أمنية بقيادة اللواء سيد الحبال، مدير أمن شمال سيناء، الذي ارتدى «الزي الميري»، ليوجه رسالة إلى الإرهاب أن رجال الأمن لن يدخروا جهدا في سبيل الدفاع عن المواطنين.
رافقه خلال الجولة كبار قيادات وزارة الداخلية، وعلى رأسهم اللواء جمال عبدالباري، مدير مصلحة الأمن العام، واللواء هشام عباس، مدير الأمن المركزي، والذين تركوا مكاتبهم بوزارة الداخلية بالقاهرة لمشاركة رجال سيناء في عملية السيطرة على العريش، بالإضافة إلى اللواء مصطفى رجائي، مساعد الوزير للأمن المركزي بسيناء، واللواء أحمد السراج مدير الأمن المركزي بشمال سيناء، واللواء خالد الجبيلي، مدير مباحث شمال سيناء.
بدأت حملة المداهمات على مدار الساعة، بأحياء «السلايمة، والسمران، والصفا، والزهور، وأسيوط»- التي شهدت مصرع مفتش الأمن العام، العقيد ياسر الحديد، في انفجار عبوة ناسفة، مساء الأربعاء، بالإضافة إلى «الطريق الساحلي»، بدائرة أسم ثالث العريش، والذي شهد استشهاد ضابطي الأمن المركزي.
جدير بالذكر أن إحدى الجولات الأمنية رفض رجال الأمن مشاركة مراسل «صوت الأمة»، معللين أنها منطقة عمليات، وفي أثناء الجولة تعرضت بالفعل المدرعات الأمنية إلى إطلاق نار كثيف، بالإضافة إلى تعرض إحدى المدرعات إلى طلقة نارية بـ «آر.بي.جي»، كادت أن تودي بحياة حكمدار شمال سيناء، اللواء رفعت خضر، إلا أن المأمورية عادت سالمة.