بعد عامين على دعوة الرئيس لتجديد الخطاب الديني.. ماذا فعلت المؤسسات الدينية؟ (تقرير)
السبت، 10 ديسمبر 2016 01:05 م
عامين مرا على ثورة التجديد في الخطاب والفكر الديني، التي دعا إليها الرئيس عبد الفتاح السيسي، قادة وعلماء الأزهر، حينما قال لهم: «أنتم مسؤولون عن تجديد الخطاب الديني، وتصحيح صورة الإسلام، وسأحاجيكم أمام الله»، فماذا قدم الأزهر خلال العامين لتلبية الدعوة؟
استراتيجية الأزهر التي أطلقها من أجل ثورة التجديد تأخرت كثيرا، فما بين إطلاق المبادرة في 2015، وحتى إعلان الأزهر لاستراتيجيته في يونيو 2016، عام كامل، ومنذ الإعلان عنها لم يتم تنفيذ بند واحد منها.
غياب الرؤية
الصراع بين الأزهر والأوقاف، كان له أثر كبير في التضارب بين المؤسسات الدينية في عدم اتضاح رؤية التجديد، فبدلا من الاندماج والانصهار والعمل جنبا إلى جنب، غلب عليها طابع الصراع، بعدما انتقد شيخ الأزهر مؤتمر الإفتاء الأخير، وبدا هذا الطابع واضحا بعد حالة الإقصاء ما بين الأزهر والأوقاف في تشكيل اللجان الداخلية لكل منهما.
اللقاءات التي عقدها الأزهر مع المثقفين والمفكرين لتجديد الخطاب الديني، هي الأخرى لم تأتي بجديد، وكانت مجرد جلسات نقاشية وحوارات ناقدة، لم يتم الخروج منها بأي شيء، وحتى اللجنة العليا للدعوة بالأزهر، ومجمع البحوث الإسلامية، لم تدرجهم المشيخة في استرتيجيتها لتجديد الخطاب الديني.
الدور الإعلامي
التعامل الإعلامي للأزهر، والرقابة التي يفرضها الأزهر على الإعلام والفن والثقافة، والحملات الإعلانية التي تكلفت الملايين، وإنشاء قناة الأزهر الشريف التي أعلن عنها الأزهر منذ 2012 وحتى الآن لم تخرج إلى النور، وجميع التمويلات المالية للأزهر تذهب في طريقها لتجديد وترميم المباني والإنشاءات المعمارية.
حوارات مجتمعية
ماذا قدم الأزهر لتجديد الخطاب والفكر الديني، بهذا السؤال توجهنا إلى الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر، الذي قال لبوابة «صوت الأمة» إن الأزهر منذ الإعلان عن ثورة التجديد وهو يقوم بدوره في هذا الشأن، فالإمام الأكبر شيخ الأزهر يسير وفق رؤية واضحة، ويعقد حوارات مجتمعية، وحوار الشرق والغرب، والمؤتمرات الخارجية العالمية التي يشارك فيها الأزهر، والقوافل الدينية في الداخل والخارج.
وأرجع شومان تأخر إعلان الأزهر لاستراتيجيته إلى المعوقات التي تعرض لها الأزهر خلال الفترة الماضية، مضيفا: «الأزهر يحارب وحده جميع أشكال التطرف الفكري والديني في العالم كله».
تنقيح المناهج
ونوه أن ما حدث منذ إعلان الأزهر عن استراتيجيته يفوق التقديرات، مبينا أن مناهج الأزهر سواء الجامعي وقبل الجامعي تم تنقيحها بالكامل، وهناك لجان تقوم بعملها في هذا الصدد، وانتهت في فترة وجيزة من أكثر من 90% منها.
ونفى شومان وجود أي صراع بين الأزهر والمؤسسات الدينية الأخرى، مؤكدا أن الأزهر ووزارة الأوقاف ودار الإفتاء يعملون جنبا إلى جنب، وتتكاتف جهودهم، وقال إن ما حدث في المجلس الأعلى للشئون الإسلامية لم يكن إقصاء، وإنما اعتذارا من كبار علماء الأزهر وقياداته لأن المشيخة بها مهام أخرى تسعى إلى تنفيذها.
وعن التعامل الإعلامي قال شومان، إن الأزهر يعي أهمية دور الإعلام جيدا، ولهذا يسعى إلى عمل آلية إعلامية قوية تصل للعالم كله، بدأت بالمرصد الذي يصدر بلغات العالم المختلفة، بالإضافة لمركز إعلامي متكامل، ويستعد لقناة الأزهر، لتكون قناة عالمية تبث أفكارها في العالم كله وبلغات مختلفة، منوها أن استراتيجية الأزهر انتهى 90% منها في إطار التجديد في الفكر والخطاب الديني، وشدد على أن الأزهر لا يصادر فكرا، ولا يراقب عملا، وإنما يقوم بالتصحيح فقط.
المرأة الواعظة
الدكتور عبد العزيز النجار مدير الدعوة بمجمع البحوث الإسلامية قال لبوابة «صوت الأمة»، إن مؤسسات الأزهر جميعها تسير وفق الاستراتيجية التي أعلنها الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، لتجديد الخطاب الديني، مبينا أن مجال الدعوة في الأزهر يعمل بقدر كبير، وبطاقة أكبر من قبل، وفتح المجال أمام المرأة لتكون واعظة للوصول إلى سيدات المجتمع جميعهن.
وتابع مدير الدعوة بالأزهر، أن علماء الوعظ، ولجان الفتوى، ومكاتب بيت العائلة بالمحافظات يؤدون دور كبير في التواصل مع جميع فئات المجتمع، وتركيزهم على الشباب، والتواصل معهم، مشيرا إلى أن وعاظ الأزهر تواصلوا مع الشباب في الأندية ومراكز الشباب وفي المساجد والشوارع والمقاهي، وفي كل مكان لتبصيرهم وتعريفهم بالفكر الصحيح.
تكليف لا رسالة
على الجانب الآخر يرى الدكتور أحمد كريمة الأستاذ بجامعة الأزهر، أن العمل الذي يقوم به الأزهر في ملف تجديد الخطاب الديني يحتاج إلى آليات أكثر سرعة مما يقوم به الآن، مشيرا إلى أن الأزهر يتعامل مع التجديد على أنه تكليف وليس رسالة منوط به أن يؤديها.
وقال كريمة إن حالة الإقصاء التي يعيشها الأزهر لن تمنحه فرصة التجديد، فلابد أن يكون هناك تكاتف بين الأزهر ومؤسسات الدولة الأخرى، ولابد أن يكون هناك نشاطا مكثفا للأزهر في هذا الملف، وأن يتيح الفرصة أمام علماء الأزهر جميعا للمشاركة في هذا العمل، ويعتبرها رسالة وليست تكليف.
وأشار كريمة إلى ضرورة ألا يكون هناك إقصاء لأي طرف أيا كان، وأن يعمل الأزهر على حماية الفكر الديني من التيارات المتشددة وبخاصة الجماعات المتسلفة، ولا يفسح أمامهم الطريق، حتى لايهدموا مايقوم به الأزهر.